لم يكن أحد يتوقع أن يشهد شهر نونبر خبرًا يعيد إحياء واحدة من أكثر العلامات المحبوبة لدى جمهور ألعاب التجسس، لكن هذا ما حدث بالفعل بعد إعلان David Grivel، الذي سبق أن تولّى إخراج أحد أجزاء Splinter Cell، عن عودته إلى Ubisoft بعد فترة غياب امتدّت منذ العام 2022. هذا الخبر لم يمرّ مرور الكرام داخل مجتمع اللاعبين، بل أثار موجة واسعة من النقاش والتفاؤل، خصوصًا أن Grivel يعود مباشرة إلى Ubisoft Toronto ليقود إعادة تطوير الجزء الأول من السلسلة، وهو مشروع ينتظره عشاق اللعبة منذ سنوات طويلة. وقد عبّر الرجل عن سعادته بالعودة إلى هذا الفريق، مؤكّدًا أن فرصة العمل على ريميك Splinter Cell ليست مجرد مهمة وظيفية بالنسبة له، بل تجربة لها مكانتها الخاصة في مسيرته المهنية والشخصية.
عودته في هذا التوقيت تحمل دلالات عديدة، خصوصًا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن السنوات الأخيرة لم تكن سهلة بالنسبة للعلامة التجارية Splinter Cell. فبعد توقّف الإصدارات الرئيسية لفترة طويلة، ظل الجمهور يتساءل عن مستقبل السلسلة، وهل ستعود بالصورة التي تستحقها بالفعل. وبمجرد الإعلان عن تطوير ريميك للجزء الأول، بدأت بعض الآمال تتجدد، لكن غياب Grivel عن المشروع وقتها جعل هناك نوعا من الحذر والترقب. اليوم يبدو أن الأمور تعود إلى نصابها مرة أخرى، لأن الرجل الذي عاش تفاصيل اللعبة وأسلوبها وروحها خلال سنوات عمله السابقة، يعود الآن ليقود المشروع من جديد. ولعل أفضل ما قدّمه Grivel في تصريحاته هو قوله إن العمل على هذا الريميك يشكل بالنسبة له لحظة مميزة، لأنه سيعيد إحياء تجربة شكلت محطة مؤثرة في بداياته المهنية، وكأنها فرصة لإعادة كتابة فصل مهم من ذاكرته الإبداعية.
وبينما كان بعيدًا عن Ubisoft، لم يقف Grivel مكتوف اليدين، بل اختار العمل بشكل مستقل على مشاريع متعددة، ما أكسبه خبرات جديدة كان أبرزها مشاركته في تصميم Battlefield 6 كمخرج للتصاميم، وهي تجربة سمحت له بالتعامل مع أنظمة لعب مختلفة تمامًا عن أسلوب Splinter Cell. هذا التنوع في العمل عادة ما يثري مهارات أي مخرج إبداعي، لأنه يضعه أمام تحديات تتطلب حلولًا مبتكرة، ويرغمه على التعامل مع فرق تطوير جديدة وبيئات إنتاج غير مألوفة. وعندما يعود شخص بهذا الخليط من الخبرات إلى مشروع كلاسيكي يحمل طابعًا خاصًا مثل Splinter Cell، فمن الطبيعي أن تنتظر منه الجماهير شيئًا يتجاوز مجرد إعادة إنتاج النسخة الأصلية الرسومية. الكثير من اللاعبين أصبحوا يترقبون كيف ستؤثر تلك التجارب المتنوعة في القرارات الإبداعية التي سيتخذها داخل الريميك، سواء تعلق الأمر بطريقة التحرك، أو التعامل مع الظلال، أو تطوير الذكاء الاصطناعي الذي كان جزءًا محوريًا في التجربة الأصلية.
وبدون شك، فإن ريميك Splinter Cell ليس مشروعًا عاديًا بالنسبة لـ Ubisoft Toronto، لأنه يمثّل فرصة حقيقية لاستعادة ثقة محبي السلسلة بعد غياب طويل، وفرصة لتقديم تجربة تجسّسية معاصرة دون أن تفقد روحها القديمة التي أحبها اللاعبون. فكرة تطوير ريميك ليست مجرد إعادة بناء رسومية، بل عملية إعادة تخيّل ذكية يجب أن توازن بين الأصالة والابتكار. ومن هنا تأتي أهمية وجود مخرج يعرف السلسلة من الداخل، ويعرف ما الذي جعل Sam Fisher شخصية خالدة لدى كثيرين. اللعبة الأصلية التي صدرت في بداية الألفية كانت تعتمد على أسلوب التوتر الهادئ، واللعب بصبر، وقراءة البيئة بدقة قبل اختيار أي خطوة، وكانت تُقدّم كل ذلك دون مبالغة أو ضوضاء. الحفاظ على هذا الجو في نسخة حديثة ليس أمرًا بسيطًا، لأن توازن الألعاب تغير بشكل كبير خلال العقدين الماضيين. الكثير من ألعاب التجسس المعاصرة تميل إلى الأكشن المباشر أو تقدم حرية واسعة، وهذا يجعل مهمة Grivel أكثر حساسية، لأن عليه أن يحافظ على الهوية الأصلية دون أن يجعل التجربة تبدو قديمة أو محدودة.
