كشف استوديو Frictional Games، الاسم الذي ارتبط لسنوات طويلة بألعاب الرعب النفسي العميق مثل SOMA و Amnesia، عن مشروعه الجديد ONTOS، وهي لعبة رعب وخيال علمي تدور أحداثها داخل فندق غامض مشيّد على سطح القمر. الإعلان جاء بهدوء محسوب، لكنه كان كافيًا لإشعال حماس مجتمع اللاعبين، خصوصًا أولئك الذين يعتبرون SOMA واحدة من أهم تجارب الرعب السردي في تاريخ ألعاب الفيديو الحديثة. ONTOS، بحسب ما أوضحه فريق التطوير، ليست تكملة مباشرة من حيث القصة، لكنها تُقدَّم بوصفها تكملة روحية تحمل نفس الأسئلة الوجودية الثقيلة، وتغوص مجددًا في العلاقة المعقدة بين الإنسان، الوعي، والتكنولوجيا. اللعبة مخططة للإصدار خلال العام المقبل على PC، مع وعود بتجربة تركز على الجو، السرد، والضغط النفسي أكثر من الاعتماد على أسلوب التخويف التقليدي السريع.
البيئة التي اختارها Frictional Games هذه المرة تبدو مثالية لرؤيتهم الفنية. فندق معزول على سطح القمر ليس مجرد موقع غريب للاستهلاك البصري، بل مساحة سردية غنية بالرمزية. العزلة المطلقة، الصمت القمري، الإحساس الدائم بالهشاشة، كلها عناصر تخدم الرعب النفسي الذي يتقنه الاستوديو. وفقًا للتفاصيل الأولية، تدور أحداث ONTOS في منشأة كانت في الأصل مشروعًا سياحيًا فاخرًا، قبل أن يتحول إلى مكان مهجور تسكنه أسرار غير مفهومة. اللاعب يجد نفسه في مواجهة بيئة تبدو ساكنة، لكنها تخفي طبقات من القصص، الذكريات، والتجارب العلمية التي خرجت عن السيطرة. Frictional Games أوضح أن الهدف ليس إخافة اللاعب بالقفزات المفاجئة، بل خلق شعور مستمر بعدم الارتياح، ذلك الإحساس الذي يجعلك تتردد قبل فتح أي باب، حتى وإن لم يكن خلفه شيء واضح.
من الناحية السردية، تسير ONTOS على خطى SOMA، مع تركيز أكبر على الأسئلة الفلسفية بدل تقديم إجابات جاهزة. الفريق أشار إلى أن القصة ستتطرق لمفهوم الهوية في بيئة لا تشبه الأرض، حيث يفقد الإنسان الكثير من مرجعياته الطبيعية. أحد المطورين عبّر عن جوهر التجربة بجملة محورية واحدة قال فيها: “الرعب الحقيقي لا يكمن فيما نراه، بل فيما نبدأ في الشك بوجوده داخلنا”. هذا الاقتباس يلخص فلسفة Frictional Games التي لطالما ميّزت أعمالهم. في ONTOS، لا يُطلب من اللاعب فقط النجاة، بل التفكير، التساؤل، وأحيانًا التعايش مع أفكار غير مريحة. السرد لن يكون خطيًا بالكامل، بل يعتمد على الاستكشاف، الملاحظات الصوتية، والتفاعل مع البيئة، ما يمنح كل لاعب تجربة مختلفة قليلًا حسب طريقته في اللعب.
على مستوى أسلوب اللعب، تؤكد Frictional Games أن ONTOS ستحافظ على التركيز على الهروب، التخفي، والتفاعل الذكي مع البيئة، دون الاعتماد على الأسلحة أو المواجهة المباشرة. هذا القرار يعزز الإحساس بالعجز، وهو عنصر أساسي في بناء التوتر. الفندق القمري نفسه صُمم ليكون أشبه بشخصية مستقلة، حيث تتغير الإضاءة، الأصوات، وحتى المساحات بشكل تدريجي مع تقدم القصة. بعض المناطق ستبدو مألوفة في البداية، ثم تبدأ بالتحول بطرق غير متوقعة، ما يعكس الحالة النفسية للشخصية الرئيسية. تقنيًا، يستفيد الاستوديو من خبرته الطويلة في تصميم الصوت، حيث يُعد الصوت عنصرًا محوريًا في التجربة. خطوات بعيدة، اهتزازات خفيفة، أو حتى الصمت التام، كلها أدوات تُستخدم لدفع اللاعب إلى حالة توتر دائم. هذه التفاصيل الصغيرة هي ما جعلت SOMA تجربة لا تُنسى، ويبدو أن ONTOS تسعى لتطوير هذا الإرث بدل الاكتفاء بتكراره.
مع اقتراب العام المقبل، بدأت ONTOS تحجز مكانها مبكرًا في قوائم أكثر الألعاب المنتظرة لدى عشاق الرعب، بل وبدأ البعض يتحدث عن إمكانية حضورها بقوة في نقاشات game award 2025، خصوصًا إذا نجحت في تقديم تجربة متماسكة تجمع بين الرعب، السرد العميق، والطرح الفلسفي. Frictional Games لا تحاول منافسة ألعاب الرعب التجارية الضخمة، بل تستهدف شريحة تبحث عن تجربة تترك أثرًا طويل المدى. لعبة لا تنتهي مع ظهور شارة النهاية، بل تستمر في ذهن اللاعب، وتدفعه لإعادة التفكير في ما مر به. ONTOS تبدو خطوة جديدة جريئة من استوديو يعرف جيدًا جمهوره، ولا يخشى المخاطرة طالما أن النتيجة تجربة صادقة ومؤثرة. وفي عالم امتلأ بألعاب الرعب المتشابهة، قد يكون هذا بالضبط ما نحتاجه.