محسن زاوية “ميجامانزد”
في عالمنا الذي نعيش فيه، نعرف بأنه يوجد هناك أشهر تميمتين على الإطلاق، الفأر ذو الأذنين الدائريتين المميزتين “mickey mouse” في أقصى غرب العالم الولايات المتحدة الأمريكية، والسمكري “mario” في أقصى شرق العالم بلاد الساموراي اليابان، الأول من إنتاج العملاق الأمريكي walt disney والثاني من إنتاج “big n” نينتندو، إذن فلنتفق على أن التميمة ماريو يقف على قدم المساواة مع ميكي ماوس كأشهر “وجهين” عرفهما العالم على الإطلاق
حديثنا في هذا المقال سيكون عن أشهر سمكري عرفه التاريخ أي ماريو، كيف صار ماريو “تميمة الحظ” لنينتندو واليابان وبالتالي العالم، ماسر شهرته الجارفة، وكيف صار وجهه يساوي ذهبا؟
للإجابة على جميع هذه الأسئلة. دعنا نرجع للتاريج قليلا. في سنوات السبعينات، وعندما قرر ياموشي رئيس نينتندو آنذاك بمعية “مارادونا” نينتندو آنداك جانبي يوكوي. مبتكر أغلب براؤات اختراع نينتندو كالجيمبوي و dpad “ولعبة wario land التي سبق وتحدثت عنها” دخول سوق ألعاب الفيديو ومحاولة الوصول للسوق الأمريكية. قال يوكوي لفريق عمله آنذاك أن يصمموا لعبة مستوحاة من كرتون popeye وذلك لأن باباي كان أحد أيقونات الكرتون الأمريكي آنذاك. فتقدم مصمم الغرافيك المعروف حاليا ب “ساحر ألعاب الفيديو” shigeru miyamoto بأفكار لاتخطر على بال أحد بحيث أن الشرير “قرد” والبطل “إيطالي” والذي كان اسمه أول مرة “mr video game” ثم بعدها “jump man” والذي سيحاول إنقاذ أميرة في قالب مستنبط “حرفيا” من صراع باباي وبلوتو من أجل الفوز بقلب أوليفيا ليكونو لنا اللعبة “الأيقونة” donkey kong، لكن بسبب تهافت “من هب ودب” على صناعة الألعاب آنذاك وإنتاج الألعاب ل atari 2600 حتى صنعت أسوأ الألعاب حينها لعل أشهرها كان أسوأ لعبة في التاريخ اللعبة “الزبالة” et، لدرجة أن سوق ألعاب الفيديو كان مهددا بالكساد سنة 1983 بما يعرف ب “كارثة 83″، لكن لحسن الحظ صدر جهاز nintendo famicom والتي هي اختصارا family computer في اليابان بغرافيكه القوي جدا آنذاك “8bit” وكساد سوق ألعاب الفيديو في العالم مما كونت فرصة “ذهبية” من أجل الانقضاض على هذا السوق الواعد وبالتالي السيطرة على هذا السوق وجعل نينتندو المتحكم رقم 1 في هذا السوق. اجتهد مخترعوا ومصممو ألعاب الفيديو داخل الشركة وخارجها “شركات الطرف الثالث” وذلك من إنتاج ألعاب سطرت لتاريج مشرق لألعاب الفيديو لازال صداه صادحا ليومنا هذا، في تلك الأثناء كان شيغيرو مياموتو بمعية فريق عمله يحضرون للعبة ستقلب موازين القوى في عالم ألعاب الفيديو ليومنا هذا، وقد سمي بطل “ميكي ماوس اليابان” باسم مستثمر إيطالي ناجح في مجال العقار أجرهم مكانا ليكون موطأ قدم لنينتندو في أمريكا مقابل أن يسمي بطل اللعبة “الأيقونة” باسمه، اسم المستثمر الإيطالي كان mario segale، لتصير اللعبة هكذا، سمكري إيطالي يدخل إلى مملكة الفطر من خلال المجارير هو وأخوه “واحد أحمر وواحد أخضر” لينقذوا مملكة الفطر الذي تحول شعبها إلى فطر تحت تأثير السحر وينقذو الأميرة من “السلحفاة” الشرير، اللعبة حملت الإسم الشهير الذي يعرفه العالم من صغيره لكبيرة super mario bros أو الأخوان ماريو نسبة للأخوين ماريو “السمكري الأحمر” ولويجي “السمكري الأخضر”، يكفي أن أقول أن اللعبة فاقت مبيعاتها ال 40 مليون نسخة “دون احتساب تحميلات الأونلاين” لتعرفوا مدى النجاح والشهرة الذي حققته الشركة من وراء تلك اللعبة التي صارت مادة تدرس لمصممي ألعاب الفيديو على مدار السنوات ليومنا هذا، وبذلك صار ماريو في وقت قصير “ميكي ماوس اليابان” وأيقونته الأولى دون منازع، مما جعل “البيج إن” يفكرون في تصميم جزء ثان “تكملة” لنجاح الجزء الأول الشهير، لذا قام