في عام 2014، نشرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” تقريرا عن وقوع زلزال بعد 3 دقائق من وقوعه. كان هذا العمل “الفذ” ممكنا لأن موظفا طور “روبوتا برمجيا” (Bots) يسمى “كويك بوت” (Quakebot) لكتابة المقالات آليا بناءا على البيانات التي تم إنشاؤها بواسطة “هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية”.
اليوم، تكتب أنظمة الذكاء الاصطناعي مئات الآلاف من المقالات التي تنشرها وسائل الإعلام الرئيسية كل أسبوع. في البداية، تم توفير معظم أدوات “توليد اللغة الطبيعية” (NLG) التي تنتج هذه المقالات بواسطة شركات برمجيات مثل “ناراتيف ساينس” (Narrative Science)، غير أن العديد من المؤسسات الإعلامية طورت إصداراتها الخاصة كما فعلت “بي-بي-سي” مع “جوسير” (Juicer) و “واشنطن بوست” مع “هيليوغراف” (Heliograf)، و ما يقرب من ثلث المحتوى الذي تنشره “بلومبرج” يتم إنشاؤه بواسطة نظام يسمى “سايبورغ” (Cyborg).
*عندما يكون للذكاء الإصطناعي رأي آخر !
تصر “كيت أوريوردان” الصحفي السابق في “بي بي سي”، و الآن كبير مسؤولي الإنتاج والمعلومات في “الفاينانشيال تايمز”على أن : “أنظمة إنشاء المقالات لن تحل محل الصحفيين البشر في المستقبل المنظور” و تضيف “يريد الجمهور البشري قراءة الرأي و التحليل، و ليس فقط البيانات المنظمة التي تتم معالجتها بواسطة خوارزمية ما”. بالنسبة لها، ترى أن أنظمة مثل “بروجيكت ديبايتر” (Project Debater) من شركة “IBM” تولد محاكاة جيدة للرأي.
الإحتمال الآخر المثير للإهتمام هو أن المقالات قد تصبح مخصصة لجمهور متخصص معين، و في النهاية لكل واحد منا على حدة، على سبيل المثال، إعلان صادر عن منظمة بحثية بأن “تضخيم إطار سيارتك بشكل صحيح يمكن أن يقلل من إنفاقك للبنزين بنسبة 7٪”، مثل هذا الشكل يمكن أن يكون مخصصا لمراعاة سيارتك، على إفتراض أنك أتيحت لك الفرصة للوصول إلى هذه المعلومات، من خدمات من قبيل (The Daily Me) في أخبار موجودة في شكل بدائي في شكل “أخبار غوغل” (Google News) و الخدمات المماثلة، التي تنظم إختيار المقالات التي تراها.
*الحاجة إلى أدوات أفضل و لتجارب إخبارية أكثر تخصيصا
يبدو أن عمل الصحافيين العالميين اليوم، مختلف تماما عما كان عليه الحال منذ جيل مضى. إلى جانب التطورات التكنولوجية الواضحة، فإن الصحفيين باتوا غارقين في البيانات على نطاق لم يكن موجودا من قبل.. عندما تفكر في مشاريع “الصحافة الإستقصائية” الأخيرة ، فأنت تتحدث غالبا عن أشخاص يبحثون في الآلاف و قد تكون عشرات الآلاف من الوثائق. شيء واحد يمكن أن تفعله أدوات و تقنيات الذكاء الإصطناعي هو مساعدة الصحفيين في البحث عن الأنماط و العثور على القصص في هذه المجموعات الضخمة من البيانات.
اليوم، تستخدم “معالجة اللغة الطبيعية” للعثور على المعلومات في البيانات، و التي يمكن أن تكون الأساس أو نقطة البداية لقصة ما. ما يمكن توقعه للمضي قدما، هو أن المراسلين سيحصلون على أدوات الذكاء الإصطناعي التي ستقيم الاتجاهات بدلا من أن يعمل الصحفي على جمع الكثير من المعلومات المتباينة و فرزها، سيتمكن في النهاية من تدريب نظام لمراقبة إتجاهات معينة و إخطارهم عند كل جديد. اليوم، تعتبر المؤسسات الإخبارية قادرة على معرفة المزيد عن قرائها. يمكننا إستخدام الذكاء الإصطناعي ليس فقط لتحديد ما إن كان القارئ يعرف شيئا عن موضوع معين بناءا على عادات القراءة السابقة، و أيضا إستخدام تلك المعرفة لتقديم تحديثات حول هذا الموضوع له.
