لا يبدو أن عالم Super Mario يعرف طريقًا للهدوء، فبعد النجاح المذهل الذي حققه فيلم The Super Mario Bros. Movie سنة 2023، أعلنت شركة Illumination رسميًا عن عودة Jack Black لأداء صوت Bowser في الجزء الجديد الذي يحمل عنوان The Super Mario Galaxy Movie، والمقرر عرضه في القاعات السينمائية خلال أبريل 2026. هذا الإعلان وحده كان كافيًا لإشعال موجة حماس واسعة بين المعجبين حول العالم، خاصة أولئك الذين تعلقوا بالأداء الأسطوري لجاك بلاك في الجزء السابق.
الممثل الأمريكي المعروف بخفة ظله وحضوره الطاغي على الشاشة، استطاع أن يمنح شخصية Bowser طابعًا مختلفًا تمامًا عما عرفناه في ألعاب الفيديو. فبدل أن يكون مجرد خصم تقليدي، ظهر Bowser في الفيلم السابق بشخصية تجمع بين الهيبة والكوميديا، وهو مزيج لا يقدر على تجسيده سوى Jack Black بأسلوبه الفريد وصوته المميز الذي صار علامة تجارية بحد ذاته. كثيرون يذكرون أغنية “Peaches” التي غناها بلاك ضمن أحداث الفيلم، والتي تحولت إلى ترند عالمي في وقت قياسي، وتجاوز عدد مشاهداتها مئات الملايين على YouTube.
المثير في الأمر أن الفيلم الجديد، The Super Mario Galaxy Movie، سيأخذ القصة إلى مستوى كوني مختلف، حرفيًا. فالأحداث ستدور في الفضاء الخارجي، حيث ينطلق Mario وLuigi برفقة Princess Peach لاستكشاف مجرات جديدة مليئة بالمغامرات والمخاطر، في مغامرة مستوحاة من لعبة Super Mario Galaxy الكلاسيكية التي صدرت لأول مرة على Nintendo Wii سنة 2007. اللعبة الأصلية كانت نقطة تحول كبيرة في مسيرة Mario، حيث نقلت السلسلة من التصاميم الأرضية إلى فضاءات كونية مليئة بالإبداع، وهذا ما يبدو أن Illumination تسعى لإحيائه في نسختها السينمائية الجديدة.
اللافت أن اختيار العودة إلى أجواء Galaxy ليس صدفة. فبعد النجاح التجاري والنقدي للفيلم الأول، بدأت الشركة تبحث عن فكرة أضخم وأوسع يمكنها أن تفتح الباب أمام عالم سينمائي كامل مستوحى من شخصيات Nintendo. هذا التوجه يتماشى مع تصريحات Shigeru Miyamoto السابقة، الذي قال في مقابلة مع Variety:
“نريد أن نجعل شخصيات Nintendo تعيش قصصًا متنوعة تتجاوز حدود الألعاب، لتصل إلى جمهور أوسع عبر السينما.”
ويبدو أن The Super Mario Galaxy Movie سيكون الخطوة الطبيعية التالية لتحقيق ذلك الهدف.
ما يزيد من جاذبية هذا المشروع هو فريق العمل العائد تقريبًا بكامل أعضائه. فالمخرجون Aaron Horvath وMichael Jelenic سيعودان للإشراف على الجزء الجديد بعد أن أظهرا فهمًا عميقًا لروح السلسلة وأسلوبها المميز في المزج بين الطرافة والمغامرة. كما سيواصل Chris Pratt أداء صوت Mario، إلى جانب Anya Taylor-Joy في دور Princess Peach، وCharlie Day بدور Luigi.
في المقابل، أكدت مصادر مقربة من الإنتاج أن Bowser سيكون له حضور أكبر هذه المرة، ليس فقط كشرير يسعى لخطف Peach أو السيطرة على العالم، بل كشخصية معقدة تحمل دافعًا جديدًا أكثر إنسانية — وربما تراجيديًا بعض الشيء — وهو ما يعكس رغبة الفريق في تعميق القصة وجعلها أكثر نضجًا دون أن تفقد طابعها المرح الذي يميز عالم Mario.
