تقترب شركة Microsoft من تحقيق إنجاز مالي غير مسبوق في تاريخها، بعد أن بلغت قيمتها السوقية حوالي 3.78 تريليون دولار، وفقًا لما نشره موقع Windows Central. هذه الخطوة تضع عملاق التكنولوجيا في موقع فريد يجعلها مرشحة قوية لتكون ثاني شركة في العالم، بعد Nvidia، تتجاوز حاجز 4 تريليون دولار في التقييم السوقي. المفارقة أن هذا التقدم جاء في وقت يشهد فيه قسم Xbox داخل الشركة واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخه، حيث أُعلنت موجة تسريحات واسعة شملت موظفين ومطورين بارزين، بالإضافة إلى إلغاء مشاريع مرتقبة من بينها Perfect Dark وEverwild.
ورغم السخط الذي عبّر عنه العديد من المتابعين واللاعبين وحتى بعض المحللين حيال هذه القرارات التي بدت في ظاهرها متناقضة مع النمو العام للشركة، إلا أن كبار المستثمرين كانوا ينظرون إلى الأمور من زاوية مختلفة. فقرارات إعادة الهيكلة، رغم قسوتها، تعكس توجّهًا أكثر صرامة نحو الفعالية وتقليل الهدر، خاصة في بيئة تنافسية تتسارع فيها تطورات الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق. هذا ما أكده أداء سهم الشركة في بورصة نيويورك، والذي سجل ارتفاعًا بنسبة 15% منذ بداية سنة 2025، ما يعكس ثقة متزايدة من السوق في توجهات الإدارة بقيادة Satya Nadella.
وتستفيد Microsoft من تنوع مصادر دخلها، حيث تواصل توسيع نطاق خدمات Azure المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، والتي أصبحت حجر الزاوية في منظومة الشركة السحابية. كما أن خدمات الاشتراك مثل Microsoft 365، وXbox Game Pass تواصل حصد المزيد من المستخدمين، مستفيدة من تكاملها العميق في النظام البيئي الخاص بالشركة. هذا التكامل يخلق تجربة سلسة للمستخدم ويمنح Microsoft ميزة تنافسية يصعب على شركات أخرى تقليدها بنفس العمق، حتى تلك العاملة في نفس المجال مثل Google أو Amazon.
الأهم من ذلك، أن Microsoft لا تكتفي فقط بتقديم الخدمات بل تستثمر بقوة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، كما يتضح من شراكاتها مع OpenAI وتكامل نماذج GPT المتطورة ضمن خدماتها عبر محرك Bing وMicrosoft Copilot. هذا التوجه يمثل تحولًا جذريًا في فلسفة الشركة مقارنة بما كانت عليه قبل سنوات، حين كانت تركّز بشكل أساسي على البرمجيات المكتبية ونظم التشغيل. اليوم، باتت الشركة لاعبًا رئيسيًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، وهذا ما يبرر اهتمام المستثمرين بها، حتى وسط قرارات تبدو شعبويًا غير مرحّب بها.
أما على مستوى قسم الألعاب، فالوضع أكثر تعقيدًا. فبينما تعاني فرق التطوير من ضغط تقليص الميزانيات، تسعى Microsoft للحفاظ على استراتيجية طويلة الأمد تعتمد على الاستحواذات الكبرى مثل Activision Blizzard، التي اكتملت صفقتها رسميًا قبل شهور قليلة. الهدف هنا هو تعزيز مكتبة ألعاب Game Pass وتقديم محتوى حصري يجذب المستخدمين الجدد ويضمن ولاء اللاعبين القدامى. وبينما ألغيت مشاريع كانت منتظرة، يراهن كثيرون على أن ذلك جاء بهدف إعادة تركيز الموارد على عناوين أكثر استراتيجية وربحية.
إذا استمرت Microsoft على هذا النهج، فقد تكون بالفعل على بعد خطوات قليلة من أن تصبح ثاني شركة في العالم تبلغ تقييم 4 تريليون دولار، وهو إنجاز لا يُقاس فقط بالأرقام، بل بالتأثير الذي تمارسه على مستقبل التكنولوجيا. في زمن يشهد فيه العالم تحولات غير مسبوقة بفضل الذكاء الاصطناعي، تضع Microsoft نفسها كمحور رئيسي في رسم معالم هذا المستقبل، متحديةً التوقعات، ومؤكدةً أن القرارات الصعبة أحيانًا قد تكون بوابة إلى النجاح المستدام.