Keiji Inafune مبتكر شخصية Mega Man: النجاح لا يعني التكرار بل الجرأة على الإبداع

Keiji Inafune مبتكر شخصية Mega Man: النجاح لا يعني التكرار بل الجرأة على الإبداع

في معرض Console Game Developer Conference الذي أقيم في كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي، كان الحضور على موعد مع حديث صريح ومليء بالخبرة من أحد أبرز الأسماء في تاريخ صناعة الألعاب، المصمم الياباني Keiji Inafune، المعروف بكونه الأب الروحي لشخصية Mega Man “أو RockMan كما تسمى في اليابان”. خلال الجلسة، وجّه Inafune رسالة مباشرة للمطوّرين وشركات النشر، دعاهم فيها إلى التحرر من أسر نجاحاتهم السابقة وعدم الاكتفاء بتكرار ما أثبت نجاحه من قبل، بل السعي الدائم إلى الإبداع والابتكار. هذه الرسالة لاقت صدى واسعًا في أوساط الصناعة، خصوصًا في زمن أصبحت فيه كثير من الشركات تعتمد على إعادة تدوير أفكار قديمة بدل المجازفة بعناوين جديدة.

تحدث Inafune بنبرة مزيج من الحنين والخبرة، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست في صنع التكملات أو الحفاظ على السلاسل المشهورة، بل في الركون إليها باعتبارها المصدر الوحيد للنجاح. أوضح قائلاً: “الضرر لا يأتي من استمرار سلسلة ناجحة، بل من توقف المطور عن الحلم بخلق عالم جديد”. هذه العبارة البسيطة كانت كافية لتختصر فلسفة الرجل الذي عاش عقودًا في قلب صناعة الألعاب، وعايش مراحل صعودها وانحدارها. ومن يعرف مسيرته الطويلة داخل شركة Capcom يدرك تمامًا أنه يتحدث من واقع خبرة شخصية، وليس من موقع الناقد الخارجي.

فقد أمضى Inafune سنوات طويلة في Capcom، حيث أشرف على مشاريع شهيرة مثل Mega Man, Onimusha, وLost Planet، وهي أعمال جسدت تنوعه الإبداعي وقدرته على الانتقال من أسلوب إلى آخر دون فقدان الهوية الخاصة بكل لعبة. لكنه في الوقت نفسه كان شاهدًا على مرحلة ركود داخل الشركة، حين بدأت تعتمد بشكل مفرط على الأسماء القديمة دون التوسع في تجارب جديدة. هذا التوجه، كما يراه Inafune، خطر يهدد الصناعة برمتها إذا استمر، لأنه يقيد خيال المطورين ويجعلهم أسرى للماضي بدلاً من أن يكونوا بناة للمستقبل.

كلماته جاءت في وقت حساس يمر به عالم الألعاب، إذ تهيمن على السوق اليوم موجة من الألعاب الخدماتية والريميكات التي تستند إلى عناوين كلاسيكية ناجحة. ورغم أن هذه الاستراتيجيات تحقق أرباحًا ضخمة على المدى القصير، إلا أن كثيرين بدأوا يتساءلون عن مصير الإبداع الحقيقي في ظل هذا التوجه التجاري البحت. في مؤتمره، لم يتردد Inafune في الإشارة إلى أن الابتكار أصبح عملة نادرة، وأن الشركات تخشى المخاطرة لأن السوق بات يتعامل مع الفشل كوصمة عار لا كمحاولة مشروعة للتجربة. وذكّر الحضور بأن كل عنوان أسطوري في يومنا هذا، من The Legend of Zelda إلى Resident Evil، كان في بدايته فكرة مجنونة لم يكن أحد يضمن نجاحها.

اللافت في حديثه أنه لم يوجّه اللوم فقط إلى الشركات الكبرى، بل أيضًا إلى المطورين المستقلين الذين، رغم حرية حركتهم، بدأ بعضهم يقع في نفس الفخ، مفضّلين تكرار الصيغ التي نجحت لديهم على خوض مغامرات جديدة. وأكد أن الخوف من الفشل أصبح أكثر ضررًا من الفشل نفسه، لأن هذا الخوف هو ما يمنع الإبداع من الظهور. وأضاف أنه حين عمل على مشروع Mega Man في بداياته، لم يكن أحد يتوقع أن تتحول اللعبة إلى ظاهرة ثقافية، لكنها نجحت لأنها كانت مختلفة ببساطة، وصُنعت بشغف لا بخطة تسويقية.

من الواضح أن Inafune لا يوجّه دعوته من موقع الواعظ، بل من موقع المجرّب الذي خاض النجاح والإخفاق معًا. فبعد مغادرته Capcom، أطلق مشاريع مستقلة مثل Mighty No. 9 التي لم تحقق النجاح المتوقع، لكنه رغم ذلك يرى فيها درسًا قيّماً. بالنسبة له، التجربة الفاشلة لا تعني التراجع، بل خطوة ضرورية نحو اكتساب الحكمة. وكأنه يقول للمطورين: “حتى إن لم تنجح، يكفي أنك حاولت خلق شيء جديد، لأن المحاولة نفسها هي ما يُبقي هذه الصناعة حيّة.”

