أعلنت شركة AMD بشكل رسمي عن الجيل الجديد من معالجات Threadripper 9000، كاشفة بذلك عن تفاصيل دقيقة حول عدد الأنوية وسرعات التردد واستهلاك الطاقة، إلى جانب أبرز ما كان يثير الجدل في الأيام الماضية: الأسعار. وعلى الرغم من أن هذه السلسلة تظل موجهة لفئة المحترفين ومنصات العمل المتطورة، فإن الأسعار النهائية جاءت أقل مما توقعه البعض، وخاصة بعد تسريبات التجزئة التي أشارت إلى أرقام أكثر تطرفًا. النموذج الأرخص في هذه السلسلة يأتي مع 16 نواة و32 خيط معالجة بسعر يبلغ 1,650 دولارًا، بينما يبلغ سعر أقوى معالج في السلسلة، الذي يحتوي على 96 نواة، حوالي 11,700 دولار.
منذ ظهور سلسلة Threadripper، كانت دائمًا مرادفًا للتوجه نحو أقصى ما يمكن تحقيقه من حيث عدد الأنوية في الحواسيب المكتبية، حتى تلك المصنفة كـ high-end. لكن مع تطور الأجيال، لم تكن الزيادة في القوة الحوسبية وحدها ما يميزها، بل الارتفاع المستمر في الأسعار كذلك. ومع ذلك، فإن الإعلان الرسمي جاء بمثابة مفاجأة إيجابية. فبحسب موقع VideoCardz، فإن الأسعار النهائية شهدت انخفاضًا يراوح بين 300 و1,300 دولار مقارنةً بالتسريبات السابقة، وهو ما يمثل انفراجًا لعشاق الأجهزة الاحترافية الذين كانوا يستعدون لأسوأ السيناريوهات.
اللافت أيضًا أن AMD أكدت بأن هذه المعالجات الجديدة ستكون متوافقة مع اللوحات الأم التي تدعم معايير WRX90 وTRX50، ما يعني أن المستخدمين الذين يمتلكون منصات الجيل السابق لن يكونوا بحاجة لإعادة تصميم تبريداتهم أو تغيير إعدادات مزودة الطاقة أو البنية التحتية لأنظمة التهوية. المعالجات الجديدة تعتمد على نفس مقبس التركيب وتستهلك نفس القدرة الحرارية (350 واط)، مما يتيح لها أن تكون ترقية مباشرة وسلسة لمعظم أنظمة العمل الحالية.
التحسينات في معالجات Threadripper 9000 لم تكن محصورة فقط في الأرقام الصلبة، بل امتدت إلى بنية المعمارية نفسها. فالمعالجات الجديدة تستفيد من تصميم Zen 5 المبني على عقدة تصنيع أصغر مقارنةً بالجيل السابق، ما أسهم في تحقيق زيادة عامة في سرعات التردد ببضعة مئات من الميغاهرتز، وهو ما سيسهم بلا شك في رفع كفاءة الأداء في المهام الثقيلة مثل عمليات التصيير، المحاكاة الفيزيائية، تحليل البيانات، وتطوير الألعاب.
رغم أن AMD لم تُعلن بعد عن تاريخ الإصدار الرسمي للمعالجات، فإن تأكيدها على التوافق مع الأنظمة السابقة، إلى جانب توفيرها لكامل السلسلة في سوق التجميع الشخصي (DIY)، يجعلها خيارًا مفتوحًا ليس فقط للشركات الكبرى والاستوديوهات المتخصصة، بل أيضًا للهواة المتمكنين الذين يرغبون في بناء محطة عمل فائقة الإمكانيات في منازلهم. وتجدر الإشارة إلى أن AMD لم تكشف بعد عن تفاصيل أسعار النسخ الأقل موجهة للمستهلكين مثل Threadripper 9980X الذي يأتي بـ64 نواة فقط، لكن من المتوقع أن تكون تلك المعالجات هي الأقرب للاعتماد من طرف المصممين المستقلين والمطورين ذوي الميزانيات المتوسطة.
وفي حين أن الفئة العليا من هذه المعالجات تظل موجهة لاستخدامات احترافية بحتة، فإن خطوة AMD بتسويق هذه السلسلة المذهلة أيضًا للمستخدمين الأفراد تعكس توجهًا جديدًا من الشركة لتوسيع دائرة من يمكنهم الاستفادة من قدرات Threadripper، لا سيما في زمن أصبح فيه الذكاء الاصطناعي والتصميم ثلاثي الأبعاد والتحرير بدقة 8K بحاجة إلى عتاد قوي يتحمّل عبء المعالجة دون تأخير.
في المحصلة، فإن Threadripper 9000 تمثل استمرارية لمسار AMD في كسر الحواجز التقنية، ليس فقط من حيث عدد الأنوية وسرعة الترددات، بل أيضًا في القدرة على تقديم منتجات فائقة الأداء بسعر معقول نسبيًا مقارنةً بما توفره من قوة. ومع استمرار المنافسة بين AMD وIntel في السوق المتقدم، فإن مثل هذه الإعلانات ترسّخ مكانة AMD كأحد اللاعبين الأساسيين القادرين على دفع حدود الابتكار إلى ما بعد المتوقع، دون أن تفقد التواصل مع واقع السوق ومتطلبات المستخدم النهائي.