شهد معرض Morocco Gaming Expo لحظة مفصلية في مسار الألعاب الإلكترونية بالمغرب، حيث أشرف وزير الشباب والثقافة والتواصل على حفل توزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة EAFC25. المسابقة، التي جذبت اهتمام الجماهير ووسائل الإعلام، جمعت بين نخبة من اللاعبين المغاربة الموهوبين، الذين أبانوا عن مستوى تنافسي لافت، إلى جانب أربعة من أبرز اللاعبين الدوليين، في مواجهة جسّدت روح الاحترافية العالمية التي بات يتمتع بها اللاعب المغربي. الجو العام للمنافسة اتسم بالحماس والاحتراف، وعكس بشكل صريح تطور المشهد الرقمي المحلي، والذي لم يعد محصورًا في نطاق الهواية، بل أصبح ساحة فعلية للاحتراف والابتكار.
هذه الدورة من المعرض، التي نُظمت في يوليوز، تميزت بحضور نوعي لمستثمرين دوليين أبدوا اهتمامًا كبيرًا بالفرص المتاحة داخل المغرب، وعبّروا عن رغبتهم الجادة في ولوج سوق صناعة الألعاب الإلكترونية بالمملكة، سواء من خلال إنشاء فروع محلية أو عبر شراكات مع الفاعلين الوطنيين. وقد تم عقد جلسات خاصة جمعت الوزير بعدد من هؤلاء المستثمرين، من بينهم ممثلون عن شركات متخصصة في تطوير الألعاب، الذكاء الاصطناعي، وحلول الواقع المعزز، وهي شركات تتخذ من أوروبا، كوريا الجنوبية، وكندا مقرات رئيسية لها.
إضافة إلى ذلك، كان للمعرض بعد إنساني ومهني مميز، إذ تم تنظيم لقاءات مغلقة جمعت بين مسؤولين حكوميين وعدد من الكفاءات المغربية العاملة في الخارج ضمن كبريات الشركات التقنية، على غرار Ubisoft, Electronic Arts, Sony Interactive Entertainment وCD Projekt Red. وقد تم خلال هذه اللقاءات استعراض تجاربهم الناجحة، والحديث عن سبل نقل المعارف والخبرات نحو السوق المغربي. هذا الربط بين الداخل والخارج، بين المحلي والعالمي، يمثل أحد أهم الرهانات التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها، من خلال رؤية تنموية ترتكز على الكفاءات البشرية والابتكار الرقمي.
EAFC25، والتي تمثل التطور الجديد لسلسلة FIFA بعد إعادة تسميتها، أثبتت قدرتها على جمع جماهير متنوعة من اللاعبين والمشجعين، وهو ما يعكس التحول العميق في عادات الترفيه الرقمي لدى الشباب المغربي. لم تعد الألعاب مجرد وسيلة للتسلية، بل تحولت إلى مجال للتعبير الذاتي، والتنافس، وتحقيق الطموحات المهنية، خصوصًا في ظل الارتفاع المضطرد لمردودية الرياضات الإلكترونية على المستوى العالمي.
ويبدو أن المملكة المغربية، عبر هذا الحدث، ترسل رسالة واضحة مفادها أنها ليست فقط سوقًا استهلاكية، بل مرشحة لأن تكون فاعلًا رئيسيًا في إنتاج وتصدير المحتوى الرقمي، خصوصًا في مجال الألعاب الإلكترونية، الذي يمثل اليوم إحدى ركائز الاقتصاد الرقمي العالمي. الجمع بين الترفيه، الابتكار، والاستثمار جعل من Morocco Gaming Expo حدثًا استثنائيًا يتجاوز مجرد معرض سنوي، ليصبح منصة استراتيجية لرسم معالم المستقبل الرقمي للمملكة.
الرهانات المقبلة ستكون على مستوى مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، وتوسيع قاعدة التكوين والتعليم في مجالات البرمجة، التصميم، والهندسة الصوتية، إلى جانب خلق بيئة قانونية واستثمارية جاذبة. والملاحظ أن الوزارة بدأت بالفعل في بلورة مجموعة من السياسات العامة التي تهدف إلى تحويل المغرب إلى مركز إقليمي لصناعة الألعاب، مدعومًا بموارده البشرية الشابة، وبنيته التحتية المتطورة، وشبكة الإنترنت التي تعرف تحسنًا ملحوظًا من حيث السرعة والاستقرار.
في الأفق، تُفتح أمام المغرب فرص جديدة للانخراط في سلاسل الإنتاج العالمية، سواء من خلال تطوير الألعاب الخاصة بهوية محلية، أو من خلال استضافة شركات تطوير عالمية تبحث عن كفاءات وأسواق جديدة. كل هذه المؤشرات تجعل من حدث Morocco Gaming Expo حجر أساس في بناء مشهد رقمي حيوي ومتين، يتجه بخطى واثقة نحو المستقبل.