تقنيةمقالات تقنية

(ح5) الذكاء الإصطناعي و الزراعة.. نظرة على الآن و مستقبل الأتمتة و البرمجيات الذكية الزراعية

عن : “HARVARD International Review”

بينما كان الذكاء الاصطناعي (AI) يبدو حتى وقت قريب خيالًا علميًا، فإن عددًا لا يحصى من الشركات في جميع أنحاء العالم تبحث الآن عن طرق لتطبيق هذه التكنولوجيا في الحياة اليومية. يعمل الذكاء الاصطناعي من خلال معالجة كميات كبيرة من البيانات و تفسير الأنماط في تلك البيانات، ثم ترجمة هذه التفسيرات إلى أفعال تشبه تلك الخاصة بالإنسان،

* الإحتباس الحراري و الزراعة: حلقة مفرغة !

  يستمر “الإحتباس الحراري” في تهديد كل جانب من جوانب حياتنا اليومية، بما في ذلك إنتاج المحاصيل، وفقًا لدراسة من جامعة “Wageningen” نحن نشهد بالفعل تأثير ظروف النمو المعدلة هذه على إنتاجنا الغذائي في شكل غلات محاصيل أقل. إن إنخفاض إنتاج الغذاء له تأثير مدمر بشكل خاص على البلدان الناميةن إذ يتسبب تغير المناخ في فقدان 35 تريليون سعرة حراري من الأطعمة الإستهلاكية سنويا، و يضر بالدول الفقيرة التي لا تملك المال لإستيراد الغذاء، و النتيجة هي تزايد “إنعدام الأمن الغذائي”، كما أن إرتفاع منسوب مياه البحر يزيد من تفاقم المشكلة، فبحلول عام 2100، من المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 1 متر، مما سيكون له تأثير ضار على المزارعين على السواحل الذين لا تستطيع محاصيلهم البقاء في المناطق التي تكون فيها المياه مالحة للغاية.

* فوائد الذكاء الإصطناعي في الزراعة المراعية للبيئة

  من هنا، يكون الباب مفتوحا ليلج الذكاء الاصطناعي إلى المشهد الغذائي. يستخدم المزارعون الذكاء الإصطناعي في أساليب زراعية مثل “الزراعة الدقيقة”، حيث  يمكنهم مراقبة “رطوبة المحاصيل” و “تكوين التربة” و “درجة الحرارة” في مناطق النمو الزراعي، مما يمكن المزارعين من زيادة غلاتهم من خلال تعلم كيفية رعاية محاصيلهم و تحديد الكمية المثالية من المياه أو الأسمدة لإستخدامها.

  علاوة على ذلك، قد يكون لهذه التكنولوجيا القدرة على الحد من إزالة الغابات من خلال السماح للبشر بزراعة الغذاء في “المناطق الحضرية”. لهذا، إستخدمت إحدى شركات التكنولوجيا الإسرائيلية “خوارزميات الذكاء الاصطناعي” التي تخلق ظروفا مثالية للضوء و المياه لزراعة المحاصيل في حاوية صغيرة بما يكفي لتخزينها داخل المنزل، على أن هذه التكنولوجيا ستكون مفيدة بشكل خاص للبلدان في “أمريكا اللاتينية” و منطقة “البحر الكاريبي”، حيث يعيش الكثير من السكان في المدن. علاوة على ذلك، تشير القدرة على زراعة الغذاء في المناطق الحضرية الموجودة مسبقا إلى أن البشر يمكن أن يصبحوا أقل اعتمادا على إزالة الغابات لإنتاج الغذاء.

هل من مخاطر للذكاء الإصطناعي على الزراعة؟

  و مع ذلك، فإن الذكاء الإصطناعي لا يعتبر “حلا سحريا” إلا أنه قد يساهم في الواقع في الإحتباس الحراري. نظرا للكميات الكبيرة من البيانات التي يحتاجها الذكاء الاصطناعي و يعمل على معالجتها، فإن تدريب ذكاء إصطناعي واحد يطلق 5 أضعاف الإنبعاثات التي تنبعث من سيارة عادية خلال عمرها الإفتراضي، مما يضيف إلى الأثر البيئي الكبير بالفعل لتقنية الحوسبة.

  تعد مراكز تخزين و معالجة البيانات التي تقدم خدمات رقمية مثل “الترفيه الرقمي” و “الحوسبة السحابية” مسؤولة بالفعل عن 2٪ من إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري العالمية، و هو رقم يمكن مقارنته مع النسبة المئوية الإجمالية للتلوث الذي تساهم به صناعة الطيران. تشير هذه الدراسة، إلى ضرورة خفض التكاليف البيئية للذكاء الاصطناعي قبل توسيع التكنولوجيا على نطاق عالمي. يعمل بعض الباحثين بالفعل على تطوير “مقياس قياسي” يمكن للباحثين من العالم إستخدامه لمقارنة مدى كفاءة أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم، مما يشجع في النهاية المبتكرين على إنشاء معالجة بيانات صديقة للبيئة.

  قد يجادل البعض، بأن صعود الوظائف المؤتمتة ليس بالخطر الذي قد يبدو عليه، لا سيما بالنظر إلى نقص العمالة الزراعية في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الوضع الصيني و الامريكي لا يشابه بقية دول العالم، التي لا يزال العديد منها (في الجنوب) يعتمد على القطاع الزراعي بسبب قلة فرص العمل في المناطق الحضرية. في حالة ما تمكن المزارعون من إنتاج المزيد من الغذاء بمعدل أسرع بإستخدام الآلات، فسيكون لديهم حافز مهم للإبتعاد عن توظيف البشر و مما يعرض سبل عيش العديد من العائلات للخطر. حتى لو لم يفقد عمال المزارع وظائفهم، فقد تنخفض أجورهم لأنهم يبدون أقل كفاءة مقارنة بمنافسيهم من الروبوتات، و النتيجة هي الفقر المزمن و عدم المساواة.

المهدي المقدمي

شاب مغربي، محب للتقنية بصفة عامة، وخاصة العاب الحاسوب و الهاتف النقال، كما اعمل كمترجم و صحفي في الشأنين الإقتصادي و العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى