احتضنت مدينة “سرقسطة” الإسبانية، النسخة الثالثة من مؤتمر “Medicine 2044” (ما بين يومي 30 و31 يناير 2025) بتنظيم من معهد “أراغون” (IIS Aragon). تميزت هذه النسخة، بحضور 2 من الحاصلين على جائزة نوبل، ومشاركة أكثر من 500 مشارك من بينهم خبراء عالميون في مجالات متنوعة من قبيل: “الطب” و”الهندسة” و”الذكاء الإصطناعي” و “علم الروبوتات” و”علم الأحياء” و”الفضاء” و”البيئة” و”الرياضيات” و”العلوم الإنسانية”.
**مشاركة مغربية ترفع لها القبعة!
شارك الدكتور “ربيع رضوان”، في هذه المؤتمر الطبي المهم عبر موضوع: “الهواتف الذكية: الوظائف الجنسية/الخلل الوظيفي”، ذاكرا أن: “مناقشة موضوع الهواتف الذكية وتأثيرها السلبي على الوظائف الجنسية والخلل الوظيفي الذي تسببه للمدمنين عليها، نظراً لأنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، سواء على الصعيد المهني أو الشخصي، هو واقع يدق ناقوس خطر طبي وصحي مستعجل، ويثير تساؤلا جاداً: “ما هي المشكلة الحالية والمستقبلية مع الهواتف الذكية؟“”.
ومن خلال خبرته الطويلة في المجال الطبي، لاحظ الدكتور ربيع بوضوح “مدى الإدمان على الهواتف الذكية” المتزايد على الصعيد العالمي، والمرتبط بعجز الأفراد عن التقليل من استخدام هذه الأجهزة نظراً للارتباط القوي بشاشاتها، مما يدفع إلى البحث عن إجابة لهذا التساؤل المهم. إذ من المعلوم أن العديد من سكان العالم، باختلاف لغاتهم وانتماءاتهم، متصلون بالعالم عبر هواتفهم الذكية في كل لحظة، وهي عادة مشتركة بين الكثيرين. هذا الشغف بالهواتف الذكية يجعل من الصعب التخلي عنها حتى في الأوقات الخاصة، مثل التواجد في الأسرة أو مع الشركاء في الحياة.
وبالمقارنة مع سنوات التسعينات، حيث كان الحوار البشري يعتمد على المشاركة المباشرة للمعلومات، أصبح التواصل مع بداية الألفية الجديدة، وخاصة في السنوات الأخيرة، يقتصر على الهواتف الذكية، حيث بات الجميع متصلين افتراضياً ومنقطعين واقعياً، وتفاقمت هذه الأزمة مع صعود “شبكات التواصل الاجتماعي”، خاصة بين أفراد الأسرة الواحدة تحت سقف منزل واحد. حتى أصبح يُمازح بأن الفرد قد يأخذ هاتفه إلى قبره.
**موضوع يخلق جدالا واسعا..
ويمثل هذا الموضوع، من وجهة نظر الدكتور “ربيع رضوان” معضلة تسعى الدراسات الأكاديمية إلى تكثيف طرحها وإيجاد حلول لها. يعمل المختصون على البحث عن حلول واقعية لتجنيب الصغار والشباب خاصةً الخطر المتزايد من الإفراط في استخدام الهواتف أو الإدمان عليها. هذا ما دفع به إلى تخصيص مشاركته لمناقشة هذا الموضوع، بغية الاستماع إلى الاقتراحات ومشاركة الأفكار والتجارب والاستفادة منها. فالمواجهة الدائمة مع الشاشات لساعات طويلة تسبب اختلالات وظيفية شتى لا يمكن توقع عواقبها على صحة المدمنين عليها.
من المعروف، أن الانطلاقة الفعلية لمثل هذه الاختلالات الوظيفية، لا سيما الجنسية منها، تبدأ عبر ممارسات يومية، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مثل استخدام الهواتف الذكية في دورات المياه أو أثناء الأعمال المنزلية. هذا الشغف بتصفح المقاطع القصيرة على منصات مثل “تيك توك” يمنع المستخدمين من التركيز على تنفيذ واجباتهم أو المهام المنوطة بهم.
**نتائج صادمة ومقترحات فعالة!
يشير الدكتور ربيع، الى تعدد الدراسات العلمية حول هذا الموضوع. من بين هذه الدراسات، عمل الدكتورة “ماريان كوبر” من جامعة “ستانفورد”، التي تحدثت عن: “أثر الشاشات على حياة الأفراد اليومية، لا سيما في منازلهم، وعلاقة ذلك بالعلاقات الحميمية والوظائف الجنسية لديهم، وتأثير الأخيرة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي لهؤلاء الأفراد، سواء كانوا أطفالا أو شباباً”.
خلصت دراسة الدكتورة “ماريان كوبر” إلى: “أن 75% من المشاركين فيها أقروا باستخدامهم المتواصل المطول للهاتف الذكي حتى وقت النوم، وأن 58% منهم أكدوا احتكاكهم الدائم بمختلف أنواع الشاشات. في حين أن 30% أكدوا استخدامهم لوضع “الطيران” على هواتفهم لعدم الولوج إلى الإنترنت دون إغلاق هواتفهم والابتعاد عنها. كما أن 50% أقروا بعدم رضاهم عن العلاقة الحميمية مع شركائهم وجودة حياتهم الجنسية، وأن 3% أو أكثر يعانون من خلل في أداء مهامهم اليومية. بالإضافة إلى أن ثلث المشاركين أكدوا على انخفاض في رغبتهم الجنسية نظراً لإدمانهم على الهواتف الذي يمنعهم من التفكير في حياتهم الحميمية“.
وانطلاقا من نتائج هذه الدراسة، وخبرته الطبية الطويلة، يجد الدكتور “ربيع رضوان”، أن “المدمنين على الشاشات الذكية يجدون صعوبة في الاقتناع بأن غرفة النوم معدة للنوم وتقوية الروابط الحميمية مع شركائهم، مما يجعلهم يدخلون الهواتف إلى فراشهم. هذا ما يسبب تنوعاً في الاختلالات الوظيفية، تحديداً الجنسية، لدى المدمنين على الشاشات، سواء كانوا رجالاً أو نساءً”.
وفي نهاية مشاركته، اقترح الدكتور “ربيع رضوان” مجموعة من الحلول (منها المقترحة مسبقا) لهذه المشكلة، من قبيل : “العودة إلى نمط الحياة الذي كان سائداً لدى الآباء والأجداد قبل ظهور الهواتف الذكية وكثرة الشاشات”، مشيرا إلى أن “هذه الطريقة سوف تساهم في الحد من الأثر السلبي للاختلاط بالشاشات على مدار اليوم”، كما أن “أخذ استراحة مطولة بين فترات الاستخدام، وترك الهواتف خارج غرف النوم، سيمنع التشتت الذي يعانيه الكثيرون ويؤثر سلباً على حياتهم، سواء كانت عملية أو شخصية أو حميمية..”.
Views: 12