(ح9) مستقبل سوق العمل في عصر الذكاء الاصطناعي.. ماذا عن الفرص والتحديات المقبلة مع صعود الأتمتة؟

عن : “medium.com”

  تعمل الأتمتة والذكاء الإصطناعي (AI) على تحويل الأعمال التجارية بسرعة، و ستساهم في النمو الإقتصادي من خلال المساهمة في الإنتاجية. كما أنهم سيساعدون في معالجة التحديات المجتمعية “الهائلة” في مجالات تتنوع من الصحة إلى تغير المناخ. في الوقت نفسه، ستغير هذه التقنيات طبيعة العمل ومكان العمل نفسه، و ستكون الآلات قادرة على تنفيذ المزيد من المهام التي يقوم بها البشر، و إستكمال العمل الذي يقوم به البشر، و حتى أداء بعض المهام التي تتجاوز ما يمكن للبشر القيام به. نتيجة لذلك، ستتراجع شعبية بعض المهن و سيصعد بعضها الآخر، وفي الأخير سنشهد الكثير من التغييرات.

*صعود الأتمتة: كيف يغير الذكاء الاصطناعي طبيعة العمل؟

  يتغير سوق العمل العالمي، نتيجة زيادة الأتمتة و إستخدام الذكاء الإصطناعي (AI) في مساحات العمل. تتولى الأتمتة الآن المهام التي كان يؤديها الإنسان سابقا، مما يزيد من الإنتاج و الكفاءة في العمل. و مع ذلك، فإن هذا التحول يخلق أيضا تحديات جديدة للعمال والشركات على حد سواء. أحد أكبر التغييرات الناتجة عن الذكاء الإصطناعي و الأتمتة هو تغيير الأدوار الوظيفية التقليدية. على سبيل المثال، في صناعات مثل “التصنيع”، يتم إستبدال عمال خطوط التجميع بالروبوتات التي يمكنها أداء المهام  بشكل أسرع و أكثر دقة. و بالمثل، في صناعة “النقل”، تحل السيارات و الشاحنات ذاتية القيادة محل السائقين البشريين.

  على الرغم من أن هذه الأتمتة يمكن أن تعزز الإنتاجية و تخفض التكاليف، إلا أنها تثير أيضا تساؤلات حول فقدان الوظائف و متطلبات الأفراد لإكتساب مهارات جديدة. يجب أن يكون العمال مستعدين للتكيف مع الطبيعة المتغيرة لمكان العمل. يؤدي نمو التكنولوجيا إلى تغيير نوع العمل الذي يقوم به البشر بالإضافة إلى إلغاء الوظائف في بعض الأحيان. بالإضافة إلى إزاحة (إلغاء) الوظائف، فإن ظهور الأتمتة يغير أيضا طبيعة العمل الذي يقوم به البشر. فبدلا من التركيز على المهام اليدوية، يتم تكليف العمال بشكل متزايد بإدارة الآلات التي تؤدي هذه المهام والإشراف عليها. لذلك، هناك حاجة إلى مجموعة جديدة من القدرات لهذا التحول والكفاءات مثل “تحليل البيانات” و “إستكشاف الأخطاء التقنية و إصلاحها”  و “إتخاذ القرارات الإستراتيجية” الصائبة. على الرغم من الصعوبات الناجمة عن زيادة الأتمتة، هناك أيضا العديد من الفرص للعمال والشركات للإزدهار في عصر العمل الجديد هذا. من خلال تبني الذكاء الاصطناعي والأتمتة، قد تزيد الشركات الإنتاجية و تقلل التكاليف و تخلق فرصا جديدة للتطوير.

*الإستعداد بالإستثمار في التعليم  و التدريب :

  تحتاج الشركات و الحكومات إلى الإستثمار بشكل أكبر في برامج التعليم والتدريب التي ستجهز الناس لعصر الذكاء الإصطناعي حيث يتم تحويل مكان العمل بشكل تدريجي من خلال دمج الذكاء الاصطناعي (AI) و الأتمتة. أحد التحديات الرئيسية في عصر الذكاء الاصطناعي هو إزاحة الوظائف التقليدية و ظهور أخرى تستند إلى التقنية الجديدة. لإعداد القوى العاملة لهذه التغييرات، يجب على الشركات و الحكومات الإستثمار في برامج التعليم و التدريب التي تزود العمال بالمهارات و المعرفة التي يحتاجونها للنجاح في هذه البيئة الجديدة.

