في عالم ألعاب الفيديو، تثير النجاحات المفاجئة مشاعر متضاربة، وقد يبدو غريبًا أن لعبة مثل Donkey Kong Bananza، التي حققت تقييمًا مرتفعًا قدره 91 على منصة OpenCritic، أصبحت فجأة محور جدال غير مبرر من طرف فئة من محبي Clair Obscur: Expedition 33، وهي اللعبة التي لا تزال تتصدر القائمة بتقييم أعلى بفارق نقطة واحدة فقط. على الورق، الحديث هنا عن لعبتين ناجحتين للغاية، تنتميان إلى نوعين مختلفين تمامًا من الألعاب: Bananza تمثل التجربة الكلاسيكية للمنصات بأسلوب Nintendo المرح والديناميكي، بينما Clair Obscur تنتمي لعالم تقمص الأدوار والدراما السردية العميقة التي وضعت اسم Sandfall Interactive ضمن قائمة الاستوديوهات الواعدة عالميًا.
من الطبيعي أن يحتفل عشاق ألعاب Donkey Kong بعودة قوية ومميزة لهذه السلسلة العريقة، التي عززت مكانتها بين أفضل الألعاب في النصف الأول من سنة 2025. لكن ما لم يكن متوقعًا هو ردة فعل البعض من جمهور Clair Obscur، الذين اعتبروا هذا النجاح وكأنه تقليل من قيمة لعبتهم المفضلة. هذه الحساسية الزائدة ظهرت بوضوح في التفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بعد منشور من الصحفي المعروف Gene Park من The Washington Post، حيث شارك صورة لنسخه الفيزيائية من Bananza، وClair Obscur، وDeath Stranding 2، مُعبرًا عن إعجابه بالثلاثة. المنشور، الذي بدا بريئًا ومتحمسًا، لاقى ردود فعل مستغربة من البعض الذين لم يتقبلوا مقارنة لعبتهم المفضلة بلعبة منصات أخرى، حتى لو كانت من إنتاج Nintendo.
أحد المعلقين شبّه مقارنة اللعبتين بمقارنة سيارة Minivan فاخرة بشاشات داخلية مع سيارة Ferrari، وكأن الفارق بين اللعبتين شاسع جدًا وليس نقطة واحدة فقط في التقييمات. Gene Park رد باستغراب: “لماذا تتحدث بهذه الطريقة؟”، معبرًا عن دهشة يشاركه فيها كثيرون. ما حدث لا يتوقف عند حدود التغريدات، بل وصل إلى انتقادات غير مبررة تجاه موقع IGN بعد أن منح Bananza تقييم 10/10، في حين حصلت Clair Obscur على 9/10. الملفت هنا أن التقييمين كتبهما نقّاد مختلفون، وهذا ما يبدو أن الكثير من المعترضين تجاهلوه تمامًا.
https://x.com/GodOfLiberals/status/1945520559585997283
بعض المعجبين بـClair Obscur ذهبوا إلى السخرية من Bananza لأنها حصلت على “فقط” ستة تقييمات كاملة، مقابل عدد أكبر لصالح لعبتهم، متناسين أن المعدل العام ما يزال متقاربًا إلى درجة لا تستدعي هذا القدر من الحساسية. بل إن البعض تصرّف وكأن الفارق بين اللعبتين هو 20 نقطة وليس مجرد واحدة، وهو ما يجعل هذا الجدل بلا أي أساس منطقي. في النهاية، من الغريب اعتبار نجاح لعبة أخرى تهديدًا للعبة المفضلة لديك، خاصة إذا كانت كلتاهما من أفضل الألعاب لهذا العام.
Donkey Kong Bananza ليست مجرد لعبة منصات ناجحة؛ إنها احتفاء بتاريخ Nintendo، وإعادة ابتكار لميكانيكيات اللعب الكلاسيكية بأسلوب بصري عصري يجعلها تحاكي الأجيال الجديدة من اللاعبين دون أن تخسر سحر الماضي. من ناحية أخرى، فإن Clair Obscur: Expedition 33 تقدّم تجربة قصصية فريدة موجهة لعشاق الألعاب العميقة التي تعتمد على السرد وتفرعات الحوارات. المقارنة بين اللعبتين من الأصل غير عادلة، لأن المعايير التي تُقاس بها كل واحدة تختلف تمامًا، ولا يمكن حصر جودة الألعاب في تقييم رقمي مجرد دون النظر إلى الفئة التي تستهدفها وطبيعة التجربة التي تقدمها.
https://x.com/adifying/status/1945463922640732621
ما يجعل النقاش أكثر تفاهة هو أن هذه المقارنات تصدر في وقت يعتبر من أقوى الفترات في صناعة الألعاب في السنوات الأخيرة. نحن لم نصل بعد إلى نهاية يوليوز، ومع ذلك شهدنا صدور ألعاب عملاقة مثل Death Stranding 2 وBlue Prince، وهذه الأخيرة، بحسب رأي كثير من اللاعبين والنقّاد، تفوقت على اللعبتين المتنازعتين. أليس من الأفضل أن نحتفل بتنوع الألعاب وتعدد أساليبها بدلًا من إثارة المعارك الرقمية حول نقطة تقييم واحدة؟ تعدد الخيارات هو ما يثري التجربة ويمنحنا مساحة للاستمتاع.
ربما ما يجب أن نتوقف عنده هو كيف تساهم ثقافة التقييم الرقمي في خلق صراعات غير ضرورية بين جماهير الألعاب. تقييم 9 أو 10 لا يعكس دائمًا الحقيقة الكاملة، تمامًا كما أن الإعجاب بلعبة ما لا ينبغي أن يتحوّل إلى هجوم على لعبة أخرى فقط لأنها نالت إعجابًا مشابهًا. في نهاية المطاف، التجربة الشخصية هي ما يحدد قيمة اللعبة، وليس فقط الرقم الموجود على موقع مراجعات.
https://x.com/Feld2K/status/1946014436529201275
ومع استمرار هذا العام الحافل بالعناوين الجديدة، علينا أن نتعلم كيف نحتفل بنجاحات ألعابنا المفضلة دون التقليل من الأخرى. فسواء اخترت الانغماس في العالم الغامض لـClair Obscur أو الاستمتاع بالقفز والمغامرات في Donkey Kong Bananza، فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن صناعة الألعاب في 2025 تمرّ بعصر ذهبي لا مثيل له منذ سنوات.