جاء الإعلان الجديد من Nintendo ليضع جماهير سلسلة The Legend of Zelda أمام واحدة من أكثر اللحظات الحماسية منذ الكشف الأول عن مشروع الفيلم. فقد أكدت الشركة عبر تطبيقها الخاص Nintendo Today أن العمل على النسخة الواقعية من السلسلة قد دخل مرحلة التصوير الفعلي، وهو خبر كان ملايين اللاعبين ينتظرونه منذ الإعلان الأول. ومع هذا الخبر، شاركت الشركة أول صورة رسمية تجمع شخصيتي Link وZelda وهما واقفان وسط سهل فسيح يوحي بأن الفيلم سيسعى إلى تقديم روح العالم المفتوح التي أحبها اللاعبون عبر السنوات. ما إن نُشرت الصورة حتى بدأت ردود الأفعال تتدفق بين متحمس ومتسائل، إذ يرى كثيرون أن هذه النسخة قد تكون واحدة من أهم خطوات Nintendo في عالم السينما بعد نجاح فيلم Super Mario Bros.
الصورة التي رافقت الإعلان قد تبدو بسيطة ظاهريًا، لكنها تحمل الكثير من التفاصيل التي يمكن قراءتها بعين لاعب يعرف السلسلة جيدًا. يظهر Benjamin Evan Ainsworth في دور Link مرتديًا زيًا أخضر قريبًا من التصميم التقليدي الذي عرفه الجمهور في معظم أجزاء السلسلة، وكأن الفيلم يريد منذ البداية أن يطمئن محبّي الشخصية بأن الهوية البصرية الأساسية لم تتغير. وبجانب Link، تظهر الممثلة Bo Bragason مجسدة شخصية Zelda بزي أزرق يذكّر مباشرة بملابسها في لعبة Breath of the Wild. لم يكن الأمر مجرد اختيار لون أو تصميم مألوف، بل رسالة بصرية واضحة تؤكد أن الفيلم يستلهم أعمال السلسلة الحديثة التي أعادت تعريف شكل ألعاب العالم المفتوح. وأكثر تفصيل أثار تعليقات الجمهور هو الأذن الحادة للطرفين، وتحديدًا القوس الذي تحمله Zelda، ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن دورها سيكون أكثر فاعلية في أحداث الفيلم، وربما يتجاوز الصورة التقليدية التي ظهرت بها في بعض إصدارات اللعبة القديمة.
ويأتي هذا الكشف متزامنًا مع إعلان آخر لا يقل أهمية، وهو تأكيد موعد العرض الجديد. فقد كان من المقرر أن يصدر الفيلم في مارس 2027، لكن ظروف الإنتاج دفعت Nintendo إلى تأجيله إلى السابع من ماي من السنة نفسها. التأجيل في عالم السينما ليس أمرًا جديدًا، بل يكاد يكون عادة خصوصًا في الأعمال الضخمة التي تحتاج إلى وقت لتخرج بالشكل الصحيح. ويبدو أن الفريق الإخراجي، بقيادة Wes Ball المعروف بسلسلة Maze Runner، اختار أن يمنح العمل مساحة إضافية للارتقاء بالإنتاج البصري والاعتماد على تقنيات تسمح بخلق عالم Hyrule كما يتخيله اللاعبون. كما أن وجود أسماء كبيرة في الإنتاج مثل Shigeru Miyamoto وAvi Arad يؤكد أن المشروع لا يُدار كفيلم عادي، بل كبداية محتملة لعالم سينمائي كامل إذا نجح العمل جماهيريًا. Miyamoto تحديدًا معروف بحرصه الشديد على التفاصيل، وقد ظهر أثر مشاركته في فيلم Super Mario Bros السابق، لذلك يأمل محبو Zelda أن يُترجم هذا الحرص إلى فيلم يليق بتاريخ السلسلة.
[/embedpress]
وما جعل الإعلان أكثر خصوصية هو ظهور رسالة رسمية من Shigeru Miyamoto نفسه، نشرها على حساب Nintendo الرسمي، يخبر فيها الجمهور بأن التصوير انطلق فعليًا وسط طبيعة خلابة وبحضور الممثلين الرئيسيين. الرسالة جاءت بسيطة لكنها مؤثرة، وكان أبرز ما ورد فيها قوله: “بدأنا التصوير وسط طبيعة ساحرة ومع فريق عمل متحمس، ونسعى لتقديم فيلم يرضي محبّي السلسلة… نرجو منكم المتابعة بهدوء حتى موعد الإصدار.” هذا الاقتباس كان كافيًا ليعيد الحماس إلى كثيرين شعروا بالقلق بعد سماع تأجيل موعد العرض. Miyamoto يميل عادة إلى الصمت إلا حين تكون هناك معلومة مهمة تستحق المشاركة، لذلك صدور رسالة باسمه بهذه الصيغة يُقرأ عادة على أنه تأكيد بأن العمل يسير كما يجب، وأن الفريق يعيش حالة من الثقة والطمأنينة تجاه النتيجة النهائية.