أما Jack Black، فقد عبّر عن حماسه الكبير للعودة في تصريحات لوسائل الإعلام، حيث قال بابتسامته المعهودة إن شخصية Bowser أصبحت “جزءًا من روحه الفنية” وإنه يتطلع لتقديم أداء أكثر “غناءً وشرًا في آن واحد”. وأشار إلى أنه يعمل بالفعل على أفكار موسيقية جديدة قد تظهر ضمن الفيلم، في تلميح إلى احتمال تقديم أغنية جديدة على غرار “Peaches”.
تفاعل الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي كان فوريًا ومذهلًا. فهاشتاغ #JackBlackIsBack تصدر الترند العالمي على X (تويتر سابقًا) خلال ساعات من الإعلان، وامتلأت الحسابات الرسمية لشركة Illumination وNintendo بآلاف التعليقات التي تجمع بين الحماس والحنين. أحد المعجبين كتب: “لم أكن أظن أنني سأتحمس لفيلم أنيميشن مرة أخرى، لكن Bowser وJack Black غيرا كل شيء.”
هذا الحماس الجماهيري يعكس مكانة Super Mario كواحدة من أكثر العلامات التجارية تأثيرًا في الثقافة الشعبية الحديثة. فمنذ أول ظهور للشخصية في الثمانينيات، لم يتوقف Mario عن مرافقة أجيال متتابعة من اللاعبين، ومع كل جيل جديد يتجدد الحب والاهتمام بسحر هذا العالم الذي يجمع بين البساطة والخيال.
ومع دخول Illumination على الخط، أصبح عالم Mario يتخذ شكلاً سينمائيًا أكثر إشراقًا. الشركة التي عُرفت بأفلام Despicable Me وMinions نجحت في تقديم تجربة تجمع بين الأصالة والحداثة، مع لمسة بصرية مبهرة تجعل كل مشهد أشبه بلوحة متحركة. ويبدو أن الجزء الجديد سيواصل البناء على هذا النجاح، خاصة مع التوسع في المؤثرات البصرية لاستحضار أجواء المجرات والكواكب العائمة التي ميّزت اللعبة الأصلية.
من الناحية التسويقية، بدأت Nintendo وIllumination في وضع خطط ضخمة لحملة ترويجية عالمية ستنطلق مع بداية سنة 2026، تشمل تعاونات مع سلاسل مطاعم شهيرة، ومتاجر ألعاب، إضافة إلى عروض حصرية داخل ألعاب Switch. الهدف واضح: جعل الفيلم حدثًا عالميًا تتجاوز أصداؤه جمهور اللاعبين نحو المشاهد العادي الباحث عن مغامرة مليئة بالمرح والدهشة.
اللافت أن هذا التوجه السينمائي قد يفتح الباب أمام مشاريع مستقبلية أخرى. فهناك شائعات متزايدة عن نية Nintendo إنتاج أفلام أخرى تدور في عوالم Zelda وDonkey Kong وربما Metroid. وكل هذا يؤكد أن الشركة اليابانية تدرك تمامًا أن المستقبل لا يقتصر على الألعاب فقط، بل يشمل السينما كأداة جديدة لتوسيع أسطورتها.
أما الجمهور، فكل ما ينتظره الآن هو رؤية Bowser يعود بصوته المميز ليصرخ من جديد: “Mariooo!” وسط مشهد فضائي ملحمي، في لحظة من تلك اللحظات التي لا تُنسى في السينما الحديثة. حتى أولئك الذين لم يكونوا من عشاق السلسلة يتطلعون اليوم لمعرفة كيف سيبدو عالم Super Mario Galaxy على الشاشة الكبيرة.
حتى موعد العرض في أبريل 2026، سيظل اسم Jack Black مرتبطًا في ذاكرة الجميع بالملك Bowser، الشرير الذي أحببناه رغم كل شيء. وربما هذا هو سر النجاح الحقيقي للفيلم الأول — أنه جعلنا نتعاطف مع الوحش دون أن نفقد حس المغامرة الطفولي الذي يسكن عالم Mario.
في النهاية، سواء كنت لاعبًا مخضرمًا تربيت على أجهزة NES وSNES، أو مشاهدًا جديدًا اكتشف عالم Mario عبر السينما، فإن الجزء القادم يعد بأن يكون تجربة بصرية وموسيقية فريدة، تجمع بين روح الطفولة ودهشة الاستكشاف، تحت توقيع Jack Black الذي أثبت أنه أكثر من مجرد مؤدٍ صوتي — إنه روح Bowser الحقيقية.



























