تقنية جديدة من Nvidia لمراقبة مكان وجود الرقائق ومنع تهريبها

تقنية جديدة من Nvidia لمراقبة مكان وجود الرقائق ومنع تهريبها

تعود Nvidia إلى الواجهة من جديد، وهذه المرة عبر خطوة تقنية فريدة قد تُعيد صياغة العلاقة بين الشركات المصنعة للمعالجات المتقدمة والحكومات التي تفرض قيودًا على تصديرها. فخلال الأشهر الماضية، وبحسب ما نقلته مصادر مطلعة لوكالة رويترز، عرضت الشركة الأمريكية ميزة جديدة لم تكشف عنها رسميًا بعد، تسمح بالتحقق من الموقع الجغرافي للرقائق التي تُشغّل نماذج الذكاء الاصطناعي أو الخوادم فائقة الأداء. هذه الميزة، التي تعمل عبر آليات حوسبة سرية مدمجة داخل وحدات معالجة الرسومات GPUs، ليست مجرد تحديث برمجي بسيط، بل تُشير إلى بداية مرحلة قد تتمكن فيها الشركات من مراقبة رقائقها حتى بعد بيعها. وتبدو الفكرة في ظاهرها أشبه بما تفعله بعض الألعاب التي تتحقق من موقع اللاعب لتفعيل محتوى معيّن، لكن الأمر هنا يتعلق بقطع حساسة ذات قيمة استراتيجية عالية، وهو ما يجعل التقنية الجديدة حدثًا محوريًا في عالم الشرائح المتقدمة. وتؤكد المعلومات المتداولة أن Nvidia قدمت هذه الميزة لبعض العملاء الكبار سرًا، ضمن عروض خاصة ركزت على كيفية تتبّع أداء الرقاقة وموقعها الجغرافي لحظة بلحظة، بهدف منع وصولها إلى دول خاضعة لحظر التصدير. ويشير كثير من المحللين إلى أن هذه الخطوة قد تكون ردًا على تكرار حالات تهريب الرقاقات المتطورة، خاصة بعد التقارير التي انفجرت خلال العام الماضي حول وصول شرائح محظورة إلى مناطق لا يُسمح لها قانونيًا بالحصول عليها. ولذلك يبدو أن Nvidia تحاول أن تطمئن الحكومة الأمريكية، وفي نفس الوقت تحافظ على علاقاتها التجارية مع شركاء عالميين يطالبون بضمانات تقنية دقيقة، خصوصًا في ظل تنافس شديد بين لاعبين كبار مثل Huawei وAMD.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها رويترز، تعتمد هذه الميزة الجديدة على قياس زمن التأخير في الاتصال بالخوادم الخاصة بـNvidia، وهي خوادم تُستخدم عادة لمراقبة حالة الشرائح وتحديثاتها. من خلال تحليل هذا الزمن، يمكن للبرنامج أن يستنتج الدولة التي تتواجد فيها الرقاقة بدقة كبيرة، بطريقة تشبه ما تقوم به بعض خدمات الإنترنت التجارية في تحديد مواقع الأجهزة. ويؤكد مسؤول داخل Nvidia أن الشركة صممت هذا النظام ليكون جزءًا اختياريًا يمكن للعملاء تثبيته على حسب حاجة مراكز البيانات، خصوصًا تلك التي تتعامل مع آلاف الوحدات في آن واحد. ويقول هذا المسؤول إن الهدف الأساسي هو تمكين الشركات من تتبّع الأداء الإجمالي لوحدات GPU داخل البنية التحتية الخاصة بها، وهو أمر حاسم في عالم مراكز البيانات السحابية حيث تتوزع المعالجات على مواقع مختلفة وقد تُستخدم لأحمال متنوعة ومتغيرة باستمرار. ولو حاولنا تبسيط الفكرة للقارئ العام، يمكن تشبيه هذه التقنية بنظام مراقبة داخل حاسوب ألعاب ضخم، يتيح معرفة أداء كل بطاقة رسومية أينما كانت داخل الشبكة، لكن بشكل أكثر تعقيدًا وحساسية. ومع ذلك، فإن هذه الوظيفة التي تبدو موجهة في الظاهر للشركات التقنية الضخمة، تحمل في طياتها دورًا تنظيميًا وسياسيًا واضحًا، لأن القدرة على تحديد موقع الرقاقة قد تمنع بيعها إلى جهة تحاول تهريبها خارج الحدود المسموح بها. ولأول مرة، يصبح بالإمكان ربط الموقع الجغرافي مباشرة بمستوى الأداء، وبذلك تستطيع Nvidia التأكد من أن المعالج الذي تبيعه لا ينتهي في دولة محظور التعامل معها.

