من الواضح أن شركة Sony لا تزال تواصل استراتيجيتها في تطوير الجيل التالي من أجهزة الألعاب المنزلية، وهذه المرة يبدو أن محور الابتكار هو التوافق العكسي، إحدى أكثر الميزات طلبًا من اللاعبين. ففي براءة اختراع جديدة ظهرت في يوليوز الجاري، كشفت وثائق تقنية تم تسجيلها باسم الشركة عن نظام متقدم قادر على ضبط إعدادات تشغيل التطبيقات القديمة تلقائيًا، من أجل ضمان أدائها على أجهزة حديثة دون مشاكل تتعلق بسرعة المعالج أو بطاقة الرسوميات. هذا يعني ببساطة أن Sony تسعى لتقديم تجربة متكاملة لتشغيل مكتبات الألعاب السابقة على PlayStation 6 دون الحاجة إلى حلول سطحية أو محدودة.
البراءة الجديدة تفتح الباب أمام نقلة نوعية في طريقة تعامل المنصة الجديدة مع الألعاب الكلاسيكية، خصوصًا أن النظام المقترح لا يقتصر فقط على محاكاة بيئة التشغيل القديمة، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة تشكيل بيئة المعالجة الرسومية وتهيئة ترددات المعالج المركزي بما يتماشى مع متطلبات كل لعبة على حدة. هذه التقنية – التي تبدو معقدة من الناحية الهندسية – تعكس رغبة Sony في تجاوز الانتقادات التي لاحقتها منذ أيام PlayStation 4، حيث تم استبعاد التوافق العكسي لصالح التركيز على مكتبة الجيل الجديد، وهو ما أثار امتعاض قطاع واسع من مجتمع اللاعبين.
ويأتي هذا التوجه في سياق شراكة طويلة الأمد بين Sony وAMD، إذ تم تأكيد أن معمارية Zen 5 ومعالج RDNA 4 سيكونان جزءًا من العتاد الداخلي لـPS6. وبفضل هذه الشراكة، سيتمكن الجهاز القادم من استخدام قدرات المعالجة الحديثة بطريقة تضمن تشغيل الألعاب القديمة من أجيال PS1 حتى PS5، وربما مع تحسينات رسومية طفيفة، ما يجعل المكتبة القديمة أكثر حيوية وجدوى مقارنة بالاعتماد على المحاكاة السطحية أو الألعاب السحابية.
من المثير للاهتمام أيضًا أن هذا النهج يعكس تحولًا في فلسفة Sony، التي لطالما كانت حذرة فيما يخص الانفتاح الكامل على أجيالها السابقة. ففي حين أن منافستها Microsoft استطاعت أن تروج لميزة التوافق العكسي في Xbox Series X|S كجزء من هويتها، بقيت Sony مترددة، مكتفية بتقديم عدد محدود من الألعاب الكلاسيكية عبر خدمات مثل PlayStation Plus Premium. ومع ذلك، إذا أثمرت هذه البراءة عن منتج حقيقي في السوق، فإن PlayStation 6 سيكون نقطة تحول جوهرية في كيفية تعامل الشركة مع تاريخها الغني في عالم الألعاب.
على المستوى البرمجي، تشير الوثائق أيضًا إلى وجود طبقة جديدة ضمن نظام التشغيل تعمل كوسيط ذكي بين التطبيق والجهاز، وتقوم بتحليل المتطلبات التشغيلية لكل لعبة قديمة ثم تحاكي البيئة المناسبة لها اعتمادًا على البيانات الداخلية. من الواضح أن Sony تراهن على هذه التقنية لجعل عملية تشغيل الألعاب القديمة لا تحتاج إلى تدخل يدوي أو ضبط يدوي من المستخدم. بدلًا من ذلك، ستقوم المنصة تلقائيًا بتحديد التكوين المناسب لكل تطبيق بناءً على قاعدة بيانات مدمجة يتم تحديثها باستمرار.
حتى الآن، لم تُعلن Sony رسميًا عن PlayStation 6، لكن كافة التسريبات والإشارات – بما في ذلك هذه البراءة – توحي بأن العمل جارٍ على قدم وساق لإطلاقه في سنة 2027 على الأرجح، وفقًا لما ذكره محللو السوق. ومع ازدياد حجم الاستثمارات في تطوير العتاد المتوافق مع الأجيال السابقة، يبدو أن الشركة تسعى لخلق نظام بيئي مستدام يمكن فيه للمستخدمين التنقل بين الأجيال المختلفة دون فقدان مكتباتهم القديمة، وهو ما يُعد أمرًا بالغ الأهمية لعشاق السلسلات الكلاسيكية مثل Metal Gear Solid، Silent Hill، God of War، وGran Turismo.
في النهاية، كل المؤشرات الحالية تعزز التفاؤل بإمكانية أن يكون PlayStation 6 هو أول جهاز من Sony يقدم توافقًا عكسيًا حقيقيًا عبر كامل الأجيال السابقة. وإذا تحقق ذلك، فإن الشركة لن تكتفي فقط بكسب رضى مجتمع اللاعبين بل ستضع أيضًا ضغطًا هائلًا على منافسيها، خصوصًا في سوق الأجهزة المنزلية حيث باتت خدمة الألعاب الكلاسيكية عنصرًا حاسمًا في قرار الشراء. في عالم ألعاب الفيديو الحديث، الارتباط بالماضي لا يقل أهمية عن المستقبل، وSony تبدو على وشك أن توازن بين الاثنين بطريقة غير مسبوقة.