في خطوة قد تُشكل نهاية فصل طويل ومؤثر في تاريخ تطوير ألعاب الفيديو، لمح Hideo Kojima إلى إمكانية خروجه من ساحة صناعة الألعاب بعد الانتهاء من مشروعيه القادمين OD وPhysint. التصريح جاء خلال مقابلة حصرية مع منصة Brut الفرنسية، حيث تحدث مبتكر Metal Gear Solid وDeath Stranding بصراحة نادرة عن طموحاته الشخصية التي تتجاوز حدود عالم الألعاب الرقمية، وتصل إلى أروقة السينما، وهو المجال الذي طالما حلم باقتحامه منذ سنوات.
Kojima، الذي بلغ من العمر 61 سنة، أوضح أن رغبته في إخراج فيلم سينمائي لم تولد حديثًا، بل رافقته منذ بداياته الإبداعية، إلا أن التزاماته الحالية مع استوديوه Kojima Productions تقف حاجزًا مؤقتًا أمام تحقيق هذا الطموح. وأكد أن الانتهاء من تطوير OD، وهي لعبة رعب بالتعاون مع المخرج Jordan Peele، إلى جانب لعبة Physint التي وُصفت بأنها تجربة تدمج بين اللعب والسينما، سيمثل لحظة تقييم مصيرية لمساره المهني، وسيقرر حينها إن كان سيتفرغ بشكل كامل لعالم السينما.
ورغم أن Kojima لم يُعلن بشكل قطعي عن تقاعده من تطوير الألعاب، إلا أنه أشار إلى أنه قد يُسلّم مشاريعه المستقبلية، مثل Death Stranding 3، لفريقه داخل الاستوديو، مفضلًا لعب دور المنتج أو المشرف بدلًا من التورط في كل تفصيلة إبداعية كما اعتاد على مدى عقود. هذه الرؤية الجديدة تعكس رغبة Kojima في ضمان استمرارية علامته الإبداعية حتى في حال غيابه، وتُظهر أيضًا ثقته في الفريق الذي شكّله بعد انفصاله عن Konami سنة 2015.
تصريحات Kojima تُعيد إلى الواجهة العلاقة المعقدة بين ألعاب الفيديو والسينما، وهي علاقة كثيرًا ما تحدّث عنها كمصدر إلهامٍ في أعماله. فمنذ Metal Gear Solid 2، كانت ألعاب Kojima مليئة بعناصر السرد السينمائي، اللقطات الطويلة، الموسيقى المؤثرة، وتعقيد الشخصيات. بل إن كثيرًا من متابعيه يرون فيه مخرجًا سينمائيًا عالقًا في جسد مطور ألعاب، وهو ما يجعل انتقاله إلى السينما أمرًا طبيعيًا بالنسبة لمن يعرفونه حق المعرفة. إلا أن توقيت هذه الخطوة، بعد أكثر من أربعة عقود في الصناعة، يمنحها بعدًا رمزيًا حادًا، كأنها النهاية الطبيعية لمسيرة إبداعية عصفت بكل قواعد الألعاب التقليدية.
الساحة الإبداعية ستفقد بلا شك أحد أبرز أصواتها إذا قرر Kojima الانسحاب الفعلي من تطوير الألعاب. فبصمته لم تقتصر على خلق عوالم مذهلة وشخصيات خالدة مثل Solid Snake وSam Porter Bridges، بل شملت أيضًا إعادة تعريف تجربة اللعب نفسها، عبر كسر الجدران بين اللاعب والعالم الافتراضي، ودمج الأفكار الفلسفية، والرسائل الوجودية، وحتى الإشارات السياسية التي أثارت الجدل تكرارًا. ومع ذلك، فإن دخوله عالم السينما قد يفتح أمامه آفاقًا إبداعية جديدة تتيح له أخيرًا التعبير عن رؤيته دون قيود، سواءً على مستوى الإنتاج أو الشكل الفني.
الأسئلة كثيرة، والإجابات لن تأتي إلا بعد إطلاق OD وPhysint. هل ستكون هذه نهاية فعلية لمطور تحدى كل القواعد؟ أم أنها مجرد وقفة قبل عودة مختلفة؟ وما الذي يمكن أن يقدمه Kojima للسينما، وهو الذي أخرج فعليًا مشاهد توازي أكثر أفلام Christopher Nolan وDenis Villeneuve في التعقيد البصري والنفسي؟ كل ما نعرفه حاليًا هو أن مرحلة حاسمة تقترب، ومعها تتجه الأنظار ليس فقط نحو الألعاب التي يعمل عليها، بل نحو مستقبله الإبداعي خارج هذا الوسط الذي طبعه بطابعه الخاص.