أعلن Katsuhiro Harada، أحد أكثر الأسماء تأثيرًا في تاريخ ألعاب القتال، عن قراره مغادرة Bandai Namco مع نهاية عام 2025، منهياً بذلك مسيرة امتدت لثلاثة عقود داخل الشركة ارتبط اسمه خلالها بشكل شبه كامل بسلسلة Tekken. الخبر لم يأتِ كتصريح عابر، بل كإعلان يحمل ثقل التاريخ والذكريات، خصوصًا أن Harada لم يكن مجرد منتج أو مخرج، بل أصبح الوجه العلني والرمز الإبداعي للسلسلة، وصوتها الأكثر حضورًا في التواصل مع اللاعبين حول العالم. مغادرته تشبه إغلاق فصل طويل من كتاب ألعاب القتال، فصل كُتب فيه الكثير من اللحظات المفصلية التي شكّلت أجيالًا كاملة من عشاق هذا النوع.
في رسالته التي شاركها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح Harada، البالغ من العمر 55 عامًا، أن قراره لم يكن وليد لحظة واحدة، بل نتيجة تراكم تجارب شخصية ومهنية جعلته يعيد التفكير في “الوقت المتبقي له كمبدع”. فقد أشار إلى فقدان أصدقاء مقربين في حياته الخاصة، إلى جانب تقاعد أو وفاة عدد من زملائه الذين شاركوه الرحلة داخل الصناعة، وهي أحداث دفعته للتأمل بعمق في مساره القادم. كما لعبت نصيحة Ken Kutaragi، المعروف بلقب “أب PlayStation”، دورًا محوريًا في اتخاذ هذا القرار، حيث وصف Harada دعمه وتوجيهه بأنه كان حاضرًا بصمت، لكنه مؤثر وحاسم. ورغم هذا الإعلان، حرص Harada على التأكيد بأنه لا يعتزم اعتزال صناعة الألعاب، تاركًا الباب مفتوحًا أمام احتمالات مستقبلية لا تزال غير معلنة.
العلاقة بين Harada وBandai Namco، وبالأخص مع Tekken، لم تكن دائمًا مثالية في السنوات الأخيرة. خلال تطوير Tekken 8، واجه الفريق موجة من الانتقادات من قبل المجتمع، خاصة بعد الجدل الذي أُثير حول بيع أحد المراحل كـ DLC مدفوع بسعر اعتبره البعض مبالغًا فيه. في خضم تلك العاصفة، خرج Harada ليوضح أن دوره يتركز على التطوير الإبداعي، وليس على قرارات التسعير أو السياسات التجارية، معترفًا في الوقت ذاته بأن الفصل الصارم بين الاستوديو والناشر كان خطأً هيكليًا أثّر على طريقة إدارة السلسلة. حينها، وعد بإعادة تنظيم آليات العمل والتواصل مع اللاعبين بشكل أفضل، وهي لحظة كشفت عن جانب إنساني في شخصيته، وعن استعداده لتحمّل النقد حتى عندما لا يكون المسؤول المباشر عنه.
رحلة Harada مع Namco بدأت في أوائل التسعينيات، عندما انضم للعمل على إصدارات Tekken المخصصة لأجهزة arcade، في فترة كانت فيها صالات الألعاب قلب ثقافة ألعاب القتال. مع مرور الوقت، لم يكتفِ بالدور التقني أو الإداري، بل أصبح الواجهة الإعلامية للسلسلة، حاضرًا في البطولات والفعاليات، بنظارته السوداء الشهيرة وإشارة القبضة المرفوعة التي أصبحت رمزًا غير رسمي لـ The King of Iron Fist. محطة Tekken 3 عام 1998 شكّلت ذروة مبكرة في مسيرته، إذ يُنظر إلى اللعبة حتى اليوم كواحدة من أفضل ألعاب القتال في التاريخ، بعدما تجاوزت مبيعاتها 8.36 مليون نسخة على PlayStation، لتصبح خامس أكثر ألعاب الجهاز مبيعًا. هذا النجاح لم يكن مجرد أرقام، بل دليل على رؤية إبداعية فهمت كيف تطور أسلوب اللعب والشخصيات لتناسب جيلًا جديدًا من اللاعبين.
إعلان مغادرة Harada يأتي في توقيت حساس بالنسبة للسلسلة. Tekken 8 حققت نجاحًا تجاريًا قويًا بوصولها إلى ثلاثة ملايين نسخة مباعة خلال عامها الأول، متجاوزة الإيقاع الذي حققته Tekken 7 في الفترة نفسها. ومع ذلك، لا تزال Bandai Namco متحفظة بشأن خططها القادمة، إذ لم يتم الإعلان بعد عن شخصيات DLC جديدة أو عن ملامح موسم ثالث، ناهيك عن الحديث المبكر حول Tekken 9. هذا الغموض يطرح تساؤلات مشروعة حول مستقبل السلسلة في مرحلة ما بعد Harada، وعن الكيفية التي ستحافظ بها الشركة على هوية Tekken دون الرجل الذي رافقها منذ بداياتها الأولى.
وفي بيانه الكامل، الذي شكّل رسالة وداع مؤثرة أكثر منه إعلانًا رسميًا، قال Harada مرة واحدة:
“Quiero compartir que dejaré Bandai Namco a finales de 2025.”
ثم استعاد ذكرياته الأولى مع Tekken، من دعم بطولات صغيرة في صالات arcade اليابانية، إلى حمله بنفسه لخزائن الألعاب وتشجيعه للناس على تجربة Tekken، وصولًا إلى المواجهات المباشرة مع اللاعبين والنقاشات التي شكّلت جوهر هويته كمطور. تحدث عن كيف ظلت تلك التجارب حاضرة في قلبه رغم توسع مشهد البطولات عالميًا، وعن العلاقات الإنسانية التي بناها مع المجتمع، حيث كان يُعامل في كثير من الأحيان كصديق قديم، يُتحدى في الفعاليات ويُدعى للجلوس في الحانات بعد انتهائها. كما أشار إلى المشاريع المتنوعة التي عمل عليها خارج Tekken، مثل Summer Lesson وPokkén Tournament وسلسلة SoulCalibur، مؤكدًا أن كل مشروع كان تجربة تعليمية لا تُقدّر بثمن.
مغادرة Katsuhiro Harada لا تعني نهاية تأثيره، بل ربما بداية مرحلة جديدة في مسيرته، سواء داخل صناعة الألعاب أو عبر مشاريع مستقلة تحمل روحه الصريحة وشغفه المعروف. بالنسبة لعشاق Tekken وألعاب القتال عمومًا، يبقى إرثه حاضرًا في كل حركة، وكل شخصية، وكل مباراة تنافسية أشعلت الحماس في صالات arcade قديمًا وعلى منصات esports الحديثة. السنوات القادمة ستكشف أين سيتجه Harada، لكن المؤكد أن اسمه سيظل محفورًا في تاريخ ألعاب القتال، كأحد القلائل الذين لم يصنعوا لعبة ناجحة فحسب، بل صنعوا ثقافة كاملة حولها.