لم يمر وقت طويل منذ أن بدا وكأن لعبة Cyberpunk 2077 قد طوت صفحتها الأخيرة بعد إصدار توسعة Phantom Liberty، حيث شعر كثير من اللاعبين بأن الاستوديو أنهى رحلته أخيرا مع هذا العالم، خصوصا بعد إعلان CD Projekt Red أن الدعم الكبير والعميق للعبة قد وصل إلى نهايته، وأن ما سيأتي لاحقا سيكون محدودا أو مجرد إصلاحات خفيفة. لكن الأمور عادت لتتحرك من جديد مع اقتراب شهر دجنبر، وهو الشهر الذي يحمل ذكرى مرور خمس سنوات على إطلاق اللعبة. وهذا التوقيت لم يكن يوما تفصيلا عابرا بالنسبة لمحبي هذا العالم، لأن اللعبة خرجت لأول مرة في العاشر من دجنبر سنة عشرين عشرين، وهي لحظة لا يمكن فصلها عن تاريخ اللعبة المضطرب والتحولات الكبيرة التي مرّت منها منذ تلك الفترة. وهنا ظهرت تغريدة غامضة من الفريق، جعلت النقاش يعود بقوة بين اللاعبين، وبدأت التخمينات تختلف وتتشعب بين من يرى أن الأمر مجرد إحياء بسيط للذكرى، ومن يعتقد أن هناك شيئا فعليا قادما، ربما يكون أكبر مما نتوقع.
ما جعل الضجة تتصاعد أكثر هو أن التغريدة لم تكن مجرد تهنئة أو رسالة ودية للمتابعين، بل كانت مرتبة بطريقة توحي بأن هناك حدثا منظما ينتظر الكشف عنه. فقد تضمنت أسماء شخصيات رئيسية في عالم Phantom Liberty، مثل Solomon Reed الذي لعب دورا مهما في التوسعة وأصبح مرتبطا بشكل قوي بمرحلة ما بعد التوسعة، إضافة إلى Song So Mi التي تحمل ارتباطات مباشرة بقصة لعبة Cyberpunk 2077 وتعتبر واحدة من الشخصيات التي بقي حضورها مؤثرا في ذاكرة من أنهى القصة. ووجود هذه الشخصيات في التغريدة لم يظهر بشكل عشوائي، بل كان مقرونا بتواريخ بث مرتبة بطريقة لافتة. الأمر بدأ ببث يوم الأربعاء عشرة دجنبر، يليه بث آخر في الثاني عشر من دجنبر، ثم بث ثالث في التاسع عشر من دجنبر. هذا التنظيم لا يشبه أبدا التحية المعتادة لذكرى إطلاق لعبة، بل يعطي انطباعا واضحا بأن هناك محتوى يتصاعد تدريجيا، كما لو أن الفريق يبني جسرا نحو إعلان معين، أو على الأقل يكشف تفاصيل تدريجيا حول شيء جديد سيتم تقديمه للعبة.
في الوقت الذي يحاول فيه اللاعبون تفسير هذا الخط الزمني، بدأ كثير منهم يعيدون النظر في الطريقة التي تعامل بها CD Projekt Red مع اللعبة خلال السنوات الماضية. فعلى الرغم من المشاكل الكبيرة التي رافقت إصدار اللعبة في البداية، والتي جعلتها واحدة من أكثر الإصدارات إثارة للجدل في تاريخ الألعاب الحديثة، إلا أن الاستوديو استمر في دعم اللعبة لسنوات طويلة وتحسينها من جذورها إلى درجة جعلت كثيرين يعتبرون Cyberpunk 2077 اليوم لعبة مختلفة تماما عن تلك التي صدرت أول مرة. من هنا جاءت توقعات اللاعبين بأن الذكرى الخامسة قد تحمل محتوى جديدا، وربما منطقة جديدة في مدينة Night City، أو على الأقل تحديثا يضيف خيارات قصصية إضافية. بعض النقاشات وصلت إلى حد الاعتقاد بأن Phantom Liberty قد لا تكون التوسعة الأخيرة رغم تصريحات الاستوديو السابقة، وأن هناك احتمالا لوجود محتوى خفيف لكنه مهم، سواء كان عبارة عن مهام جديدة أو مقطع سينمائي إضافي يغلق واحدا من المسارات المفتوحة في القصة.
