شهدت لعبة Tormented Souls II بداية قوية لافتة للنظر مباشرة بعد صدورها على أجهزة الجيل الحالي والحاسب الشخصي، حيث أعلن فريق Dual Effect عن وصول مبيعاتها إلى مئة ألف نسخة خلال فترة قصيرة. ورغم أن اللعبة تنتمي إلى فئة الرعب الكلاسيكي التي لم تعد سائدة كما كانت في نهاية التسعينات وبداية الألفية، إلا أنها استطاعت إثارة اهتمام اللاعبين والعودة بروح ألعاب الرعب القديمة في قالب حديث ومناسب للجمهور الحالي. هذا الإنجاز المبكر أثار نقاشات واسعة حول أسباب نجاح اللعبة، خاصة أن الإقبال لم يكن مجرد موجة عابرة، بل بدا كاستجابة طبيعية لمشروع يعرف بالضبط ما الذي يريد تقديمه. وفي الوقت نفسه فإن نجاح جزء ثانٍ بهذه السرعة يعطي إشارة قوية بأن السلسلة قد تتطور إلى علامة بارزة في هذا النوع من الألعاب، خصوصا في ظل ندرة المشاريع المشابهة.
اللافت أن Tormented Souls II لم تعتمد على ضجة إعلامية ضخمة قبل صدورها، بل تم التسويق لها بطريقة هادئة نسبيا مقارنة بعناوين الرعب الضخمة التي تركز غالبا على المشاهد السينمائية واللقطات المبهرة. وقد اختار فريق Dual Effect أسلوبا مختلفا يقوم على جذب الجمهور من خلال الجو العام والتصميم والموسيقى وخيارات اللعب التي تذكر اللاعبين بتجارب قديمة تشبه Resident Evil وSilent Hill في أيامها الأولى. هذا القرار لم يكن مجرد حنين للماضي، بل محاولة مدروسة لتقديم تجربة تعتمد على التوتر البطيء والإحساس بالخطر في كل خطوة، وهو ما كسب إعجاب شريحة واسعة من اللاعبين الذين يبحثون عن رعب يعتمد على البناء والتفاصيل وليس على الصراخ المفاجئ. ومع صدور الإحصائيات الأولى حول المبيعات، أصبح من الواضح أن هذا النهج أعطى ثماره، وأن هناك جمهورا حقيقيا يقدّر عودة هذا النوع من الألعاب.
ومع أن الجزء الأول الذي صدر قبل سنوات كان تجربة ناجحة إلى حد معقول، فإن أغلب الآراء تجمع على أن الجزء الثاني قدّم قفزة ملحوظة في جودة الرسوم وتصميم الشخصيات والبيئات، إضافة إلى تحسينات كبيرة على طريقة الحركة والتفاعل مع العناصر داخل اللعبة. ووفقا للتصريحات التي رافقت الإعلان عن المبيعات، يبدو أن فريق Dual Effect عمل على دراسة ملاحظات اللاعبين من الجزء الأول بشكل دقيق. ويمكن القول إن هذا الاهتمام بالتفاصيل كان واضحا منذ اللحظة الأولى، سواء من خلال طريقة توزيع الإضاءة أو طبيعة الألغاز أو حتى تصميم الكائنات التي تواجه اللاعب. ومن بين النقاط التي أثارت إعجاب الجمهور أيضا أن اللعبة تحافظ على أسلوبها في جعل كل قرار مهما، وأن الموارد داخلها محدودة بما يكفي لخلق توتر مستمر. وهذا تحديدا ما يميز ألعاب الرعب الكلاسيكية، التي تضع اللاعب أمام مواقف تتطلب التفكير قبل التصرف، ولا تمنحه حرية إطلاق النار بلا حدود.
وفي خضم إعلان الوصول إلى المئة ألف نسخة، عبّر فريق التطوير عن فرحته بهذه النتائج، وأكد أنه يعمل بالفعل على محتوى جديد سيتم الكشف عنه خلال الأسابيع القادمة. ورغم أن تفاصيل هذا المحتوى لم تُعلن بعد، فإن هذا النوع من الوعود يفتح الباب أمام احتمالات متعددة، سواء تعلق الأمر بمهمات إضافية أو تحسينات على أسلوب اللعب أو حتى محتوى قصصي يشرح مزيدا من الخلفيات حول الشخصيات. ومن خلال التجارب السابقة، عادة ما يتجه المطورون إلى تقديم محتوى يركز على توسعة عالم اللعبة أو إظهار جانب جديد من الأحداث، خصوصا إذا كانت اللعبة تعتمد على بناء قصصي معقد. ويمكن القول إن اللاعبين يتطلعون لهذا المحتوى بشغف، لأن Tormented Souls II تملك قاعدة جماهيرية تتفاعل بقوة مع كل جديد، وتقدم اقتراحات مستمرة حول ما يريدون رؤيته في المستقبل. وفي إحدى الرسائل التي نشرها الفريق، جاء اقتباس بسيط لكنه يختصر شعورهم تجاه النجاح: “هذه مجرد بداية لما نطمح إلى تقديمه”.
ومع الخطط الجديدة التي يعمل عليها الاستوديو، فإن نجاح Tormented Souls II قد يشجع Dual Effect على التفكير في جزء ثالث بمقاييس أكبر، وربما بميزانية تسمح بتوسيع نطاق السلسلة بصورة أكبر. فصناعة الألعاب أثبتت مرارا أن المشاريع التي تبدأ صغيرة لكنها تبني لها جمهورا وفيا يمكن أن تنمو بشكل متسارع، كما حدث مع ألعاب عديدة تحولت من تجارب متواضعة إلى عناوين عالمية. ورغم أن Tormented Souls II ما تزال في بدايتها، فإن انطلاقتها بهذا الشكل تمنحها فرصة قوية للترسخ في سوق ألعاب الرعب، خصوصا أن اللاعبين يبحثون دائما عن تجارب تقدم شيئا مختلفا عن التيار السائد. وفي النهاية، فإن نجاح اللعبة يضيف تنوعا مهما لسوق الألعاب، ويعيد للواجهة نوعا من الرعب كان غائبا لسنوات، وهو رعب يعتمد على الروح والإحساس بالتهديد وليس على المؤثرات العالية فقط. ومع انتظار المحتوى القادم خلال الأسابيع المقبلة، يبدو أن السنة الحالية قد تشهد نقلة مهمة في مستقبل السلسلة، وربما ولادة عالم أوسع مما يتوقعه اللاعبون حاليا.