تواجه شركة Ubisoft عاصفة من الانتقادات بعد تحديث مثير للجدل في اتفاقية استخدام برمجياتها، ينص على أن على المستخدمين حذف الألعاب التي تم وقف دعمها الرسمي من قبل الشركة. هذا البند الجديد، الذي مرّ بهدوء في وثائق الاستخدام القانونية، أعاد إشعال المخاوف القديمة بشأن مستقبل ملكية الألعاب الرقمية، خصوصًا في عصر لم يعد فيه اللاعب يمتلك فعليًا نسخته الخاصة من اللعبة، بل يكتفي بترخيصٍ قابل للسحب في أي وقت، وفقاً لسياسات الشركات المطورة.
تغيير الاتفاقية أشار بوضوح إلى أن Ubisoft تملك الصلاحية الكاملة لإنهاء وصول اللاعب إلى اللعبة في أي وقت تختاره، وهو ما يُعد سابقة مزعجة في صناعة الألعاب. لم تعد القضية مرتبطة بإغلاق سيرفرات أو إيقاف الدعم الفني، بل أصبحت تمتد إلى الطلب الصريح بحذف اللعبة من الجهاز حتى بعد شرائها بشكل رسمي. هذه الخطوة اعتُبرت ضربة قوية لفكرة “الملكية الرقمية”، التي كانت من قبل تُطمئن اللاعبين بإمكانية الاستفادة من ألعابهم لسنوات طويلة، حتى بعد خروجها من دورة التحديث والدعم.
جاءت هذه الصدمة مباشرة بعد حادثة إغلاق The Crew، وهي اللعبة التي أُطلقت سنة 2014 وعاشت لقرابة عقد قبل أن تُحوّل فجأة إلى تجربة غير قابلة للتشغيل، رغم امتلاك العديد من المستخدمين نسخًا رقمية منها. وقد أثار هذا القرار حينها موجة غضبٍ عارمة بين أوساط اللاعبين، ما أدى إلى إعادة إحياء حملة #StopKillingGames التي تطالب بحماية حقوق المستهلك الرقمي وضمان استمرار الوصول إلى المحتوى الذي تم دفع ثمنه.
ردود الفعل كانت عنيفة ومباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من اللاعبين والمحللين أن Ubisoft تتجاوز الخطوط الحمراء مرة أخرى. فالمطالبة بحذف اللعبة بشكل نهائي من الجهاز، حتى في حال كان اللاعب لا يزال قادرًا على تشغيلها في وضع أوفلاين، يُعد بالنسبة لكثيرين بمثابة انتهاك لحقوق المستخدم الرقمية. فهل يمتلك اللاعب حق التصرف بما اشتراه؟ أم أنه خاضع تمامًا لأهواء الشركة المطورة؟
التحول في موقف Ubisoft يعكس توجهًا مقلقًا في الصناعة ككل، خاصة في ظل ازدياد الاعتماد على الخدمات السحابية والمتاجر الرقمية مثل Ubisoft Connect وSteam وEpic Games Store. وبينما يروّج كثير من المطورين لمزايا الألعاب الرقمية من سهولة الوصول والتحديث التلقائي، فإنهم في المقابل يُقلّصون من صلاحيات اللاعب، ويحوّلون تجربته إلى مجرد “اشتراك مؤقت” يمكن سحبه في أي لحظة، دون حق الطعن أو التعويض.
القلق الأكبر لا يأتي فقط من Ubisoft وحدها، بل من احتمال أن تتبعها شركات أخرى كـ Electronic Arts أو Activision Blizzard أو حتى Sony Interactive Entertainment وMicrosoft Gaming. فإذا لم يتم التصدي لهذا الاتجاه، فقد نجد أنفسنا قريبًا أمام واقع تتحكم فيه الشركات بشكل مطلق في كل ما نلعبه، ومتى نلعبه، وحتى إن كنا نحتفظ به أم لا. وهذا ما يفتح نقاشاً أوسع حول أهمية تشريعات تحمي المستخدمين في الفضاء الرقمي، وتُجبر الشركات على ضمان نوع من الاستمرارية للمنتجات الرقمية، خاصة تلك التي يتم اقتناؤها عبر الدفع المباشر.
التوتر المتزايد بين الشركات والمستهلكين يعكس أيضًا تغيرًا جوهريًا في فلسفة الصناعة. فبينما كانت الألعاب في الماضي تُشترى على أقراص فيزيائية وتُحفظ للأبد، أصبحت اليوم خاضعة لشروط الاستخدام الرقمية (EULAs) التي تمنح الشركة الحق في التعديل أو الإلغاء متى شاءت، دون الرجوع إلى الزبون. ومع تسارع وتيرة التحول نحو الخدمات الرقمية بالكامل، مثل Xbox Game Pass وPlayStation Plus، يبدو أن المعركة القادمة لن تكون فقط حول جودة الألعاب، بل حول من يمتلكها فعليًا.
في هذه اللحظة الحساسة، تتعالى أصوات المجتمع الرقمي مطالبة بوقفة حقيقية تجاه هذه الممارسات، قبل أن تصبح القاعدة الجديدة في الصناعة. فلا يمكن أن تتحول علاقة اللاعب بمحتواه الرقمي إلى علاقة هشّة تُبنى على مزاج الشركات وشروطها أحادية الجانب، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمبالغ مالية حقيقية واستثمارات شخصية في مكتبات ألعاب تمتد لسنوات. المستقبل القريب قد يشهد صدامًا قانونيًا واسع النطاق إن لم تتدخل السلطات التشريعية لحماية المستهلك الرقمي، ومنع الشركات من فرض شروط تعتبرها شرعية بينما يراها اللاعبون قمعية وظالمة.