حين أعلنت Epic Games عن انطلاق Chapter 7 من Fortnite، لم يكن أحد يتوقع أن اللحظات الأولى ستكون بهذه الكثافة. في غضون ساعات فقط، تجاوز عدد اللاعبين المتواجدين في نفس اللحظة حاجز عشرة ملايين ونصف، وهو رقم يليق بلعبة عمرها ثماني سنوات ولا تزال تتصرف على أنها في بداياتها. وبمجرد نشر الأرقام الأولى، امتلأ مجتمع الجيمينغ بنقاشات طويلة حول ما الذي جعل الإطلاق يحقق هذا الاندفاع الكبير. فمن الواضح أن Fortnite لا تزال تملك القدرة على إعادة تجميع اللاعبين حول محتوى جديد، حتى لو مرّت سنوات طويلة منذ صعودها الأول. ورغم أن الكثير من الألعاب التنافسية تظهر بشكل مفاجئ وتخبو بسرعة، فإن Fortnite اعتادت أن تقلب الطاولة في كل موسم كبير وتعيد إشعال فضول اللاعبين، خصوصًا حين ترافق التحديثات الضخمة تغييرات فعلية في أسلوب اللعب أو في طبيعة العالم نفسه. وربما ما فاجأ البعض حقًا أن Epic Games لم تكتف بالإعلان عن عدد اللاعبين داخل اللعبة، بل أكدت أيضًا أن أكثر من ثلاثة ملايين شخص تابعوا لحظة الإطلاق مباشرة عبر منصات البث، وهو ما يعكس حجم التأثير الإعلامي الذي تحظى به اللعبة خارج شاشات اللعب.
المثير في الأمر أن Fortnite، رغم عمرها الطويل، لا تزال تقدم نفسها وكأنها لعبة تُبنى يومًا بعد يوم، لا منتجًا استهلكه اللاعبون ثم انتقلوا منه. كثير من الأشخاص الذين جربوا اللعبة خلال مواسم سابقة عادوا إليها مجددًا بعد إطلاق Chapter 7، وبعضهم لم يدخل اللعبة منذ سنوات. يمكن ملاحظة ذلك في التعليقات المنتشرة في مجتمعات Reddit وTwitter وYouTube، والتي تتكرر فيها جملة مفادها أن اللعبة “تعرف كيف تُعيد اللاعب إلى أجوائها في اللحظة المناسبة”. وإذا فكرت قليلًا ستجد أن هذا أحد أسرار نجاح Fortnite، فهي لا تعتمد فقط على محتوى واسع، بل على الإيقاع الذي تقدمه للمستخدم، حيث يتحول كل تحديث كبير إلى حدث اجتماعي يعيش فيه اللاعب لحظة جديدة حتى لو لم يكن مهتمًا بكل تفاصيل اللعبة. وهذا النوع من التفاعل لا يتحقق كثيرًا في ألعاب تستمر لسنوات طويلة، مما يجعل Fortnite حالة دراسية تستحق التوقف عندها بالنسبة لشركات التطوير التي تبحث عن بناء لعبة خدمة حية ناجحة.
وإذا ابتعدنا للحظة عن الأرقام الضخمة نفسها، ستلاحظ أن Chapter 7 جاء في توقيت مثالي للغاية. الألعاب الكبرى التي تشهد عادة ارتفاعًا موسميًا في النشاط كانت في فترة هدوء نسبي، والجماهير كانت بحاجة فعلية لمحتوى ينعش الإحساس بالتجديد. هنا دخلت Fortnite بمزيج من التغييرات البصرية وأنظمة اللعب التي اعتاد عليها الجمهور، ولكن مع نكهة مختلفة تشعل شعور العودة البسيطة إلى أساسيات Fortnite التي عرفها اللاعبون في سنواتها الأولى. كثيرون شبّهوا هذا الإطلاق بالشعور الذي ينتابك عندما تعود إلى لعبة قديمة تحمل معها ذكرياتك، لكنها في الوقت ذاته لا تبدو قديمة. وهذا الشعور بحد ذاته ليس سهلًا على أي فريق تطوير أن يحققه، لأنه يتطلب معرفة دقيقة بما يريده اللاعبون الآن، وليس فقط ما أحبوه في الماضي. ووفقًا لردود الفعل الأولى، يبدو أن Epic Games نجحت في خلق هذا التوازن بطريقة ذكية. بل إن بعض اللاعبين قالوا إن فصل Chapter 7 أعاد لهم الحماس الذي شعروا به لأول مرة عند تجربة Fortnite في سنواتها الأولى.
[/embedpress]
ولعل أكثر ما يدفع المرء للتساؤل هنا هو كيف تستمر لعبة مثل Fortnite في الصمود بهذا الشكل، بينما ألعاب أخرى كانت تبدو كأنها ستصبح منافسًا شرسًا لم تستطع المحافظة على بريقها. الجواب ربما لا يتعلق فقط بالمحتوى، بل بطريقة إدارة اللعبة نفسها. Epic Games لا تعامل Fortnite كمنتج مكتمل، بل كمنصة متحولة تتغير باستمرار. خلال السنوات الماضية رأينا تعاونات غير مسبوقة مع أعمال سينمائية، وشخصيات من أفلام ومسلسلات وألعاب، وحتى حفلات موسيقية مباشرة داخل اللعبة. كل هذه العناصر جعلت Fortnite أكثر من لعبة باتل رويال، بل مساحة اجتماعية يعيش فيها اللاعبون لحظات مختلفة. وفي زمن يبحث فيه اللاعب عن تجربة تجمعه مع الآخرين، تبدو Fortnite واحدة من الألعاب التي تعرف كيف تلمس هذا الجانب. في المقابل، لا يمكن تجاهل أن اللعبة استطاعت الحفاظ على هويتها الأساسية، لأن المحتوى الجديد لم يلغ الأسس التي يحبها اللاعبون، بل تم دمجه معها بطريقة تزيد من تفاعلهم بدل أن تبعدهم عنها.
ووسط كل هذه الأرقام والضجة التي صاحبت إطلاق Chapter 7، بقيت جملة واحدة ترددت كثيرًا بين اللاعبين والمجتمع الإعلامي، وهي: “Fortnite لعبة صنعت لتبقى”. هذا الوصف يعكس إحساسًا عامًا بأن اللعبة ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل مشروع طويل المدى. ورغم أن لعبة تستمر ثماني سنوات في القمة أمر نادر في صناعة الألعاب، إلا أن Fortnite تمكنت من القيام بذلك وهي لا تزال تحصد ملايين اللاعبين الجدد في كل موسم كبير. ومع هذه الانطلاقة القوية لـ Chapter 7، يبدو أن Epic Games مصممة على أن تستمر اللعبة في مسيرتها كواحدة من أنجح الألعاب التنافسية في العالم. وربما سيحمل المستقبل تحديثات أكثر جرأة، لكن المؤكد أن Fortnite ليست لعبة تعيش على نجاحاتها السابقة، بل لعبة تصنع نجاحاتها خطوة بخطوة. وإذا كان أكثر من عشرة ملايين ونصف لاعب قد دخلوا اللعبة في اللحظات الأولى، فهذا يعني أن الجمهور لا يزال يرى في Fortnite تجربة تستحق العودة، وأن Chapter 7 قد يكون بداية موجة جديدة من النشاط داخل عالمها المتطور باستمرار.