ومن الجوانب المهمة في هذا التطوير أن Nvidia لم تطرح التقنية بشكل عام حتى اللحظة، بل قدمتها ضمن عروض مغلقة لبعض الجهات المختصة، بينما لم تُعلن عنها عبر موقعها الرسمي أو قنواتها الإعلامية المعتادة. السبب وراء ذلك، وفق مصادر مطلعة، يعود إلى حساسية الموضوع، إذ تخشى الشركة أن يُنظر إلى التقنية على أنها أداة مراقبة دولية أو وسيلة تتبع تتجاوز حدود الاستخدام التقني. وهذا بدوره قد يثير اعتراضات من بعض الحكومات التي ترى في هذه الممارسات امتدادًا لنفوذ الشركات الأمريكية في المجال الرقمي. ومع ذلك، يبقى من الواضح أن النظام الجديد يستفيد من إمكانات الحوسبة السرية داخل وحدات GPU، وهي قدرات متقدمة تسمح بإجراء عمليات معقدة مثل التحقق، والتشفير، وفحص سلامة البيانات من دون تعريضها لأي مخاطر تسريب. ويمكن القول إن Nvidia تستغل التقدم الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي ليس فقط لتحسين أداء المعالجات، بل أيضًا لتطوير أدوات حماية وتنظيم تسهّل على الشركات إدارة معداتها في ظل القيود القانونية الجديدة. وقد أثار هذا الوضع نقاشات واسعة بين خبراء الأمن السيبراني الذين رأوا أنه إذا كانت الشركة قادرة على تحديد موقع الرقاقة بدقة، فقد تطور لاحقًا إمكانات أوسع تتعلق بالتحكم أو الإيقاف عن بعد، وهو سيناريو يقلق بعض المستخدمين ويطمئن آخرين. ولذا فإن العديد من الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تعتمد على وحدات GPU في خدماتها السحابية، بدأت بالفعل في مراجعة تفاصيل الشروط التقنية المرتبطة بالتحديث الجديد لتقييم مدى تأثيره على خصوصية المعدات وعلى استقلالية أنظمة التشغيل الخاصة بها.

