من الصعب جدا أن تمر ذكرى إطلاق Metal Gear Solid 2: Sons of Liberty من دون أن يشعر اللاعبون بنوع من الحنين، فهذا الجزء الذي صدر عام 2001 على جهاز PlayStation 2 لم يكن مجرد لعبة ناجحة، بل محطة واضحة في تاريخ الصناعة تركت أسئلة ونقاشات لم تتوقف حتى الآن. وبعد مرور أربعة وعشرين عاما على تلك اللحظة التي غيّرت كثيرا من توقعات اللاعبين تجاه السرد والتصميم والجرأة في طرح الأفكار، قررت Konami الاحتفال بهذه المناسبة مع الإشارة بشكل هادئ إلى أن مستقبل السلسلة أصبح مطروحا بقوة على الطاولة، خصوصا بعد نجاح الريميك الأخير للجزء الثالث. هذا النجاح عاد ليوقظ الأمل لدى جمهور ظلّ ينتظر لسنوات طويلة أي خطوة حقيقية تؤكد أن السلسلة لم تُنسَ، وأن إرثها ما زال قادرا على جذب الأجيال الجديدة كما جذب الجيل الذي اكتشفها قبل عقدين وأكثر.
عندما صدرت Sons of Liberty، لم يتوقع أحد حجم الجدل الذي ستثيره. اللعبة دخلت مباشرة في مناقشات واسعة تتعلق بالتحكم والسرد والرمزية وحتى بتوقعاتها الغريبة للمستقبل الرقمي الذي نعيش فيه اليوم. وبغض النظر عن رأي كل لاعب في شخصية Raiden أو طريقة تقديم الأحداث، فقد وجد الجمهور نفسه أمام تجربة مختلفة عمّا اعتاد عليه. كانت اللعبة سريعة في لحظاتها الأولى، متشعبة في أفكارها، وضاغطة على الوعي بطرق لم تكن مألوفة بالنسبة لألعاب ذلك الجيل. تلك الجرأة هي التي جعلتها حاضرة بقوة حتى الآن. ربما يكون الأمر أشبه بكتاب تقرأه بعد سنوات طويلة فتكتشف أنك فهمت منه شيئا مختلفا تماما عن المرة الأولى. هكذا تتصرف الأعمال التي تبقى، وما زال كثيرون يعتبرون هذا الجزء تحديدا من أكثر اللحظات إبداعا في مسيرة Hideo Kojima. ومن الجميل أن Konami تعترف اليوم بفضل هذا الإرث، خصوصا في مناسبة كتلك التي تعود بنا إلى أجواء مطلع الألفية، حين كان الحديث عن التجارب السينمائية في الألعاب ما زالا جديدا ومبهرا.
ومن الطبيعي أن يربط اللاعبون هذا الاحتفال بواقع السلسلة اليوم، لأن Konami نفسها لم تخف في المدة الماضية أنها تدرس خيارات متعددة بعد أن لاحظت مدى الاهتمام الذي حظي به الريميك الأخير للجزء الثالث. هذا الريميك فتح بابا كان مغلقا لفترة طويلة، وأعاد اسم Metal Gear Solid إلى الواجهة بطريقة لم يتوقعها كثيرون. ومع أن الشركة لم تكشف بوضوح ما تنوي فعله مستقبلا، فإن مجرد الاعتراف بأنها تبحث في الخيارات يعكس تغيّرا في طريقة التفكير. بعض المعجبين يرى أن نجاح الريميك قد يشجع Konami على إعادة العمل على أجزاء أخرى، وربما تقديم تجربة جديدة بالكامل مستوحاة من عالم السلسلة. ومع ذلك، يجب الاعتراف أن أي خطوة من هذا النوع لن تكون سهلة، لأن الجمهور صار أكثر حساسية تجاه أي محاولة لإعادة تقديم أعمال ارتبطت باسم Kojima، خاصة أن اللاعبين يدركون أن السلسلة نجحت بفضل خليط معقد من الأفكار والتجارب والجرأة التي قد يكون من الصعب تكرارها.
[/embedpress]
ورغم هذه المخاوف، يبقى الحديث عن مستقبل Metal Gear Solid أمرا مثيرا. هناك فئة من الجمهور باتت ترى أن السلسلة قادرة على الاستمرار حتى من دون وجود Kojima، بشرط أن تتعامل Konami مع المشروع بحرص شديد، وأن تعيد قراءة ما جعل هذه الأعمال ناجحة في المقام الأول. في المقابل، هناك من يعتقد أن السلسلة يجب أن تبقى كما هي، إرثا تاريخيا لا يُمس، وأن أقصى ما يمكن عمله هو إعادة تقديم النسخ القديمة بجودة حديثة. وبين الرأيين، تبدو الشركة اليوم وكأنها تسير بخطوات محسوبة، تستمع لما يقوله اللاعبون وتحاول تقدير حجم الانتظار الموجود في الساحة. ولعل أكثر ما يجعل هذه المرحلة مهمة هو أن الاهتمام الإعلامي يمكن أن يعيد للسلسلة بريقها، خصوصا مع دخول جيل جديد من اللاعبين لم يختبر Metal Gear Solid كما عاشه لاعبون آخرون منذ عقدين. هذا الجيل مختلف تماما في طريقة تعامله مع السرد والمحتوى، وقد يكون أكثر استعدادا لتقبل أفكار اللعبة، أو ربما سيقرأها بطريقة مختلفة تماما، وهذا ما يجعل إعادة إحياء السلسلة فرصة لجعلها جزءا من حوار جديد حول مستقبل ألعاب التجسس والقصص المعقدة.
وبينما تستمر Konami في الاحتفال بهذه الذكرى، لا يبدو أن الشركة تنوي التسرع في الإعلان عن أي مشروع جديد. أغلب الإشارات الموجودة اليوم توحي بأن المرحلة الحالية هي مرحلة إعادة تقدير المكانة الحقيقية للسلسلة، ومحاولة فهم ما إذا كان الوقت مناسبا لجعلها تعود إلى الواجهة بشكل أكبر. وربما يكون أجمل ما في هذا المشهد كله أن Metal Gear Solid 2 ما زالت قادرة في ذكراها الرابعة والعشرين على إثارة نفس الأسئلة التي أثارتها عند صدورها. أحد التعليقات التي ترددت بين المعجبين خلال الاحتفال جاء فيه اقتباس يعبر عن تلك النبرة الحنينية: “بعض الألعاب ليست مجرد ذكريات، بل محطات تعيد تعريف علاقتك بالمتعة نفسها.” وهو تعليق بسيط لكنه يختصر الكثير من المشاعر التي يحملها اللاعبون تجاه هذه السلسلة، ويعكس بوضوح كيف استطاعت اللعبة أن تبقى حاضرة في ذهن جمهورها رغم مرور سنوات طويلة على إطلاقها. والمثير أن هذا النوع من الاقتباسات يخرج تلقائيا من اللاعبين، من دون تكلف أو بحث، لأن التجارب الصادقة وحدها هي التي تمنح جمهورها رغبة في الاحتفال بها بهذه الطريقة كلما مرّت عليها السنوات.