Postal: Bullet Paradise تسقط بعد الإعلان بساعات بسبب غضب اللاعبين

Postal: Bullet Paradise تسقط بعد الإعلان بساعات بسبب غضب اللاعبين

لم تمر سوى ساعات قليلة على إعلان شركة Running With Scissors عن مشروعها الجديد Postal: Bullet Paradise حتى تحولت أجواء الحماس والترقب إلى موجة عارمة من الغضب والانتقادات، انتهت بقرار مفاجئ وصادم يتمثل في إلغاء اللعبة بالكامل بعد أقل من أربع وعشرين ساعة فقط من الكشف عنها. هذا القرار السريع أثار جدلا واسعا داخل مجتمع اللاعبين، خصوصا أن السلسلة لطالما ارتبطت بتاريخ طويل من الجدل والاستفزاز المتعمد، لكن ما حدث هذه المرة تخطى حدود التوقعات حتى بالنسبة أكثر المتابعين تعودا على صدمات السلسلة. اللاعبون لاحظوا منذ اللحظة الأولى لعرض المواد الفنية الخاصة باللعبة وجود عناصر اعتبرها كثيرون مولدة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما فتح أبواب الاتهام على مصراعيها، ليس فقط باستخدام أدوات غير إبداعية، بل بعدم احترام روح السلسلة وجمهورها في آن واحد. ومع الانتشار السريع للانتقادات عبر المنصات الاجتماعية والمنتديات، وجدت الشركة نفسها في قلب عاصفة لم تهدأ، بل تصاعدت حدتها بشكل غير مسبوق، لتتحول اللعبة خلال ساعات من مشروع واعد إلى عنوان مرتبط بالغضب وخيبة الأمل.

الاعتراض الأساسي من طرف اللاعبين لم يكن موجها فقط نحو فكرة استخدام عناصر فنية يشتبه في أنها مولدة بالذكاء الاصطناعي، بل تعداه إلى الإحساس العام بأن المشروع يفتقر إلى الروح التي لطالما ميزت ألعاب POSTAL عبر تاريخها الطويل. فالجمهور، خصوصا جمهور هذه السلسلة، حساس للغاية تجاه أي تغييرات تمس الهوية البصرية أو الأسلوب الساخر العنيف الذي يميز العناوين السابقة. كثير من اللاعبين عبّروا عن شعورهم بأن Bullet Paradise لا تعكس شخصية السلسلة بل تبدو أقرب إلى تجربة سريعة مصممة لاستغلال الاسم فقط دون تقديم محتوى أصيل. البعض كتب تعليقات قاسية، والبعض الآخر حاول أن يكون أكثر هدوءا، لكن الإجماع كان واضحا منذ الساعات الأولى، الثقة اهتزت، والصورة الذهنية للمشروع تضررت قبل أن يأخذ فرصته الحقيقية أمام الجمهور. هذا النوع من ردود الفعل الجماعية لم يترك أمام الشركة سوى خيارات محدودة، إما المواجهة ومحاولة امتصاص الغضب، أو اتخاذ قرار جذري وسريع يحسم الجدل من أساسه. ويبدو أن Running With Scissors اختارت الطريق الأصعب والأسرع في الوقت ذاته.

الشركة أصدرت بيانا رسميا تؤكد فيه أنها شعرت بأنها مغلوبة أمام حجم الردود السلبية التي انهالت عليها من جميع الجهات، وهو اعتراف نادر نسبيا في صناعة اعتادت في كثير من الأحيان الدفاع حتى النهاية عن المشاريع محل الجدل. البيان أشار بشكل مباشر إلى أن الثقة بينها وبين فريق التطوير Goonswarm Games قد تضررت نتيجة ما حدث، وهو ما دفعها إلى اتخاذ قرار الإلغاء الفوري دون تفكير طويل في بدائل أو حلول مرحلية. هذه الخطوة عكست بوضوح أن المسألة لم تعد تتعلق فقط بمستقبل لعبة واحدة، بل بسمعة اسم كبير مثل POSTAL يحمل تاريخه الخاص، بتقلباته ونجاحاته وإخفاقاته. وفي تصريح لافت، أعاد مؤسس الشركة Vince Desi التأكيد على فلسفة لطالما تحدث عنها في مناسبات سابقة حين قال في معنى واضح أن “مجتمع POSTAL يأتي دائما في صلب كل قرار نتخذه”، وهي عبارة اختزلت الكثير من دوافع القرار السريع، ووضعت الجمهور مرة أخرى في موقع المحرك الأساسي لمسار السلسلة، حتى لو كلف ذلك التضحية بمشروع كامل في بداياته.

