من بين الأخبار التي فاجأت مجتمع ألعاب القتال في بداية شهر نونبر، أعلنت شركة ARIKA عن خطوة جريئة وغير متوقعة تمامًا. لعبة FIGHTING EX LAYER، التي ولدت من عقل المبدع Ryou Nishitani، المعروف كأحد الآباء المؤسسين لسلسلة Street Fighter II، حصلت على تخفيض مذهل ليصبح سعرها فقط 0.99 دولار. نعم، أقل من دولار واحد. خطوة غريبة ربما للوهلة الأولى، لكن لها معنى عميق حين نتذكر أن ARIKA تحتفل بيومها الثلاثين هذه السنة. وكأن الشركة تقول لمحبيها: “تعالوا نحتفل جميعا. هذه هديتنا لكم”. وفي عالم باتت فيه الألعاب تباع بأسعار تصل إلى سبعين دولار، أن تجد لعبة قتال كاملة بهذا السعر يمكن أن يعتبر فرصة ذهبية، أو دعنا نقول إنها لحظة تاريخية صغيرة في ذاكرة محبي الـFighting Games.
حين تعود لبداية قصة FIGHTING EX LAYER، ستلاحظ أنها ولدت من الحنين، ومن رغبة فريق ARIKA في إعادة روح ألعاب القتال الكلاسيكية إلى الساحة من جديد. الشركة التي صنعت لنا شخصيات أيقونية ظهرت لأول مرة في سلسلة Street Fighter EX ثم انفصلت لاحقا، مثل Skullomania وAllen Snider وDoctrine Dark، قررت أن تقدم تجربة جديدة ولكن بروح المدرسة القديمة. وبالفعل، حين تلعب FIGHTING EX LAYER لأول مرة تشعر بشبه غريب بتلك الأيام الذهبية في صالات الألعاب. إحساس اللكمات الثقيلة، حركة الشخصيات الصلبة، الميكانيكيات المدروسة، وحتى الواجهة العامة كلها تعيدك إلى أيام كانت فيها الألعاب تعتمد على الإحساس والمهارة وليس على المؤثرات الضخمة أو الميزانيات الخيالية.
والجميل أن ARIKA لم تكتف فقط بإعادة شخصياتها الكلاسيكية، بل قررت أن تبتكر فلسفة لعب مختلفة، وذلك من خلال نظام الـGougi Deck. هذا النظام يمنح اللاعب قدرات إضافية وتعديلات على أسلوب اللعب حسب البطاقات التي يختارها قبل المعركة. بعض القدرات تمنحك قوة أكبر بعد تعرضك لضرر معين، وبعضها يعطيك خصائص خاصة عند تنفيذ رميات أو التحرك بشكل معين. هنا تخرج اللعبة عن النمط التقليدي وتضيف لمسة استراتيجية تشبه اختيار Perks في الألعاب الحديثة. تخيل مثلا أنك تلعب وتفعل قدرة تسمح لك بالتحرك بسرعة خارقة بعد لجمع طاقة معينة، أو تحصل على قوة هائلة في الضربة الأخيرة. هذه الأشياء تعطي اللعبة عمقًا خاصًا، وتجعل كل مباراة تجربة جديدة. هناك خمسة عشر نوعًا من قدرات Gougi، ومع دمجها مع قائمة شخصيات اللعبة تحصل على احتمالات كثيرة جدا. هذا جزء من سحر اللعبة، وأحد الأسباب التي جعلت مجتمع اللاعبين يلتف حولها منذ صدورها.
لكن ربما أكثر لحظة أثارت الحماس آنذاك كانت حين أعلنت ARIKA عن انضمام Terry Bogard من عالم SNK إلى قائمة اللعب. واحد من أشهر رموز ألعاب القتال في التاريخ يظهر في لعبة مستقلة؟ مجنون قليلا لكنه حدث فعلا. وكأن اللعبة لم تكتف بجذورها التاريخية، بل قررت أن تمد جسرا نحو شركات أخرى وتستقطب جمهورًا أوسع. وجود Terry كان بمثابة ختم رسمي يقول إن اللعبة تأخذ نفسها بجدية، وإن ARIKA تؤمن بأنها تقدم مشروعًا يستحق أن يقف جنبًا إلى جنب مع عمالقة الصناعة.