ومع أن الإعلان ركز على الجانب البصري ومرحلة التصوير، إلا أن النقاش بين المتابعين سرعان ما اتجه إلى الأسئلة الأوسع المتعلقة بمحتوى الفيلم نفسه. هل سيعتمد على قصة محددة من السلسلة؟ هل سيجمع بين عناصر من Ocarina of Time وBreath of the Wild؟ أم أنه سيكتب قصة جديدة بالكامل؟ حتى الآن لا تُعرف الإجابة، لكن الكثيرين يتوقعون أن يعتمد الفيلم أسلوبًا يُبقي الأشياء مألوفة دون أن يلتزم حرفيًا بأي لعبة محددة. وهذا الأسلوب شائع في الأفلام المقتبسة من ألعاب الفيديو، لأنه يمنح حرية أكبر للكتاب مع الحفاظ على الهوية التي يعرفها الجمهور. واللافت أن اختيار Wes Ball، المخرج الذي برع في تقديم عوالم واسعة وشخصيات شابة في Maze Runner، يشير إلى أن الفيلم ربما سيعطي اهتمامًا خاصًا للعلاقة بين Link وZelda، وأنه سيقدم روح المغامرة التي ميزت السلسلة منذ بدايتها دون أن يغرق في التعقيد أو كثرة الأساطير التي قد لا يستوعبها المشاهد العادي بسهولة.
ومع بداية التصوير، بدأت نظريات المعجبين تنتشر كالعادة. بعضهم يرى أن الفيلم سيستعير أسلوب Breath of the Wild في تصوير الطبيعة وبناء العالم، خصوصًا بعد رؤية السهل الأخضر في الصورة الأولى. آخرون يعتقدون أن النبرة ستكون أكثر نضجًا وقربًا من Twilight Princess، لكن مع تعديل يجعلها مناسبة لجمهور أوسع. وفي كل الأحوال، ما يبدو واضحًا هو أن Nintendo تحاول الابتعاد عن الأخطاء التي وقعت فيها شركات أخرى حين حولت ألعابًا شعبية إلى أفلام لم تحقق النجاح المطلوب. هذا جعل كثيرين يعتقدون أن التجربة الناجحة لـ Super Mario Bros شجعت الشركة على الدفع بقوة أكبر نحو تحويل Zelda إلى مشروع سينمائي ضخم. ومهما يكن اختيار التوجه الفني، فإن الضغط الجماهيري الموجود حاليًا يثبت أن الفيلم لم يعد مجرد تجربة عابرة بل حدثًا عالميًا ينتظره مجتمع اللاعبين بشغف غير مسبوق.
![]()
التفاعل الكبير الذي صاحب الإعلان يعطي لمحة عن مدى تأثير Zelda في الثقافة الحديثة. فالسلسلة ليست مجرد لعبة ممتعة، بل إرث كامل تجاوز الأجيال. من لعب الإصدار الأول في ثمانينيات القرن الماضي يشعر بأنه ينتمي إلى مشروع أكبر منه، ومن تعرّف عليها حديثًا عبر Breath of the Wild يشعر بأن اللعبة تقدّم شيئًا أكثر من مجرد مغامرة. وهذا كله يجعل الفيلم أمام تحدٍّ ضخم: كيف يمكن تقديم تجربة تليق بسلسلة تحمل هذا الوزن الثقافي؟ من الواضح أن فريق الإنتاج يعرف هذا جيدًا، وإلا لما استعان بأسماء قوية ولما اختار أماكن تصوير تمنح إحساسًا حقيقيًا بعالم Hyrule. بل هناك توقعات بأن الفيلم قد يعتمد على تقنيات تصوير متقدمة لخلق بيئات تجمع بين الواقعية والفانتازيا، بطريقة تجعل الجمهور يشعر وكأنه داخل لعبة Zelda نفسها لكن بدون أن تتحول الصورة إلى مشهد رقمي مبالغ فيه.
وعلى جانب آخر، يرى بعض النقاد أن إطلاق الصورة الأولى هو بمثابة اختبار مبكر لردود الجمهور، وأن Nintendo ستأخذ كل الملاحظات على محمل الجد في الفترة المقبلة. ولعل هذا الأسلوب يعكس الطريقة التي تشتغل بها الشركة منذ سنوات، فهي تفضل الاستماع للجمهور قبل اتخاذ قرارات نهائية. وفي عالم السينما، حيث يمكن لأي تفصيل بسيط أن يثير جدلًا لا ينتهي، يبدو هذا الخيار ذكيًا. ما يعزّز ذلك أن شركات الإنتاج الكبرى أصبحت تدرك أن جمهور ألعاب الفيديو شديد التعلق بالشخصيات والعوالم، وأن أي تغيير جذري قد يتحول إلى أزمة هوية للعمل. وهذا يعني أن الفريق العامل على Zelda سيحاول جاهدًا الحفاظ على التوازن بين ما يريده اللاعب، وما يحتاجه الفيلم ليكون ممتعًا ومفهومًا لمن لم يعش تاريخ السلسلة.
إنّ الدخول في مرحلة التصوير يعني أن المشروع تجاوز أبرز نقاط الخطر. فالسنوات القادمة ستكون مرحلة بناء المشاهد، اختيار الموسيقى، صياغة الإيقاع الدرامي، وإنهاء المؤثرات الخاصة. هذه العناصر عادة تكون الأكثر حساسية في أفلام الفانتازيا لأنها تحدد النبرة التي يحملها العمل. ومن المرجح أن يستلهم الفيلم الموسيقى الكلاسيكية المعروفة للسلسلة، لكن مع تعديلات تجعلها مناسبة لسياق سينمائي. كذلك يتوقع كثيرون أن يحتوي الفيلم على لحظات صامتة تعكس التأمل والطبيعة، وهو عنصر أصبح جزءًا أساسيًا من هوية Zelda الحديثة. بعض المتابعين قال إن مجرد رؤية Link واقفًا في السهل جعلهم يتخيلون صوت الريح والموسيقى الهادئة التي ترافق لعبة Breath of the Wild، وهي إشارة إلى أن التوجه الفني للفيلم يميل إلى الهدوء والعمق، لا إلى الحركة الصاخبة وحدها.