لم يكن أحد يتوقع أن تتحول فكرة تبدو للوهلة الأولى مجرد مزحة إلى مشروع فني وتقني يثير فضول محبي الألعاب ومحبي الثقافة الحذائية في الوقت نفسه. لكن هذا ما فعله المصمم القادم من سنغافورة Gustavo Bonzanini عندما قرر الاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لإطلاق جهاز SNES في اليابان بطريقة لم يسبقه إليها أحد. الفكرة أبسط مما تبدو عليه على الورق لكنها أكثر جرأة في التنفيذ. أخذ Bonzanini حذاء Nike Air Max 90 الشهير وحوله إلى منصة كاملة تعمل على تشغيل ألعاب Super Nintendo كما لو أنك تحمل جهازا حقيقيا داخل قدمك. مجرد قول هذا يبدو غريبا إلى حد ما لكن بمجرد النظر إلى المشروع تفهم أن الأمر ليس مجرد استعراض فني بل محاولة لدمج عالمين لطالما التقيا في الثقافة الشعبية دون أن يحدث بينهما هذا النوع من الاندماج الفعلي.
قصة AIR SNES بدأت بما يشبه الشرارة الصغيرة على حد تعبير Bonzanini الذي قال في بيان صحافي إن الفكرة خطرت له أثناء متابعة التعاونات المتزايدة بين شركات الأحذية وشركات الألعاب. كانت هناك أحداث كثيرة أثارت اهتمامه مثل الإصدارات المحدودة التي تحمل تصاميم وشعارات الألعاب وحملات التسويق التي تستهدف الجمهور الشغوف بالموضة والألعاب معا لكنه كان يشعر أن شيئا ما ناقص. هذا الشعور دفعه إلى تخيل سيناريو أبعد بكثير. ورغم بساطة الفكرة في بدايتها إلا أنها تحولت مع الوقت إلى مشروع كامل يحتاج إلى تخطيط وتجربة وتجميع قطع إلكترونية، وصولا إلى تلك اللحظة التي أدرك فيها أنه يستطيع فعلا صنع حذاء يعمل كجهاز ألعاب. هنا أصبحت الفكرة أكثر إثارة وبدأ المشروع يأخذ شكلا واضحا وتفاصيل ملموسة. قرر أن يسمّي ابتكاره AIR SNES باعتباره يجمع بين هوية Nike من جهة وروح SNES من جهة أخرى.
التنفيذ في حد ذاته كان تحديا تقنيا حقيقيا. فمن السهل أن تقول إنك تريد وضع منصة ألعاب داخل حذاء لكن تحويل ذلك إلى منتج قابل للاستخدام يتطلب الكثير من العمل الدقيق. البداية كانت مع دمج Raspberry Pi Zero W داخل لسان الحذاء. هذه القطعة الصغيرة كانت الأساس الذي ارتكز عليه المشروع لأنها توفر الحجم المناسب لتناسب المساحة الضيقة داخل الحذاء وفي الوقت نفسه تمنح القدرة على تشغيل أنظمة المحاكاة. تم تثبيت RetroPie مع إعدادات مخصصة لتشغيل ألعاب SNES بشكل مستقر. ولزيادة فعالية التجربة تم إضافة بطارية داخله تتيح قرابة نصف ساعة من اللعب. مدة قصيرة طبعا لكن فكرة أن تتمكن من تشغيل الألعاب من داخل حذاء تجعلك تنظر إلى الموضوع بشكل مختلف تماما. ليس الهدف هنا صناعة بديل فعلي لجهاز ألعاب محمول بل تقديم قطعة فنية وظيفية تجمع بين التسلية والتجريب التقني.
أما من جانب الإخراج البصري والخصائص العملية فقد تضمن المشروع منافذ لم يتوقعها أحد داخل حذاء رياضي. يوجد منفذ HDMI في الجزء الخلفي يتيح عرض الألعاب على شاشة مباشرة. كما يتضمن محول RCA لمن يفضلون وصلات العرض القديمة التي كانت منتشرة في حقبة SNES وهو خيار يعيد للأذهان طريقة اللعب التقليدية التي تربط اللاعب بتلك الفترة الكلاسيكية. أما بخصوص أدوات التحكم فقد ترك Bonzanini المجال مفتوحا أمام اللاعبين. يمكن توصيل يد SNES الأصلية بكل بساطة كما يمكن استخدام 8BitDo Mod Kit للاتصال اللاسلكي عبر البلوتوث لمن يريدون تجربة حديثة دون أسلاك. كل هذه التفاصيل تكشف أن المشروع لم يكن مجرد عمل جمالي بل تجربة متكاملة تم التفكير فيها بكل تفاصيلها.
ورغم أن AIR SNES ليس متاحا للبيع وأن المصمم أكد أنه نسخة واحدة فقط صنعت خصيصا للاحتفال بالمناسبة إلا أن الاهتمام الذي أثاره المشروع كان ضخما بشكل لافت. يكفي أن تفتح التعليقات على الصور التي نشرها لتفهم حجم الدهشة التي أصابت المتابعين. البعض اعتبره عملا فنيا يستحق العرض في معارض الابتكار. البعض الآخر تعامل معه كنقطة تحول طريفة في عالم التصميم المعاصر الذي يدمج بين الموضة والتكنولوجيا، بينما رأى فيه آخرون تلميحا لما قد يكون عليه مستقبل الأجهزة القابلة للارتداء. في الحقيقة الأمر يتجاوز حدود مشروع فردي لأن الفكرة تكشف عن اتجاه جديد يربط بين الإكسسوارات والابتكار الرقمي. صار من الممكن أن تتحول قطعة بسيطة من ملابسك إلى مساحة تجريبية يمكن تخيل أشياء كثيرة داخلها. هذا النوع من المشاريع يدفع الجمهور للتفكير بشكل مختلف حول حدود المنتج وكيف يمكن أن يتحول إلى منصة صغيرة للخيال.
في نهاية المطاف بدا أن Bonzanini أراد إرسال رسالة واضحة. قال في أحد تصريحاته إن الهدف ليس فقط دمج منتجين مختلفين بل الاحتفال بثقافتين كاملتين تتشاركان حب التفاصيل والهوية البصرية والذاكرة. ووصف مشروعه بأنه محاولة لفتح باب لفكرة جديدة تجمع بين التكنولوجيا والتصميم الحذائي وتطرح السؤال حول ما يمكن أن يتحول إليه هذا النوع من الثقافة مستقبلا. وهو اقتباس يعكس بوضوح روح المشروع ورغبته في تجاوز الشكل التقليدي لما يقدمه عالم الموضة أو الألعاب. وبينما يرى البعض أن هذه الأفكار قد لا تتجاوز كونها هوايات مبتكرة إلا أنها في الواقع تلهم كثيرا من المصممين لإعادة التفكير في مفهوم الأجهزة الصغيرة وما يمكن أن تصبح عليه مع مرور الوقت. وربما لن يطول الأمر قبل أن نرى مشروعات مشابهة تعيد ابتكار نظرتنا للأجهزة المحمولة بطريقة غير مألوفة. ما فعله AIR SNES ليس أكثر من بداية صغيرة لكنها بداية تثبت أن الخيال عندما يلتقي بالتقنية يفتح الباب أمام احتمالات لا يمكن توقعها.