في مشهد لم يكن ليتوقعه أحد، تحولت واقعة واقعية أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي إلى فكرة مبتكرة للعبة فيديو، حيث قام أحد المطورين المستقلين بابتكار لعبة ساخرة تستلهم أحداثها من حادثة اختفاء مدير مشروع Astronomer. الواقعة التي كانت في البداية مادة دسمة للتعليقات الساخرة والميمز، وجدت طريقها بسرعة إلى عالم ألعاب الفيديو، لتمتزج الكوميديا السوداء بالإبداع التقني، وتتحول من “ترند” لحظي إلى مشروع ألعاب يثير اهتمام محبي التجارب الخارجة عن المألوف.
اللعبة، التي لا تزال في مراحلها الأولى من التطوير، تعتمد على أسلوب بصري بسيط وأسلوب لعب يذكرنا بألعاب المغامرات الكلاسيكية من التسعينات، حيث يتقمص اللاعب دور موظف داخل شركة خيالية شبيهة بـAstronomer، يُكلف بمهمة مستحيلة: تعقب المدير المختفي في ظروف غامضة! وبينما ينغمس اللاعب في هذا العالم الساخر، يتنقل بين مكاتب فارغة، وخيوط مؤامرات إدارية، ورسائل بريد إلكتروني مشفّرة، في محاولة لفهم ما حدث بالفعل في تلك المؤسسة الغريبة. قد تكون الحبكة بسيطة في ظاهرها، لكنها تنطوي على نقد لاذع لثقافة الشركات التقنية وطريقة تعاملها مع الأزمات.
الظاهرة ليست جديدة تماماً على عالم الألعاب، إذ اعتاد بعض المطورين المستقلين تحويل المواقف الغريبة، وحتى الكوارث الرقمية، إلى ألعاب مفعمة بالسخرية أو النقد المجتمعي، كما حدث مع ألعاب مثل Dude, Stop وNot For Broadcast. لكن المختلف هذه المرة هو السرعة الخاطفة التي ظهرت بها اللعبة للنور، بعد أيام قليلة فقط من تصدر الحادثة للعناوين، مما يعكس قدرة مجتمع المطورين المستقلين على تحويل المحتوى التفاعلي إلى وسيلة للتعبير عن القضايا والظواهر المعاصرة بطريقة غير مباشرة، ولكن مؤثرة.
ويبدو أن اللعبة، رغم بساطتها الظاهرة، تثير تفاعلاً كبيراً على منصات مثل Itch.io وSteam Greenlight، حيث تداول اللاعبون مقاطع فيديو قصيرة من النسخة التجريبية، تظهر لحظات من العبث الكوميدي داخل مكاتب الشركة، ومحاولات يائسة لإيجاد تلميحات عن مكان المدير المفقود. بعض المتابعين شبّهوا اللعبة بأسلوب Papers, Please من حيث المزج بين البيروقراطية والرمزية السياسية، بينما رآها آخرون أقرب إلى ألعاب المغامرة الخفيفة مثل Jazzpunk.
التفاعل مع المشروع تجاوز نطاق اللاعبين فقط، إذ بدأ عدد من المؤثرين على YouTube وTwitch في تسليط الضوء على اللعبة، ليس فقط كترفيه، بل كظاهرة ثقافية تستحق التوقف عندها. ومع توالي الاهتمام الجماهيري، لا يُستبعد أن تقوم منصات كبرى مثل Epic Games Store أو حتى Game Pass بالالتفات إلى هذه الظاهرة وتبنيها إذا استمرت في جذب الانتباه بنفس الزخم. في النهاية، تبدو هذه اللعبة كمثال حي على أن الإبداع الرقمي لا يتوقف عند حدود السرد الكلاسيكي أو التصاميم المعقدة، بل قد يبدأ أحياناً من “ميم” على الإنترنت وينتهي بتجربة تفاعلية تلقى إشادة نقدية وجماهيرية.