ومع أن Ubisoft لم تكشف حتى الآن عن الكثير من التفاصيل الفنية المتعلقة بالريميك، فإن الإعلان عن إعادة Grivel إلى منصب الإخراج أعطى المشروع دفعة ثقة قوية، وبدأ الجمهور يتساءل عن مستوى التحسينات التي قد نشهدها في القصة وتقديم الشخصيات والسيناريو. كثير من محبي اللعبة يعتقدون أن إعادة كتابة بعض الحوارات أو تطوير الأحداث بطريقة أكثر عمقًا قد تمنح النسخة الجديدة قوة سردية إضافية. وهناك توقعات بأن يعود الفريق لاستخدام الإضاءة الديناميكية بشكل مكثف، لأن Splinter Cell كانت واحدة من الألعاب التي ميّزت نفسها في ذلك الزمن بأسلوب الاستفادة من الظلال والضوء. ويميل البعض إلى الاعتقاد بأن Grivel سيحاول دمج التجربة الأصلية بالمعايير الحديثة للواقعية، خصوصًا بعد عمله على ألعاب ضخمة تعتمد على أنظمة متقدمة في التحريك والبيئات.
وتجدر الإشارة إلى أن الريميك مخطط لإصداره خلال العام المقبل، وهو توقيت يبدو مناسبًا لمواكبة اهتمام اللاعبين المتزايد بالألعاب الكلاسيكية المعاد تطويرها، خصوصًا بعد نجاح موجة الريميكات التي اجتاحت السوق خلال السنوات الأخيرة. هناك وعي متزايد اليوم بأن الجمهور أصبح يبحث عن تلك التجارب التي تجمع بين الحنين والدقة التقنية الحديثة، وأن ريميك Splinter Cell قد يكون واحدا من المشاريع التي تسعى Ubisoft من خلالها لاستعادة بعض بريق الماضي، مع تقديم رؤية جديدة تجعل اللعبة قابلة للعب حتى لمن لم يجربوا النسخة الأصلية في وقتها. وإذا تم تنفيذ هذا العمل على النحو الصحيح، فقد يكون بداية مرحلة جديدة للسلسلة وربما تمهيدًا لأجزاء جديدة بالكامل.
وعندما ننظر إلى ردود فعل اللاعبين على مواقع التواصل الاجتماعي، نجد خليطًا بين الحماسة والفضول، فهناك من ينتظر بشغف مجرد مشاهدة أول عرض فعلي للّعبة، وهناك من يريد معرفة كيف سيعاد تشكيل شخصية Sam Fisher بصوته، وحركاته، وأسلوبه في التعامل مع المهمات. وفي هذا السياق، يبرز اقتباس Grivel الذي عبّر فيه عن مشاعره تجاه المشروع قائلا إنه يشعر بأن العمل على هذا الريميك يشبه «عودة إلى بيت يعرفه جيدًا». هذا النوع من التصريحات يعطي الجمهور انطباعًا بأن المشروع ليس مجرد تكليف جديد، بل تجربة يضع فيها المخرج جزءًا من روحه ومحبته للسلسلة. وهذا عنصر مهم جدًا عندما نتحدث عن ريميك لمشروع له قيمة عاطفية كبيرة لدى قاعدة جماهيرية واسعة.
قد تكون التحديات أمام الفريق كبيرة، خصوصًا أن السلسلة لم تحصل على جزء جديد رئيسي منذ مدة طويلة، لكن وجود مخرج يعرف السلسلة ويحبها، ويملك خبرة داخل Ubisoft وخارجها، قد يكون المفتاح لإعادة بناء ما ينتظره اللاعبون منذ سنوات. وإذا نجح الفريق في تقديم تجربة تجمع بين الهدوء الاستراتيجي والأجواء المظلمة والحركة الذكية التي اشتهرت بها السلسلة، فمن المحتمل أن نشهد عودة قوية لعالم Splinter Cell، وربما بداية تجديد فعلي لهذه العلامة التي طال غيابها. وفي النهاية فإن ما ينتظره محبو الألعاب ليس مجرد لعبة جديدة، بل لحظة استعادة ذكرى جميلة، وفرصة لتجربة ما أحبوه في الماضي بصياغة تليق بجيل اليوم.