  يمكن أن يتخذ هذا الاستثمار أشكالا عديدة، تتنوع من التعليم التقليدي القائم على الفصول الدراسية إلى منصات التعلم عبر الإنترنت و برامج التدريب المهني. من خلال تزويد العمال بإمكانية الوصول إلى هذه الموارد، يمكن للشركات ضمان بقاء قوتها العاملة قادرة على المنافسة و قابلة للتكيف في مواجهة التغيير التكنولوجي. علاوة على ذلك، من خلال منح العمال المهارات التي يحتاجون إليها للإنتقال إلى مناصب أخرى، يمكن أن تساعد برامج التعليم و التدريب في تهدئة المخاوف بشأن فقدان الوظائف. على سبيل المثال، قد يتمكن العمال الذين كانوا يعملون في وظائف التصنيع التقليدية من إعادة تدريبهم على أدوار في “تحليل البيانات” أو “الدعم الفني”. يمكن أن تساعد برامج التعليم و التدريب في تطوير قدرات التفكير النقدي و حل المشكلات، و التي تعتبر ضرورية للنجاح في عصر الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى القدرات التقنية، يمكن أن تساعد هذه البرامج الموظفين في التكيف مع الظروف المتغيرة و إكتشاف طرق جديدة لتقديم قيمة لمنظماتهم من خلال التأكيد على الإبداع و العمل الجماعي و الابتكار.

*تحديد الصناعات الناشئة والأدوار الجديدة

  في حين أن دمج الذكاء الإصطناعي (AI) و الأتمتة يغير بلا شك طبيعة العمل، فإنه يخلق أيضا فرصا جديدة لخلق فرص العمل و النمو الإقتصادي. مع بدء الشركات و الحكومات في تبني هذه التقنيات، فإنها تحدد الصناعات الناشئة و الأدوار الجديدة التي تتطلب مجموعة متنوعة من المهارات و الكفاءات.

  أحد المجالات الرئيسية للنمو في عصر الذكاء الإصطناعي، هو تطوير و تنفيذ أنظمة الذكاء الإصطناعي نفسها، و يتضمن ذلك أدوارا مثل “علماء البيانات” و “مهندسي التعلم الآلي” و “مطوري الذكاء الإصطناعي” المسؤولين عن تصميم و بناء الأنظمة التي تدعم تقنيات الذكاء الإصطناعي. بالإضافة إلى هذه الأدوار الفنية، فإن عصر الذكاء الإصطناعي يخلق أيضا فرصا جديدة في مجالات مثل الرعاية الصحية و التمويل و خدمة العملاء.

  يتم إستخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الرعاية الصحية، على سبيل المثال ل”إنشاء برامج علاج فردية” و “فحص التصوير الطبي” و “إكتشاف المشكلات الصحية الكبيرة”. على غرار كيفية إستخدامه في مجالات أخرى، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في التمويل لتقييم “أنماط السوق”  و “إكتشاف الإحتيال” و “إنشاء إستراتيجيات الإستثمار”. تحتاج الشركات و الحكومات إلى الإنفاق بشكل أكبر على برامج التعليم و التدريب التي توفر للعمال المهارات التي يحتاجون إليها للنجاح، تزامنا مع إستمرار ظهور هذه الصناعات و الوظائف الجديدة، قد تخلق الشركات والحكومات آفاقا جديدة لخلق فرص العمل و النمو الاقتصادي من خلال إعطاء الأولوية لقطاعات النمو هذه والإستثمار في إنتاج تكنولوجيا جديدة.

*الإبحار في المخاوف الأخلاقية

  تعد إمكانية التحيز و التمييز إحدى المشكلات الرئيسية في الذكاء الاصطناعي والأتمتة، نظرا لأن هذه التقنيات يمكن أن تكون دقيقة فقط مثل البيانات التي يتم تدريبها عليها، يمكن أن تؤدي “البيانات المتحيزة” إلى نتائج متحيزة من الخوارزميات الذكية على العمال، و خاصة أولئك الذين ينتمون إلى الفئات الضعيفة الذين قد يتعرضون بالفعل للتمييز في مكان العمل، و ما قد يكون لهذا من تداعيات خطيرة و كبيرة. لهذا، يجب على الشركات المشاركة في مبادرات التدريب و التعليم التي تشجع إتخاذ القرارات الأخلاقية و تلفت الإنتباه إلى إمكانية التحيز في أنظمة الذكاء الإصطناعي من أجل ضمان العدالة و عدم التمييز. يستلزم هذا، وضع قواعد و معايير للإستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، و كذلك تنفيذ عمليات لرصد حالات التحيز و تصحيحها.

  يمكن للشركات كذلك، أن تسعى إلى تشجيع التنوع و الإندماج في مكان العمل بالإضافة إلى إتخاذ القرارات الأخلاقية. يمكن للشركات المساهمة في ضمان أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها (من المرجح) أن تحقق نتائج عادلة من خلال بناء قوة عاملة متنوعة تضم أشخاصا من خلفيات و خبرات متنوعة. يجب على الشركات كذلك، التأكد من أن أنظمة الذكاء الإصطناعي الخاصة بها تخضع للمساءلة و الشفافية. و هذا يعني، تقديم تفسيرات واضحة لكيفية إتخاذ أنظمة الذكاء الإصطناعي القرارات و إنشاء عمليات لتحدي النتائج غير العادلة أو التمييزية و معالجتها.

شاب مغربي، محب للتقنية بصفة عامة، وخاصة العاب الحاسوب و الهاتف النقال، كما اعمل كمترجم و صحفي في الشأنين الإقتصادي و العالمي.