في تصريحات نارية أثارت موجة جدل واسعة داخل أوساط صناعة الألعاب، أبدى Raphaël Colantonio، مؤسس Arkane Studios الذي غادر الفريق سنة 2017، موقفًا حادًا تجاه خدمة Xbox Game Pass التابعة لشركة Microsoft، معتبرًا إياها “نموذجًا مدمرًا وغير مستقر” من شأنه أن يؤدي إلى أزمات حقيقية في مستقبل تطوير الألعاب.
تأتي هذه التصريحات في وقت تعمل فيه Arkane Studios، التابعة الآن لـBethesda Softworks والمملوكة بدورها لشركة Microsoft، على تطوير لعبة Marvel’s Blade، وهو المشروع الذي يحظى باهتمام إعلامي كبير منذ الإعلان عنه. إلا أن مغادرة Colantonio للفريق منذ سنوات لم تمنعه من الإدلاء برأيه حول الاتجاهات التجارية الجديدة التي تفرض نفسها على الصناعة، والتي يرى أنها تحمل في طياتها “خطرًا أكبر من ما يبدو على السطح”.
في لقاء صحفي نُشر مؤخرًا، قال Colantonio:
“Game Pass نموذج تجاري غير مستقر ومدمر للصناعة خلال عقد من الزمان، الخدمة موجودة اليوم بفضل أموال Microsoft غير المنتهية، لكن هذه فقاعة، وستنفجر عاجلاً أم آجلاً.”
هذا التصريح وحده كان كافيًا لإشعال نقاشات حادة بين من يرون في الخدمة ثورة حقيقية لصالح اللاعبين، ومن يعتقدون أنها تضعف القيمة السوقية للألعاب وتضر بالاستوديوهات المستقلة على وجه الخصوص.
واستطرد Colantonio في حديثه منتقدًا ما اعتبره تناقضًا في سردية Microsoft حول تأثير Game Pass على المبيعات، قائلاً إن “الحديث الذي طالما رُوّج له بأن الخدمة لا تؤثر على المبيعات ثبت الآن أنه غير صحيح، إذ بدأت الشركة نفسها بالاعتراف بشكل غير مباشر بتراجع المبيعات المباشرة لبعض العناوين الكبرى منذ إطلاق الخدمة.” وأوضح أن المشكلة لا تكمن فقط في النموذج المالي نفسه، بل في تأثيره على خيارات التصميم والإبداع داخل الفرق المطورة، حيث أصبحت العديد من المشاريع تُبنى وفق مقاسات تلائم نموذج الاشتراك بدلًا من تقديم تجربة لعب متكاملة قابلة للشراء الفردي.
ويرى Colantonio أن Game Pass تخلق نوعًا من الإدمان التجاري بين اللاعبين، يجعلهم غير مستعدين لدفع ثمن الألعاب بشكل تقليدي بعد فترة من الاعتياد على الخدمة، ما يخلق أزمة استدامة حقيقية حتى بالنسبة للشركات الكبرى. وأضاف أن اللاعبين يحبون الخدمة فقط لأنها تقدم “قيمة لا تُصدق”، لكنهم – على حد تعبيره – “سيكرهونها عندما يكتشفون آثارها السلبية على الصناعة”.
ويأتي هذا الجدل في وقت تمر فيه Microsoft بفترة حرجة، خاصة بعد سلسلة من التسريحات في فرق التطوير التابعة لها مثل Tango Gameworks وArkane Austin، إضافة إلى الجدل المصاحب لاستحواذها على Activision Blizzard، وهي التحركات التي أثارت أسئلة كثيرة حول مدى التزام الشركة بدعم التنوع الإبداعي مقابل السعي لفرض سيطرتها على السوق عبر القوة المالية.
الخدمة التي أطلقت في البداية كمنصة لدعم تجربة اللاعبين بإمكانية الوصول إلى مكتبة ضخمة من الألعاب مقابل اشتراك شهري، أصبحت اليوم موضع مساءلة من كبار صناع الألعاب والمطورين المخضرمين، الذين يرون أن هذا النموذج ربما يحمل في طياته نتائج عكسية على المدى البعيد، خصوصًا إذا لم تتم موازنته بسياسات عادلة تضمن بقاء الفرق الصغيرة وتحفيز الإنتاج المستقل.
وسط كل هذه التطورات، تظل تصريحات Raphaël Colantonio تُمثل صوتًا مخالفًا داخل نقاش غالبًا ما يتمحور حول مزايا Game Pass من منظور المستهلك فقط، دون التطرق للضغوط الاقتصادية والإبداعية التي يفرضها هذا النموذج على مطوري الألعاب، وهي زاوية بدأت تلقى اهتمامًا متزايدًا في الآونة الأخيرة، مع تعالي الأصوات المطالبة بإعادة النظر في منظومات الاشتراك وتأثيرها طويل المدى على الصناعة ككل.