takashi tezuka “وهو الساعد الأيمن لمياموتو” بالإشراف على تصميم هذا الجزء كون مياموتو كان مشغولا بتصميم أيقونة نينتندو الثانية the legend of zelda، بمحافظة تاكاشي تيزوكا على نفس رسوم الجزء الأول مع زيادة “تصعيب” الأمور على اللاعبين وبمساعدة روسية، خلصو لإنتاج super mario bros 2 اليابانية أو الإسم المعروفة به في السوبر نينتندو super mario lost levels، اللعبة كانت صعبة جدا ومن الصعب على أي لاعب عادي أن يكملها بسهولة، عند اقتراح اللعبة على الأمريكان حينها، قالو لهم أن اللعبة صعبة جدا على الأمريكيين لذا عليكم التفكير في حل بديل يجعل الأمريكيين يلعبون في جزء ثان “أكثر سهولة”، في تلك الأثناء، كان فريق عمل السوبر ماريو برادرز قد صمم في اليابان سنة 1987 لعبة جميلة جدا تحت اسم doki doki panic، مافعله مياموتو ومن معه، هو “تبديل” رؤوس أبطال دوكي دوكي بانيك برؤوس “ماريو”، “لويجي”، “تود” و “الأميرة تودستول” تباعا مع الاحتفاظ بكافة تفاصيل تصميم دوكي دوكي بانيك وذلك من أجل دخول السوق الأمريكية دخولا “مظفرا”، اللعبة حققت نجاحا منقطع النظير بعد فعلة نينتندو “الماكرة”، انتبه بعدها مدراء ومسؤولوا نينتندو بأن وجه ماريو “وجه السعد” وجالب للحظ السعيد لهم، لتجد “وجه السعد” في كل مكان في ألعاب نينتندو، حتى أن ألعابا لم تكن لتستطيع “بالكاد” بيع بضعة آلاف، لكن وبمجرد وضع وجه ماريو في أي مكان في تلك الألعاب، تزداد مبيعات تلك الألعاب بشكل مهول لتباع “كالخبز”، نذكر منها لعبة tennis التي هي مجرد لعبة تنس، لكن وبمجرد وضع وجه ماريو مكان وجه الحكم، تغيرت المعطيات وصارت من أكثر الألعاب مبيعا على النيس والفاميكوم، ثم نذكر أيضا لعبة golf، لعبة غولف بسيطة جدا، لكن وبمجرد وضع وجه ماريو مكان وجه اللاعب الذي يضرب الكرة، صارت لعبة الغولف من أكثر الألعاب مبيعا على نفس الجهاز، ثم لعبة التحطيم wrecking crew والذي تم استبدال وجه محطم الأبنية بوجه ماريو لتصبح بين عشية وضحاها من أشهر الألعاب مبيعا في تاريخ النيس وفاميكوم، لعل أشهر أمثلتنا هو لعبة punch out، لعبة ملاكمة بسيطة، لكن وبمجرد استبدال وجه الحكم بوجه ماريو، صارت من أهم الألعاب في تاريخ نينتندو في لمح البصر وارتفعت مبيعاتها بشكل لايصدق.
هذا الأمر انتبهت له شركة أتاري والتي كانت تمر بأسوإ مراحل حياتها فصممت شبيها للعبة سوبر ماريو بروس تحت اسم “super boy” وذلك على أمل جني مزيد من الأرباح لعلها تنقذ بها مايمكن إنقاذه بعد كارثة 83 والتي دمرتها تدميرا شاملا لكن “فات الأوان” لأن نينتندو أكلت 70% من كعكة سوق ألعاب الفيديو العالمي وفرضت شروطها لوضع الألعاب على أجهزتها لعل أشهرها العلامة الشهيرة “seal of quality” والتي تضع شروطا صارمة لجودة ألعاب الفيديو وهذا أمر محسوب لنينتندو لأن بفعلتها هذه أنقذت عالم ألعاب الفيديو من الانقراض
الأمر لم يقف عند هذا الحد، ف “فتونة” نينتندو في سوق ألعاب الفيديو بفضل “وجه سعدها”. أسال لعاب كبار الشركات اليابانية والأمريكية والأوروبية، فنجد أن سوني دخلت “خلسة” ل “دار كيوتو”. من خلال رقاقة صوتها التي ركبت على سوبر نينتندو وصنعها للعديد من الألعاب لنفس الجهاز ومحاولة صنع الجهاز الشهير nintendo playstation. لكن خلافات دارت بين الشركتين دفعت سوني لإنتاج كونسولها الجديد playstation، ولكي يبدأ بداية جيدة. استقطب أغلب الألعاب التي كانت ستصدر أو صدرت على سوبر نينتندو دون أن تغفل أهم شيء. وهو استقطاب “وجه السعد” لكونسولها لكن نينتندو قالت لهم “نجوم السما أقرب لكم” فظل حلما يراود سوني لم يتحقق للآن. ثم نجد شركة philips الهولندية التي قامت بتقديم تكنولوجيا cd على طبق من ذهب لنينتندو في مقابل “جولة” ل “وجه السعد” على متن