تشير أحدث التقارير إلى تراجع ملحوظ في حجم إنفاق الشباب الأمريكي على ألعاب الفيديو خلال عام 2025، وذلك بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد جاء هذا الانخفاض في سياق أوسع يشهده الاقتصاد الأمريكي، حيث تعاني الفئة العمرية ما بين 18 و24 عامًا من تحديات مالية متزايدة تؤثر على عادات الشراء، ليس فقط في مجال الألعاب، بل في قطاعات استهلاكية أخرى أيضًا.
وفقًا لبيانات حديثة نشرتها صحيفة The Wall Street Journal بناءً على أرقام شركة Circana المختصة بتحليل السوق، تراجع الإنفاق العام للفئة الشبابية خلال الفترة الممتدة من يناير إلى أبريل بنسبة 13%، مع انخفاضات واضحة في الإنفاق على الإكسسوارات (18%)، التكنولوجيا (14%)، والأثاث (12%). غير أن ألعاب الفيديو كانت الضحية الأكبر، حيث سجلت أعلى معدل انخفاض، ما يبرز تحولًا لافتًا في أولويات الشباب المالية والترفيهية.
أسباب اقتصادية عميقة وراء الانخفاض
المحللون الاقتصاديون يشيرون إلى أن هذا التراجع لا يُعزى إلى تغيير في الاهتمام أو تراجع شعبية الألعاب بحد ذاتها، بل إلى مزيج من الضغوط المالية التي باتت تؤرق الشباب الأميركي. ومن بين أبرز هذه الضغوط: صعوبة الحصول على فرص عمل بعد التخرج، استئناف سداد قروض الطلاب، وارتفاع معدلات التأخر في سداد بطاقات الائتمان، وهي الظاهرة التي تُسجل أعلى مستوياتها بين الفئة العمرية 18–29 عامًا، وفقًا لتقرير Federal Reserve Bank of New York.
صحيفة The Wall Street Journal أوردت أن “التحديات الاقتصادية المتعددة التي تواجه الشباب الأمريكي اليوم تلعب دورًا رئيسيًا في تراجع معدلات الإنفاق الاستهلاكي، بما في ذلك قطاع الألعاب الرقمية”.
تأثير محدود على الفئات العمرية الأكبر سنًا
من اللافت في التقرير أن هذا الاتجاه السلبي لم يُسجَّل بنفس الحدة في الفئات العمرية الأكبر سنًا، ما يوحي بأن التأثر المالي مركّز بشكل خاص على الجيل الصاعد من اللاعبين. الأمر الذي قد يُعطي إشارات مبكرة لشركات ألعاب الفيديو حول ضرورة مراجعة استراتيجياتها التسويقية والتجارية، خاصة تلك التي تستهدف الفئة الشبابية.
آفاق مستقبلية: هل تتغير المعادلة؟
رغم الأرقام السلبية، لا تزال هناك مؤشرات إيجابية يمكن أن تقلب المعادلة في النصف الثاني من العام. فإطلاق Nintendo Switch 2 في يونيو، والمتوقع أن يشهد نجاحًا واسعًا، قد يعيد الثقة للأسواق ويرفع من معدلات الإنفاق مجددًا. كما ينتظر اللاعبون بشغف إصدار Grand Theft Auto VI في العام المقبل، وهو الحدث الذي يُتوقع أن يكون له أثر كبير ليس فقط في قطاع الألعاب، بل في مجال الترفيه عمومًا، وربما يُسهم في إعادة تنشيط السوق.
ارتفاع أسعار الألعاب والأجهزة يفاقم المشكلة
ومع ذلك، فإن التحديات لا تتوقف عند حدود الظروف الاقتصادية. فقد شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا في تكلفة الألعاب، حيث لجأ العديد من الناشرين إلى تسعير ألعابهم الجديدة بـ80 دولارًا. كما ازدادت أسعار أجهزة الألعاب بشكل ملحوظ، إلى جانب تعزيز نماذج “تحقيق الدخل داخل اللعبة” (In-game monetization)، ما يزيد من العبء المالي على المستهلكين الشباب.
وقد علق Mat Piscatella، المحلل البارز في Circana، على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: “الناس لا يزالون يلعبون، لكنهم يفضلون الألعاب المجانية على الأجهزة التي يمتلكونها بالفعل”. ما يشير إلى تحوّل في سلوك اللعب أكثر من كونه تراجعًا في الشغف.
قطاع الألعاب في مواجهة تسريحات جماعية رغم الأرباح القياسية
يُذكر أن هذا التباطؤ في الإنفاق يتزامن مع اضطرابات ملحوظة داخل الصناعة. فعلى الرغم من الأرباح القياسية التي حققتها شركات الألعاب الكبرى، إلا أن قطاع التطوير يشهد موجة غير مسبوقة من التسريحات الجماعية. إذ تم تسريح نحو 2800 مطور خلال النصف الأول فقط من عام 2025، وهو رقم يضاف إلى 14600 تسريح تم في عام 2024، و10500 في عام 2023. مما يسلّط الضوء على فجوة متزايدة بين أرباح الشركات واستقرار القوى العاملة في الصناعة.
المصدر: IGN ME