ولنكن صرحاء للحظة: في زمن أصبحت فيه ألعاب القتال تعتمد على Online Battle Pass ونظام Seasons وتحديثات مستمرة، تأتي FIGHTING EX LAYER بفلسفة مختلفة تماما. اللعبة تريد فقط أن تمنحك متعة القتال. لا تحتاج إلى حفظ كم كبير من الـFrame Data أو إدخال أوامر معقدة. صحيح أن اللعبة تحتوي على عمق كبير لمن يريد استكشافه، لكنها في الوقت نفسه توفر أسلوب لعب بسيط نسبيًا وميتدئا مناسبا لحديثي التجربة. بعض الشخصيات باستخدام قابلية أقل للتعقيد في الإدخالات، يعني إذا ما كنت من الناس الذين يحبون التعلم الثقيل أو كسر أزرار التحكم، فهذه اللعبة قد تكون خيارًا ممتازًا لك. ربما هذا السبب الذي جعل الكثيرين يخبرون أصدقاءهم: “إذا كنت تود تجربة لعبة قتال ممتعة دون توتر أو ضغط، هذه اللعبة مناسبة جدًا”.
ومن الرائع كذلك أن ARIKA لم تتجاهل تحديث اللعبة عبر السنين، ورغم أنها ليست أكبر استوديو في العالم، إلا أنها من الشركات التي تحترم جمهورها. لاحظ ذلك من خلال تحديثات تحسين الأداء وإضافة الشخصيات والخواص الجديدة. ومع هذا الخصم الضخم، يبدو أن الفريق يريد أن يعيد تسليط الضوء على اللعبة، ويعطي فرصة لمن لم يجربها سابقا. البعض تساءل عبر مواقع التواصل: هل ARIKA تستعد للإعلان عن مشروع جديد؟ هل هذا تمهيد لتكملة؟ لم تؤكد الشركة شيئًا، لكن كثيرين يرون في هذه الحركة إشارة إيجابية واضحة. عادة، حين تخفض شركة ما سعر لعبة قديمة بشكل جذري، يكون خلف القرار رسالة: “انتظروا ما هو قادم”.
قد يتساءل أحدهم الآن: هل اللعبة تستحق فعلًا؟ والجواب يعتمد عليك. إن كنت ممن يحبون ألعاب القتال الواقعية العميقة ذات التنافسية العالية مثل Tekken أو Street Fighter الأحدث، ربما لن تجد نفس المستوى الضخم من المحتوى أو البطولة. لكن إن كنت تبحث عن لعبة تملك سحر المدرسة القديمة، ولديك ميل للنوستالجيا حيث يكفي أن تشعر بمتعة الضغط على الأزرار وعيش معركة سريعة ممتعة، فستجد نفسك سعيدًا جدا. ولا ننسى أن سعر اللعبة الآن أرخص من فنجان قهوة في مقهى عادي. حتى لو جربتها فقط في نهاية أسبوع، ستخرج بشعور أنك ربحت شيئا ممتعا دون عناء.
في الحقيقة، هناك شيء جميل في هذه العودة إلى البساطة. بعض اللاعبين كتبوا في النقاشات: “أجمل ما في FIGHTING EX LAYER أنها لا تحاول أن تكون شيئا ضخما. هي فقط لعبة قتال ممتعة، وهذا يكفي”. هذا الاقتباس، بصيغته البسيطة، يلخص فلسفة ARIKA تماما. الشركة لا تريد أن تدخل سباق الميزانيات. تريد فقط أن تمنح جمهورها لعبة جيدة، وهذا يكفي. ولو تمعنت في تاريخها، ستجد أنها بنت نجاحها الأول على شغف لاعبي الأركيد أكثر مما بنتها على التسويق أو الميزانيات.
اليوم، مع الإعلان عن هذا السعر الرمزي، يمكن القول إن ARIKA فتحت بابًا جديدًا لعشاق المدرسة القديمة، وذكّرت الجميع بأن هناك ألعابا تستحق فرصة، حتى إن لم تكن في صدارة الترند. وقد تكون هذه الحركة بداية موجة جديدة لاهتمام الناس بألعاب EX وبالعلامة نفسها، وربما نرى مستقبلًا شيئا أكبر مما نتوقع. الناس تحب القصص الجميلة في عالم الألعاب، خصوصًا حين تكون عن مطور صغير يصر على تقديم تجربة صادقة.
وإذا كنت تقرأ هذا الآن وتفكر: هل أشتريها؟ ربما أفضل جواب هو أن تجرب. العالم اليوم مليء بألعاب كبيرة تأخذ وقتًا طويلاً للتعلم. أحيانا كل ما تحتاجه لعبة خفيفة ممتعة تجعلك تبتسم وتعيدك إلى أيام كانت فيها المتعة أهم من الفوز. ومع وجود شخصيات مميزة، ونظام لعب مختلف، وTerry Bogard كإضافة لامعة، نضمن لك تجربة تستحق تلك التسعة وتسعين سنتًا.