حديثه هذا يتقاطع مع نقاش واسع يدور في أوساط اللاعبين والنقاد حول مستقبل الإبداع في الصناعة، خاصة مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في كتابة الأكواد أو تصميم الرسومات، مما جعل بعض الأصوات تخشى أن يتحول تطوير الألعاب إلى عملية ميكانيكية فاقدة للروح. Inafune شدد على أن التكنولوجيا يمكن أن تساعد المطورين، لكنها لا يمكن أن تحل محل الخيال الإنساني الذي يصنع الفارق بين لعبة عادية وتجربة تبقى في الذاكرة. ربما لهذا السبب جاءت كلماته أشبه بتذكير جماعي بضرورة العودة إلى الجذر: إلى الشغف الأول الذي جعل من تطوير الألعاب فنًا لا مجرد صناعة.

كما أشار إلى أن العالم اليوم بحاجة إلى “جيل جديد من المغامرين” في مجال التطوير، أشخاص لا يخافون من طرح أفكار غريبة أو حتى مستحيلة. ضرب مثالًا على ذلك بنجاح ألعاب مثل Undertale وHollow Knight التي جاءت من فرق صغيرة لكنها غيّرت نظرة السوق إلى قيمة الإبداع الفردي. بالنسبة له، مثل هذه التجارب هي النبض الحقيقي الذي يُبقي صناعة الألعاب متجددة، لأنها تذكّرنا بأن النجاح لا يُقاس بحجم الاستوديو، بل بجرأة الفكرة.

وفي حين تواصل شركات كبرى مثل Ubisoft وEA وActivision التركيز على الصيغ المضمونة، يرى Inafune أن هذا التوجه لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، لأن اللاعبين أنفسهم سئموا من التكرار. الجمهور اليوم، كما يقول، أصبح أكثر نضجًا ويبحث عن تجارب تحمل بصمة شخصية لا عن مجرد منتج مُصمم لبيع الميكروترانزكشن. ورغم أن البعض يعتقد أن صوت الإبداع خفت، إلا أن Inafune متفائل بأن الموجة التالية في صناعة الألعاب ستكون مختلفة، يقودها مطورون يؤمنون بالقصص الجديدة والأنماط المبتكرة.

ومن الملفت أن خطابه تزامن مع تصريحات مشابهة من مصممين آخرين في اليابان، مثل Hideo Kojima وShinji Mikami، الذين عبّروا في مناسبات مختلفة عن رغبتهم في رؤية الصناعة تستعيد روح المخاطرة التي ميّزتها في التسعينيات وبداية الألفية. ربما ما يجمع بين هؤلاء المخضرمين هو الإحساس بأن الإبداع لا يولد إلا حين يواجه المطور المجهول دون ضمانات، وأن النجاح الحقيقي لا يتحقق بتكرار ما نجح سابقًا، بل بخلق ما لم يجرّب أحد القيام به من قبل.

كلمة Inafune في المؤتمر لم تكن مجرد مداخلة عابرة، بل يمكن اعتبارها دعوة لإعادة التفكير في الطريقة التي تُدار بها صناعة الألعاب عالميًا. فحين تصدر شركة عشر نسخ متتالية من لعبة واحدة مع تغييرات طفيفة، فإنها قد تربح على المدى القصير لكنها تخسر شيئًا أهم: احترام الجمهور وثقته في قدرتها على التجديد. ولعل هذا هو المعنى الحقيقي وراء نصيحته للمطورين بعدم التعلق بالماضي، لأن الإبداع لا يعيش في الظل، بل في ضوء المحاولة والتجريب.

ختامًا، يبدو أن الرسالة التي أراد Inafune إيصالها تتجاوز حدود المؤتمر، فهي أشبه بصرخة من القلب لكل من يعمل في هذا المجال: لا تجعلوا النجاح سجنًا، ولا تتركوا الفشل يُخيفكم من المحاولة التالية. فصناعة الألعاب لم تصل إلى ما هي عليه اليوم إلا لأن أشخاصًا تجرأوا يومًا على كسر القواعد وابتكار شيء لم يكن موجودًا من قبل. كما قال Inafune ذات مرة في مقابلة قديمة:

“اللعبة التي تفشل بشرف لأنها حاولت أن تكون مختلفة، أفضل من لعبة تنجح لأنها لم تحاول شيئًا جديدًا.”

ربما لم يكن يقصدها كشعار، لكنها تختصر فلسفته بأكملها، وتذكّر الجميع بأن سرّ بقاء هذه الصناعة نابضًا بالحياة هو الإبداع أولًا، وكل شيء آخر يأتي بعده.

Related posts

Jumanji تعود من جديد بفصلها الأخير: The Rock يؤكد نهاية المغامرة

Takaya Imamura يلمّح إلى عودة Star Fox على Switch 2

هل تفاجئنا Bethesda بإطلاق The Elder Scrolls 6 دون إعلان مسبق؟