في وقت باتت فيه الألعاب الخدمية والمحتوى القابل للتوسع هي السمة الغالبة على الصناعة، يخرج Ken Levine، أحد أبرز مخرجي الألعاب في العقدين الأخيرين، ليعيد التأكيد على التوجه الفني المختلف الذي يحمله مشروعه الجديد Judas. وفي مقابلة صحفية حديثة، شدد Levine على أن اللعبة تمثل عودة صريحة إلى جذور الألعاب الكلاسيكية التي تمنح اللاعب تجربة متكاملة مقابل سعر واحد، دون أي عناصر مرتبطة بالخدمات المباشرة أو التفاعلات المتصلة بالإنترنت.
تصريحات Levine لم تكن مجرد توضيحات تقنية، بل جاءت كبيان فني واضح يعكس فلسفته الخاصة في تصميم الألعاب. فبعد النجاح الباهر الذي حققته سلسلة BioShock، والتي ساهم في ابتكارها وقيادتها لسنوات، قرر أن يحمل مشروع Judas نفس الروح السردية المركزة، لكن في سياق جديد ومستقل تمامًا. وأوضح أن اللعبة ستُقدَّم كلحظة سردية قائمة بذاتها، تضع اللاعب في صلب القصة وتمنحه حرية الاكتشاف والتفاعل ضمن عالم متماسك ومكتمل البناء دون الحاجة لأي توسعات مستقبلية أو اتصال دائم بالشبكة.
ما يثير الانتباه أكثر في تصريحات Levine هو رفضه التام لنموذج الألعاب الخدمية أو ما يُعرف اصطلاحًا بـLive Service Model. هذه الفكرة التي باتت تُهيمن على معظم إنتاجات الشركات الكبرى مثل Ubisoft وEA وActivision Blizzard، تُركت جانبًا بالكامل في Judas. فبدلاً من ذلك، يصر المخرج على العودة إلى فلسفة “ادفع مرة، العب للأبد”، مع التركيز الكامل على جودة المحتوى الأساسي، وتقديم مغامرة غامرة تعتمد على السرد والقرارات المؤثرة، لا على تحديثات موسمية أو صناديق غنائم أو اشتراكات رقمية.
Judas، والتي يتم تطويرها حاليًا من طرف فريق Ghost Story Games، التابع لـTake-Two Interactive، تعد واحدة من أكثر الألعاب المنتظرة لعشاق الألعاب القصصية المعقدة، خصوصًا أولئك الذين وجدوا في BioShock شيئًا يتجاوز مجرد التصويب والمغامرة. ومع توفر الدعم الكامل من الناشر، يؤكد Levine أن المشروع يُطوَّر بدون تدخل تجاري مباشر، ما يسمح له وفريقه بالتركيز على الابتكار السردي والتجريبي، وهو ما وصفه قائلًا: “نحن محظوظون بوجود شركاء يثقون برؤيتنا ويمنحوننا حرية تصميم تجربة غير خاضعة للمألوف.”
من الواضح أن Judas تُشكِّل محاولة لإحياء النموذج الفني القديم للألعاب، حيث القيمة الجوهرية تُبنى على القصة واللعب وليس على الاقتصاد الرقمي. هذه الرؤية قد تشكل ردة فعل طبيعية من المطورين المخضرمين ضد الإفراط الحالي في أنظمة الدفع الجزئي والاعتماد المفرط على التفاعل الجماهيري المستمر، والذي غالبًا ما يأتي على حساب جودة التجربة الفردية. ومع وجود جمهور لا يزال يقدّر هذا النوع من الإنتاجات، فإن نجاح Judas قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من المشاريع المشابهة التي تعيد للاعب الكلاسيكي مكانته في السوق.