شهدت الساحة اليوم إصدار لعبة Asterix & Obelix: Mission Babylon، لتعيدنا شركة Microids مجددًا إلى عالم الشخصيتين الأسطوريتين اللتين شكّلتا جزءًا من ذاكرة أجيال كاملة من محبي القصص المصوّرة وألعاب المغامرات. اللعبة أصبحت متاحة على الحاسب الشخصي وجميع الأجهزة المنزلية، ومعها عادت تلك الأجواء المرحة التي ميّزت الثنائي الشهير Asterix وObelix لعقود. هذه المرة، تبدو المغامرة وكأنها محاولة جميلة للمزج بين الحنين القديم وروح الألعاب الحديثة، من خلال تجربة تقدم فصولًا مليئة بالأكشن والكوميديا الخفيفة، بطريقة تضمن استمرار تعلق اللاعبين بهذه السلسلة العريقة. ومن بين الأمور التي لفتت الأنظار منذ اللحظة الأولى أنّ Microids أقدمت على تطوير اللعبة بروح وفاء تامة للتراث البصري والقصصي للمغامرين الغوليّين، مع حرص واضح على مواكبة إيقاع العصر سواء على المستوى التقني أو في طريقة تقديم المهمات والتحديات. باختصار، نحن أمام عنوان يؤكد أن ألعاب المغامرات العائلية لم تمت، بل لا تزال قادرة على خطف الأنظار، خصوصًا حين تُقدَّم باحترام لجذورها وشخصياتها الأصلية.
وبالنظر إلى العرض الرسمي الذي شاركته Microids، تظهر اللعبة بأسلوب تصوير كرتوني قريب جدًا من ستايل الكوميكس التقليدي، مع تركيز واضح على الألوان الزاهية وملامح الشخصيات المرحة التي يعرفها الجميع. من اللحظة الأولى، يشعر اللاعب وكأنه يشاهد صفحات من كتاب Asterix القديم تنبض بالحياة، ويتقدم فيها الثنائي في مهمات تتضمن قتال جنود الرومان، مطاردة الأعداء في مواقع غريبة، وعبور مراحل مليئة بالفخاخ والتحديات. ورغم بساطة أسلوب اللعب الظاهري، إلاّ أن التجربة ليست موجهة فقط للصغار أو اللاعبين الباحثين عن تجربة سهلة؛ بالعكس، هناك تنوع في آليات اللعب وقدرة اللعبة على خلق مواقف تتطلب تركيزًا وسرعة رد فعل وتفكيرًا خفيفًا في ترتيب الضربات وتجاوز العقبات. وهذا أمر مهم جدًا، لأن الكثير من الألعاب المبنية على أعمال كلاسيكية تقع في فخ التبسيط المفرط، ما يفقدها القدرة على جذب الجمهور الأوسع.
الشيء الطريف في هذه اللعبة، وربما ما يجعلها تبدو كأنها امتداد طبيعي لعالم Asterix، هو التوازن بين الدعابة والقتال. نعم، هناك لحظات مليئة بالسخرية من الجنود الرومان، ومواقف ساخرة تجعل اللاعب يبتسم دون أن يشعر. ولا غرابة في ذلك، فلطالما كانت هذه السلسلة معروفة بأسلوبها الكوميدي اللطيف الذي يمزج بين النكات اللغوية وتعبيرات الشخصيات الطريفة. وفي الوقت نفسه، نرى حرصًا على تقديم مرحلة بعد أخرى بتنوع بصري وبيئي لافت، من القرى الغالية الصغيرة، إلى المواقع الغريبة والمتأثرة بالثقافات القديمة، وصولًا إلى مشاهد ربما يستشعر اللاعب فيها لمسة السينما الكلاسيكية. إحدى الجمل التي قالها أحد متابعي السلسلة على مواقع التواصل أعجبتني فعلًا: “اللعبة تبدو مثل تلك الرسوم القديمة التي كنا نشاهدها، لكنها تتحرك هذه المرة بإيقاع سريع ومُضحك أكثر.” وهذا يعكس تمامًا الشعور العام لدى الجمهور الذي يترقب هذه العودة.
إلى جانب كل هذا، تبقى نقطة مهمة تستحق الحديث: هل اللعبة فعلا تقدم تجربة جديرة بالشراء بالنسبة لليوم؟ الإجابة ليست مباشرة. إذا كنت من عشاق ألعاب العالم المفتوح الضخمة، أو من محبي تعقيد أنظمة القتال على طريقة Dark Souls أو أسلوب الحركة السريع مثل Devil May Cry، فربما لن تجد في Asterix & Obelix: Mission Babylon نفس العمق. لكن إن كنت تبحث عن تجربة خفيفة ممتعة، محمّلة بروح الفكاهة وروح الرسوم الكلاسيكية، وذات تصميم يعتمد على التسلية وليس الضغط العصبي، فهنا قد تجد مكانك تمامًا. هناك إحساس بأنها لعبة “راحة”، تلك التي تلعبها في مساء بسيط بعيد عن ضغط الحياة، وتستمتع بضحكة، أو بحركة سخيفة من Obelix وهو يرمي الجنود يمينًا ويسارًا دون أن يتوقف لحظة. إضافة إلى هذا، إمكانية اللعب التعاوني تفتح المجال لتجربة ممتعة مع الأصدقاء أو أفراد العائلة، ما يمنح اللعبة قيمة إضافية يصعب تجاهلها.
في النهاية، إطلاق Asterix & Obelix: Mission Babylon يُعيد تسليط الضوء على فئة من الألعاب التي أصبحت نادرة نسبيًا في السنوات الأخيرة؛ ألعاب تجمع الأسرة والأصدقاء، تقدم تجربة سهلة الدخول، لكنها محكمة في تقديم المتعة والمتابعة. من الواضح أن Microids قررت أن تستثمر في الحنين لإحياء تجربة قديمة بحس جديد، وهي خطوة تحسب لها، خصوصًا في وقت تتجه فيه الكثير من الشركات نحو الواقعية المفرطة أو العوالم الضخمة التي تستهلك وقت اللاعب بالكامل. هذه اللعبة تذكير لطيف بأن البساطة والمرح لا يزالان سلاحين قويين في عالم الألعاب. ومع توفر اللعبة على جميع الأجهزة الرئيسية، فمن المتوقع أن تجد جمهورًا واسعًا، يمتد من محبي السلسلة منذ عقود، إلى جيل جديد قد يتعرف على Asterix وObelix لأول مرة من خلال هذه المغامرة. وبين الحنين والحداثة، يظل السؤال مفتوحًا: هل ستعيد هذه اللعبة روح المغامرات الكرتونية إلى الساحة من جديد؟ الأيام المقبلة ستجيب، لكن البداية تبدو promising جدًا.