المثير للاهتمام في هذه القصة أن الإلغاء لم يأت نتيجة فشل تجاري أو ضعف مبيعات أو عيوب تقنية ظهرت بعد الإطلاق، بل بسبب الانطباعات الأولى فقط. وهذا يعكس إلى أي حد أصبحت الصورة الذهنية لأي لعبة في عصر الشبكات الاجتماعية عاملا حاسما قد يقرر مصيرها في ساعات، وربما دقائق. حين تنتشر المقاطع والصور بسرعة، وحين تتكاثر التعليقات والتقييمات المبدئية، يصبح من الصعب السيطرة على السردية العامة. بعض اللاعبين دافع عن فكرة إعطاء المشروع فرصة قبل الحكم عليه، لكن أصوات الغضب كانت أعلى وأوسع انتشارا. واللافت أن اعتراضات كثيرة لم تكن تقنية بقدر ما كانت أخلاقية وفنية، مرتبطة بفكرة الإبداع، وحدود الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الفني، وهو نقاش بات اليوم حاضرا بقوة في مختلف فروع الصناعة الإبداعية، من الألعاب إلى الموسيقى والسينما. حالة Postal: Bullet Paradise جاءت لتكون مثالا صارخا على كيف يمكن لهذا النقاش أن يتحول إلى عامل هدم لمشروع كامل في ظرف ساعات.

ورغم هذه العاصفة، تحاول Running With Scissors أن تبعث برسائل طمأنة لجمهورها بأن مستقبل السلسلة لم يتأثر، وأن بوصلتها ما تزال موجهة نحو المشروع الذي تعلّق به الآمال حاليا، وهو Postal 2 Redux. الريميك الرسمي للعبة Postal 2 الكلاسيكية حقق نجاحا لافتا على منصة Kickstarter، بعد أن استطاع جمع أكثر من 638 ألف دولار، وهو رقم يعكس بوضوح حجم الثقة التي لا يزال يحملها الجمهور تجاه السلسلة في حال تم تقديمها بروحها الأصلية واحترام إرثها. هذا النجاح في التمويل الجماعي لم يأت من فراغ، بل نتيجة حنين اللاعبين لتجربة أعادت تعريف الجرأة والسخرية السوداء في زمنها، ورغبتهم في رؤية تلك التجربة تعود بحلة حديثة تحفظ جوهرها ولا تفرغها من معناها. في هذا السياق، يبدو أن قرار إلغاء Bullet Paradise لم يكن مجرد رد فعل غاضب، بل خطوة محسوبة لإعادة توجيه الدفة نحو مشروع يحظى بإجماع أوسع ودعم فعلي من القاعدة الجماهيرية. وربما يمكن القول إن الشركة فضلت خسارة مشروع جديد مثير للجدل، مقابل الحفاظ على مشروع آخر يمثل الجذور والأصالة.

في النهاية، ما حدث مع Postal: Bullet Paradise يعكس تحولا واضحا في علاقة المطورين بجماهيرهم. في السابق، كانت الشركات تملك زمام المبادرة بشكل شبه مطلق، أما اليوم فصوت المجتمع أصبح عاملا حاسما لا يمكن تجاهله. اللاعب لم يعد مجرد مستهلك ينتظر المنتج النهائي، بل شريكا في التقييم، وفي التوجيه، وأحيانا في اتخاذ القرار نفسه. الإلغاء السريع للعبة بعد يوم واحد فقط من الإعلان سيظل حالة تدرس طويلا في سياق العلاقة المتوترة أحيانا بين الإبداع، والتكنولوجيا الجديدة، وتوقعات الجمهور. وقد يكون درسا قاسيا لكنه واضح المعالم لكل من يفكر في إطلاق مشروع جديد داخل هذا السوق شديد الحساسية. وبين من رأى في القرار شجاعة تحسب للشركة، ومن اعتبره تسرعا كان يمكن التعامل معه بهدوء أكبر، تبقى الحقيقة واحدة، اسم POSTAL خرج من هذه العاصفة مثقلا بالأسئلة، لكنه في الوقت ذاته لا يزال يملك رصيدا جماهيريا قادرا على منحه فرصة جديدة، شرط أن تكون الخطوة القادمة أكثر اتزانا، وأكثر احتراما لذاكرة اللاعبين وتوقعاتهم.

Related posts

عودة محتملة لـ Will Smith في مشروع جديد لسلسلة Men In Black

Paramount تتحرك للاستحواذ على Warner Bros Discovery في صفقة تاريخية

قطر تدخل سباق الذكاء الاصطناعي عبر تأسيس شركة QAI