واحدة من أبرز الفرضيات التي تداولها اللاعبون هي فكرة تقديم نهاية رسمية لقصة Phantom Liberty، وهي فكرة ليست غريبة تماما، لأن اللعبة تركت أكثر من باب مفتوح، وطرحت اختيارات مختلفة يمكن أن تكون لها امتدادات مستقبلية. بعض المحتوى السابق للعبة، مثل التحديث الضخم الذي حمل رقما كبيرا وغير أسلوب اللعب، كان قد جاء بطريقة مشابهة، أي عبر سلسلة من التلميحات المنظمة التي بدأت صغيرة قبل أن تتحول إلى إعلان فعلي. ولهذا يرى كثيرون أن الاستوديو ربما يعيد استخدام نفس الأسلوب، خاصة أن Cyberpunk 2077 أصبحت اليوم رمزا لتحول الاستوديو نفسه، من لعبة لم تكن جاهزة عند الإطلاق، إلى تجربة استطاعت أن تعيد ثقة اللاعبين تدريجيا عبر تحسينات ضخمة وأداء مستقر ومحتوى جديد وصل إلى مرحلة نجح فيها في كسب جوائز عديدة.
الجانب الآخر من التوقعات يتعلق بإمكانية إضافة منطقة جديدة داخل Night City، وهو أمر لا يزال غير مؤكد وغير سهل من الناحية التقنية، لكنه يظل أحد أكثر المطالب تكرارا بين اللاعبين. البعض يرى أن إضافة كهذه قد تكون صغيرة الحجم لكنها مهمة في تحسين تجربة الاستكشاف أو كشف جزء جديد من قصة الشخصيات. وهناك من يعتقد أن الاستوديو قد يضيف منطقة قابلة للاستكشاف لكنها ليست كبيرة، أو ربما مساحة مرتبطة بمهمة محددة تظهر مرة واحدة فقط. هذه النوعية من المحتوى لا تحتاج دائما إلى توسعة ضخمة، ويمكن إضافتها عبر تحديث مناسب بمناسبة الذكرى الخامسة. في المقابل، هناك آراء أكثر تحفظا ترى أن الأمر قد يكون مجرد بثوث خاصة بالاحتفال ولقاءات مع ممثلي أصوات الشخصيات أو المطورين الذين عملوا على الجزء الأخير من اللعبة.
لكن رغم هذه الاختلافات، هناك نقطة واحدة يتفق عليها معظم المهتمين باللعبة. وهي أن CD Projekt Red لم يرسل هذا النوع من التلميحات بطريقة عشوائية من قبل، خصوصا عندما يتعلق الأمر بشيء غير مهم. وحتى عندما يكون المحتوى صغيرا، فإنه عادة يحمل قيمة لعشاق اللعبة ويضيف شيئا لرحلتهم في Night City. ولهذا السبب تحديدا، ينتظر اللاعبون الأسبوع المقبل بشغف، لأن التواريخ المذكورة رسميا تشير إلى أن الأحداث ستبدأ قريبا جدا، وقد نشهد إعلانا قد لا يكون ضخما لكنه مهم بما يكفي ليعيد اللعبة إلى الواجهة مرة أخرى، خاصة في وقت أصبح فيه اسم Cyberpunk 2077 مرتبطا بمرحلة النضج والإصلاح أكثر مما كان مرتبطا بمشاكل الإطلاق.
في النهاية، يمكن القول إن الذكرى الخامسة قد تتحول إلى لحظة فاصلة جديدة في مسار اللعبة، سواء جاء التحديث كبيرا أو صغيرا، وسواء حمل معه محتوى لعب أو مجرد لمسة قصصية إضافية تعزز عالم اللعبة. المهم أن التلميحات موجودة، والاهتمام حاضر، واللاعبون مستعدون لرؤية ما إذا كان الفريق سيقدم شيئا مختلفا عن الاحتفالات المعتادة، أم سيكتفي بالإشارات الرمزية دون محتوى فعلي. ومع كل ذلك، يبقى من الواضح أن Cyberpunk 2077 لم تفقد بريقها حتى الآن، وأن عالم Night City ما زال قادرا على جذب المتابعين وإثارة النقاش بمجرد تغريدة واحدة منظمة بشكل غامض.