وتُظهر التفاصيل التي قدمتها Nvidia أنها تعتبر الميزة الجديدة جزءًا من خدمة برمجية واسعة تهدف إلى تحسين مراقبة مخزون وحدات GPU داخل مراكز البيانات. الشركة قالت في بيان رسمي: «نحن بصدد تطبيق خدمة برمجية جديدة تُمكّن مُشغّلي مراكز البيانات من مراقبة حالة ومخزون وحدات معالجة الرسومات GPUs الخاصة بالذكاء الاصطناعي بالكامل». هذا الاقتباس يعكس التوجه الذي تتبناه Nvidia في المرحلة المقبلة، حيث تسعى إلى الانتقال من مجرد شركة تصنّع الشرائح إلى مزوّد لخدمات مراقبة وإدارة متكاملة للمعدات، وهو اتجاه مشابه لما نراه في عالم ألعاب الفيديو عندما تتحول الشركات إلى تقديم خدمات مستقلة تواكب أجهزتها، كخدمات التحديث المستمر أو البنية السحابية. ومع أن البيان يبدو عامًا ومباشرًا، إلا أنه يحمل بين سطوره تلميحات إلى أن الشركة تمضي تدريجيًا نحو نموذج أعمال جديد يتضمن مراقبة شاملة للعتاد، خصوصًا في وقت أصبحت فيه الشرائح المتقدمة جزءًا أساسيًا من المنافسة الاقتصادية العالمية. أما من جهة الحكومات، فهذه التقنية قد تعني مستوى أعلى من الضبط، وهو ما قد يُرضي بعض الجهات الأمريكية التي تضغط لفرض رقابة صارمة على انتقال تقنيات الذكاء الاصطناعي نحو دول معيّنة. ومن المتوقع أن تُساهم هذه المراقبة في تقليل عدد حالات التهريب التي أثارت جدلًا واسعًا خلال الفترات الماضية، خصوصًا بعد انتشار أنباء عن وصول شرائح متقدمة إلى دول خاضعة للعقوبات رغم القيود التي تفرضها واشنطن. ويبدو أن Nvidia تحاول عبر هذه الميزة أن تحقق توازنًا بين متطلبات السوق ورغبة الحكومات في ضبط انتقال التكنولوجيا الحساسة.

ومع اتساع سباق الذكاء الاصطناعي بين الشركات العالمية، تبدو خطوة Nvidia بمثابة محاولة لضبط إيقاع هذا السباق ومنع أي اختلالات قد تؤثر على الأسواق. فالشركات الصينية مثل Huawei تعمل الآن بوتيرة سريعة للحاق بقدرات Nvidia وAMD، ومع استمرار القيود الأمريكية، تبحث هذه الشركات عن كل منفذ ممكن للحصول على وحدات GPU عالية الأداء، سواء بشكل رسمي أو عبر طرق بديلة. هذا الوضع يجعل السوق في حالة توتر دائم، إذ ترغب الشركات في الاستمرار في تطوير نماذجها الضخمة، بينما ترغب الحكومات في الحفاظ على السيطرة على هذه التقنيات. لذلك قد تكون تقنية التحقق من الموقع التي طورتها Nvidia أداة محورية في السنوات المقبلة، ليس فقط لحماية مصالح الشركات، بل أيضًا لإعادة رسم خريطة العلاقات التقنية بين الدول الكبرى. ومع انتشار الحديث عن هذه الميزة، بدأت بعض المؤسسات التقنية في التساؤل عن تأثيرها على الخصوصية والشفافية، وحول ما إذا كانت ستبقى اختيارية حقًا أم ستصبح جزءًا أساسيًا من كل وحدة GPU جديدة. وفي نفس الوقت، قد يُنظر إليها بوصفها وسيلة لحماية الصناعة من الفوضى التي يمكن أن تحدث إذا استمرت عمليات التهريب على نطاق واسع. وفي النهاية، تبدو التقنية الجديدة خطوة منطقية في ظل سياق عالمي حساس يتداخل فيه الاقتصاد بالتكنولوجيا بالسياسة، ومن الطبيعي أن تسعى Nvidia إلى تقديم حلول تجعلها لاعبًا رئيسيًا ليس فقط في الأداء التقني، بل في ضبط السوق وإدارة تدفق الرقاقات على مستوى عالمي، خاصة في فترة تتقدم فيها الذكاء الاصطناعي بسرعة غير مسبوقة وتتشكل فيها تحالفات جديدة كل شهر تقريبًا داخل قطاع التكنولوجيا الحديثة.

Related posts

عودة محتملة لـ Will Smith في مشروع جديد لسلسلة Men In Black

Paramount تتحرك للاستحواذ على Warner Bros Discovery في صفقة تاريخية

قطر تدخل سباق الذكاء الاصطناعي عبر تأسيس شركة QAI