على سبيل المثال، لنفترض أنك على إطلاع دائم بالخطط الحكومية في بلدك. يجب أن نكون قادرين على إستخدام الذكاء الإصطناعي لنخبرك بما حدث اليوم فيما يتعلق بها، و كيف يمكن أن تكون مناسبة لك ولمجتمعك. أو، على العكس من ذلك، إذا لم تكن قادرا على تتبع مجرى تلك الخطط، يجب أن نكون قادرين على إخبارك ليس فقط بما حدث اليوم بل و قادرين على توفير الخلفية و السياق اللازمين لمساعدتك على فهم ما يجري، كما يمكننا المساعدة في خلق التعاطف حول القضايا الرئيسية من خلال عدم الإشارة بشكل “مجرد” إلى المجموعات التي قد تتأثر بهذا التشريع، و إنما بالإشارة و بشكل ملموس إلى الأشياء التي تعرفها. هذا النوع من التخصيص، ممكن فقط على نطاق واسع من خلال الأتمتة و الذكاء الإصطناعي.
*كتابة المحتوى وجمع المعلومات بإستخدام (AI)
تستفيد مؤسسات الأخبار بشكل متزايد من أنظمة الذكاء الإصطناعي للكشف عن البيانات من مصادر متعددة و تلخيصها تلقائيا في مقالات أو دعم البحث عن تلك المقالات. أثبتت “خوارزميات التعلم الآلي” أنها بارعة في العثور على أنماط في البيانات النصية و عن كشف المعلومات المفيدة التي تلخص البيانات بداخلها بدقة. بإستخدام هذه الخوارزميات المتقدمة على كميات هائلة من “البيانات الصحفية”، “منشورات المدونات”، “التعليقات” و “منشورات وسائل التواصل الإجتماعي” ، “الصور” و “مقاطع الفيديو” و جميع أنواع المحتوى يمكن للمنظمات الصحفية التعجيل بالتطورات الإخبارية السريعة و توليد المحتوى الذي يلخص بدقة المواقف المتغيرة. تستخدم أنظمة الذكاء الإصطناعي أيضا لجمع المعلومات لعمليات التسويق و الإعلان. يمكن لأنظمة “التعلم الآلي” العثور على أنماط مستقاة عبر قنوات مختلفة تشير إلى معدلات المشاركة مع المحتوى و العثور على تلك المخفية التي يمكن أن تقترح طرقا أفضل للتواصل مع القراء و تقديم نتائج أفضل للمعلنين وتحقيق الدخل من المحتوى. يوجه تخصيص المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي القارئ إلى المحتوى ذي الصلة فيما يتعلق بإهتماماته و يقترح مقالات أخرى للقراءة، ما يبقي القراء على المواقع الإخبارية لفترة أطول و يجعلهم أكثر تفاعلا مع الكتابة والمحتوى.
يتمثل أحد التحديات الكبيرة في “الوصول الديمقراطي” السريع إلى التكنولوجيا اليوم، و أيضا في فصل الأخبار الحقيقية التي تحتوي على حقائق يمكن التحقق منها عن الأخبار المزيفة التي تهدف إلى التضليل أو الخلط أو منع المستخدم غير المطلع من التمييز بين الواقع و الخيال. لحسن الحظ، توفر “منظمة العفو الدولية” أدوات لمساعدة منتجي المحتوى و الناشرين على تحديد الأخبار المزيفة و تقليل تأثيرها على قرائها.
أضحت أنظمة الذكاء الإصطناعي قادرة على تحديد أنماط مصادر البيانات و المحتوى الإخباري الحقيقي من تلك التي تم إنشاؤها بشكل مصطنع. يمكن أن تعمل أنظمة “التعلم الآلي” هذه كعنصر تحكم تحريري أولي يمكنه التحقق من العناصر الإخبارية مقابل مصادر إضافية، و توفير التحقق تلقائيا من مصادر الجهات الخارجية، و المساعدة بشكل أكبر في تعزيز القصص الإخبارية الحقيقية. يمكن لمجمعي الأخبار، وضع روابط و مصادر التحقق من الحقيقة تلقائيا و تسجيل القصص الإخبارية الواردة مع إحتمالية صحتها. تتناسب العديد من مصادر الأخبار المزيفة مع أنماط حملات المعلومات المضللة التي تهدف إلى تحريف الرأي العام أو نقل قصة لا تدعمها الحقائق.
Views: 2