في خطوة تُعد واحدة من أبرز محطات التحول في علاقة ألعاب الفيديو بالسينما، أعلنت شركة Nintendo رسميًا عن اختيار طاقم التمثيل الذي سيقود مشروع الفيلم الواقعي القادم المقتبس من سلسلة الألعاب الأسطورية The Legend of Zelda، وذلك في شراكة إنتاجية تجمعها لأول مرة مع العملاقة العالمية Sony Pictures. هذا الإعلان، الذي طال انتظاره، يأتي ليضع حدًا لعقود من الشائعات والتكهنات حول تقديم مغامرة Link وPrincess Zelda في عمل سينمائي حي، ويؤكد أن المشروع دخل مراحل التنفيذ الفعلية بعد تحضيرات طويلة.
وقد كشفت Nintendo أن الممثلة Bo Bragason ستؤدي دور Zelda، بينما تم اختيار Benjamin Evan Ainsworth لتجسيد شخصية Link، بطل السلسلة الذي يُعرف بصمته الأيقوني وارتباطه العميق بعالم Hyrule الغني بالتقاليد والأساطير. اختيار هذين الممثلين يعكس توجهًا لإضفاء طابع شبابي وإنساني على الشخصيات الرئيسية، في محاولة لجذب جمهور جديد إلى جانب عشاق السلسلة الذين كبروا وهم يعيشون مغامرات Link منذ صدور اللعبة الأولى سنة 1986 على جهاز Nintendo Entertainment System (NES).
الشراكة بين Nintendo وSony Pictures تمثل تحولًا تاريخيًا في العلاقة بين الشركتين، خاصة بعد أن كانت بينهما علاقة متوترة في تسعينيات القرن الماضي، حين أُلغي مشروع الجهاز المشترك الذي كان يُفترض أن يكون “Nintendo Play Station”. لكن يبدو أن الزمن قد أصلح ما أفسده الخلاف، لتتعاون الشركتان اليوم في مشروع يحمل طموحات كبيرة لتقديم The Legend of Zelda على الشاشة الكبيرة بأسلوب يعكس عمق القصة وغنى العالم الذي بناه Shigeru Miyamoto على مدى أكثر من ثلاثة عقود.
المثير في هذا الإعلان ليس فقط اختيار الأبطال، بل ما يرمز إليه المشروع من حيث الانتقال بجواهر Nintendo من عوالم البيكسلات إلى شاشات السينما الواقعية. بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم The Super Mario Bros. Movie في موسم الربيع من سنة 2023، والذي أنتجته Illumination بالتعاون مع Nintendo، يبدو أن الشركة اليابانية أصبحت واثقة من قدرتها على توسيع امتيازاتها إلى قطاعات جديدة من الترفيه البصري. ووفقًا لما جاء في التصريحات الرسمية، فإن Shigeru Miyamoto سيكون أحد المنتجين التنفيذيين للفيلم، إلى جانب Avi Arad المعروف بأعماله مع Marvel Studios، مما يضع الفيلم تحت إشراف من يمتلكون خبرة حقيقية في تقديم القصص الملحمية للجمهور العام.
ومن المتوقع أن يحافظ الفيلم على الجوهر السردي لسلسلة Zelda، مع استلهام عناصر من أشهر أجزائها مثل Ocarina of Time، Twilight Princess، وربما حتى Breath of the Wild. وحتى الآن، لم يتم الإعلان عن بقية طاقم التمثيل أو أسماء الشخصيات الثانوية مثل Ganondorf أو Impa، ولكن التكتم المحيط بهذه التفاصيل يشير إلى أن Nintendo وSony تعتزمان تقديم حملة ترويجية ضخمة تتناسب مع أهمية المشروع.
الاهتمام الجماهيري بالفيلم بدأ يتصاعد بسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ لحظة إعلان الأسماء، حيث شهد وسم #ZeldaMovie نشاطًا غير مسبوق، خاصة بين محبي ألعاب الفيديو الكلاسيكية وسينما الفانتازيا. هذا التفاعل يُظهر حجم الترقب لما يمكن أن يكون واحدًا من أضخم أفلام الفانتازيا في العقد القادم، بل وربما يُعيد تشكيل العلاقة بين ألعاب الفيديو وهوليوود من جديد، بعد تجارب سابقة لم تحقق النجاح المتوقع مثل أفلام Assassin’s Creed أو Warcraft.
المشروع أيضًا يعكس استراتيجية Nintendo الجديدة في التوسع نحو المجالات الترفيهية المختلفة دون أن تفقد هويتها كعملاق للألعاب. ومن المحتمل أن تكون هذه الخطوة بداية لعصر جديد نرى فيه عوالم Metroid، Star Fox، وربما حتى EarthBound تنبض بالحياة في إنتاجات سينمائية أو تلفزيونية مستقبلاً، خاصة أن النجاحات الأخيرة أثبتت أن الجمهور مستعد لرؤية أبطال طفولته في سياقات سينمائية ناضجة ومبهرة بصريًا.
في انتظار الكشف عن مزيد من التفاصيل حول فريق الإخراج، التصوير، والموعد النهائي للإصدار، يبدو أن فيلم The Legend of Zelda يسير في طريق مفتوح نحو أن يصبح حجر الزاوية في مشروع طموح تحاول من خلاله Nintendo إعادة تقديم نفسها ليس فقط كشركة ألعاب، بل كمؤسسة إبداعية شاملة تمتلك القدرة على بناء عوالم يتردد صداها عبر الأجيال. ومع عناية دقيقة بالتفاصيل وتعاون مع شركات إنتاج تمتلك سجلًا ناجحًا في تقديم الفانتازيا والخيال العلمي، فإن سقف التوقعات يرتفع يومًا بعد يوم، وقد يكون الجمهور على موعد مع تجربة سينمائية توازي بل وربما تتجاوز جمالية الألعاب نفسها.