كونسولها cdi من خلال لعبة hotel mario. في الحقيقة كانت لعبة “كارثية” بكل المقاييس لكنها حققت إيرادات ضخمة للشركة لأنه “وجه السعد” أينما حل وارتحل، مؤخرا راج كلام يفيد بأنه سيكون هناك تعاون بين عملاق التكنولوجيا الأمريكي microsoft ونينتندو من أجل “تبادل الحصريات” يعني “بالعربي” يريدون “وجه السعد في كونسولهم xbox. لكن لحد الساعة لم يحصل أي شيء على أرض الواقع، حتى google بعظيم شأنها، حاولت مع نينتندو لكي تنزل “وجه سعدها” هلى هواتف android، فحصل ذلك فعلا وأطل في مناسبتين “mario run” و “mario kart”، لاأحتاج القول كم كانت الأرباح خيالية لكلا الجانبين، حاولت apple أيضا مع نينتندو وكان لها ماأراد “بجهد جهيد” لإضافة نفس لعبتي الأندرويد على ios، لن أقول أيضا كم كانت الأرباح خيالية، كم أنت كبير يا “وجه السعد”
لم ينتبه مسؤولو وصانعوا القرار داخل “دار كيوطو” ل “وجه السعد” وحدهم. بل حتى “قراصنة” الصين وهونغ كونغ وتايلاند انتبهوا لهذا الأمر وقرروا دخول هذا السوق الواعد “بطريقتهم” بحيث أنهم كانوا يمتلكون تكنولوجيا الفاميكوم والنيس “بمساعدة بطريقة أو أخرى من atari وتلك قصة أخرى” ل”يغزو” الأسواق العالمية “لاسيما الفقيرة منها” بشرائط الفاميكوم المقرصنة والتي تسمى اختصارا “famiclone” من أرقى مدنها العالمية إلى أفقر قراها النائية، القراصنة استخدموا “وجه السعد” ليستبدلوه مكان أشهر ألعاب الفاميكوم. بحيث مثلا كنا نجد “adventure mario” وهي باختصار لعبة “adventure island” لكن استبدلوا وجه البطل بوجه ماريو. أو “super mario 14” وهي باختصار لعبة saiyuki world 3 لكن استبدلو وجه البطل بوجه ماريو، أو ماريو “جاكي شان”، أو ماريو يقاتل ريو وشون لي في لعبة street fighter. أو ماريو “يأكل الجزر” في لعبة tiny toon، أو حتى ماريو من العصر الحجري “joe and mac”، أو غيرها من العجب العجاب الذي لايسعني هذا المقال لذكرها كلها، شخصيا لعبت أغلب هذه الهاكات منذ بداية سنوات التسعينات وقد استمتعت بها فعلا إلى جانب من عاصروني في جيلي جيل الفاميكوم والفاميكلون، هؤلاء “القراصنة” وللفكاهة باعو ملايير إن لم نقل “بلايين” الشرائط المقرصنة حول العالم “والبليون هو ألف مليار” مستغلين رخص تلك الشرائط وسرعة تلفها كي يشتري الزبناء شرائط جديدة من أجل الاستمتاع بتلك الألعاب، هناك “وللفكاهة أيضا” من نهض باقتصاد بلاده سنوات التسعينات بفضل “وجه السعد” وتحديدا دول شرق آسيا وتحديدا أكثر دول “النمور الأربعة” وهي دول “تايوان” “سنغافورة” “هونغ كونغ” و “كوريا الجنوبية”، دون أن نستثني الدب الروسي بكونسولهم “المقرصن” الشهير dendy، شخصيا لازلت أحتفظ بعدة خراطيش فاميكلون من تلك الدول أهمها من هونغ كونغ، كما لاحظتم ف “وجه السعد” ساعد على ازدهار التجارة في تلك الدول وبالتالي ازدهار تلك الدول اقتصاديا
ماجعلني أناقش هذا الموضوع بجدية هو لسبب واحد، أن أجد إجابة شافية عن سبب عدم بروز نجوم آخرين غير ماريو، لأجد الجواب التالي هو أن السبب اقتصادي والمسألة تتعلق بالمال فقط، مادام وجهه يجلب الدولار والأورو والين والدرهم والدينار، سيبقى هو السيد الآمر الناهي، لكن في نظري هذه السياسة “سيف ذو حدين”، لماذا لأن الحد الأول يعتمد على ماريو في جلب الرزق الوفير ل “دار كيوطو”، لكن الحد الثاني وهو الأسوأ في نظري، سيكون على الشركة مراقبة “مزاجية” السمكري الأحمر لأنه هو مصدر رزقهم وجالب قوتهم اليومي وحياتهم ككل مرتبطة بما يفعله ماريو وهذا أمر خطير جدا، لهذا أنا ممن يحثون نينتندو على تشجيع وجوه جديدة غير ماريو ك “واريو” مثلا لأنه صراحة من غير المعقول أن تربط الشركة حياتها بماريو
نأتي في الأخير ونقول ببساطة أن وجه ماريو يساوي ذهبا!!!
Views: 12