منذ أن كشفت Bandai Namco عن مشروع Code Vein II، شكّل ذلك عودة منتظرة لأحد أشهر ألعاب الأكشن وتقمص الأدوار التي انطلقت قبل سنوات وتركت بصمتها بفضل مزيجها الفريد بين طابع الأنمي ونظام قتال يعتمد على جرعة ملحوظة من التحدي. ومع اقتراب صدورها في شهر يناير المقبل على أجهزة الجيل الحالي والحاسب، أصدرت الشركة عرضا جديدا يتيح للاعبين نظرة أعمق على الأحداث التي تسبق قصة الجزء الثاني. هذا النوع من المواد الترويجية عادة يمر بسرعة، لكن العرض الأخير كان مكثفا وفتح بابا واسعا للنقاش بين محبي السلسلة حول طبيعة البناء القصصي والتغييرات المحتملة على العالم والنبرة العامة للعبة. ومن الواضح أن Bandai Namco تراهن على جمهور يعرف ما ينتظره، وفي الوقت نفسه ترحب بلاعبين جدد لا يملكون أي خلفية عن أحداث الجزء الأول.
ما يجعل الاهتمام بـ Code Vein II مضاعفا أن الجزء الأول، الصادر سنة 2019، لم يكن مجرد لعبة أكشن بنظام Soulslike، بل كان عملا له شخصية حقيقية، مع فريق تطوير حاول رسم عالم مبتكر يتمحور حول شخصيات تبحث عن معنى وجودها في عالم محطم. كانت اللعبة الأولى تحمل طابعا دراميا مصقولا على الرغم من محدودية الموارد مقارنة بعناوين عملاقة، ورغم ذلك نجحت في بناء مجتمع لاعبين يقدر تفاصيلها ويعود إليها حتى بعد إنهائها مرات عدة. لذلك ليس غريبا أن يكون العرض الجديد للجزء الثاني محط تحليل واسع، خاصة أنه يركز على مرحلة زمنية سابقة للأحداث الأساسية، وكأن الفريق يريد فتح صفحة جديدة بالكامل دون أن يتخلى عن إرث اللعبة الأولى. ويبدو أن اعتمادهم على هذا الأسلوب في السرد محاولة ذكية لتوسيع دائرة المهتمين، لأن تقديم خلفية جديدة يخفف الضغط على اللاعبين الذين لم يجربوا الجزء الأول.
ما يظهر في العرض يشير إلى رغبة واضحة في رفع مستوى الإنتاج الفني، سواء من حيث الإضاءة أو تصميم البيئات أو حتى طريقة تحريك الشخصيات. ورغم أن Bandai Namco لم تكشف كل شيء، فإن الإشارات الأولى توحي بأن الفريق يطمح لتطوير تجربة أكثر نضجا، وربما أكثر قتامة من الجزء السابق. وفي إحدى اللقطات يمكن سماع عبارة قصيرة لكنها معبرة: “الماضي لا يختفي مهما حاولت الهرب منه”. وجود اقتباس بهذه الصيغة يوحي بأن السرد سيكون أكثر عمقا، وأن التحولات التي يمر بها الأبطال ستلعب دورا جوهريا في توجيه مسار اللعبة. ومن المتعارف عليه أن الألعاب التي تعتمد على بناء قصصي قوي تحتاج إلى تمهيد طويل وشخصيات لها دوافع واضحة، وهذا بالتحديد ما يحاول هذا العرض تقديم ملامحه الأولى. وحتى إن لم يكن اللاعب متابعا دقيقا لتفاصيل السلسلة، فالمشهد العام يحمل ما يكفي من الإغراء لمتابعة القصة ومحاولة فهم ما الذي جعل هذا العالم يصل إلى نقطة الانهيار الجديدة التي سنتعرف عليها عند صدور اللعبة.
في سياق الحديث عن Code Vein II لا بد من التوقف عند مسألة التوازن بين نظام اللعب وتطوير القصة. فالجزء الأول كان يعتمد على أسلوب قتالي سريع لكنه يتطلب انتباها مستمرا. والانتقادات التي ظهرت حينها كانت تدور حول رغبة اللاعبين في أن يكون مستوى التحدي مصقولا بشكل أفضل، وأن تتنوع الهجمات والقدرات بطريقة أكثر سلاسة. ووفقا لما ظهر في لقطات العرض الجديد، يبدو أن التطوير يسير في هذا الاتجاه بالفعل، لأن التصميم الجديد للقدرات يشير إلى اعتماد حركات أكثر مرونة، كما أن طريقة المزج بين الهجمات الخفيفة والثقيلة أصبحت أكثر انسيابية. وبما أن اللعبة تصدر على منصات حديثة، فمن المتوقع أن يستفيد المطورون من قوة العتاد لتقديم معارك ذات إيقاع متزن وخالية من مشاكل الأداء التي عانى منها بعض اللاعبين في الجزء الأول. هذا التطور التقني لا يتوقف عند القتال فقط، بل يشمل أيضا الذكاء الاصطناعي للأعداء، بما أن تحسين ردود فعل الخصوم عنصر أساسي لتجربة تقدم ما هو أكثر من مجرد تكرار للخطوات المعتادة.
ومع كل هذه التفاصيل، تظل نقطة الإطلاق في يناير القادم بمثابة الموعد الذي سيكشف عن حقيقة المشروع، لأن الوعود من جهة والمحتوى الفعلي من جهة أخرى قد يختلفان. ومع ذلك فإن المؤشرات الحالية إيجابية، خاصة أن Bandai Namco تدرك حجم التوقعات التي تحيط بالسلسلة. واللافت أن الفريق لم يكتف باستعراض مراحل سابقة للأحداث، بل حرص على تقديم لمحات توضح أن عالم Code Vein II سيستثمر في فكرة الروابط بين الشخصيات، وفي الأسئلة التي يطرحها اللاعب حول من كان محقا ومن كان مخطئا، وكيف يمكن للماضي أن يعود ليشكل ملامح المستقبل. من يعرف طبيعة الألعاب التي تركز على الهوية والصراعات الداخلية سيدرك أن اللعبة تسير في اتجاه يجمع بين أسلوب الأكشن والتحليل النفسي للشخصيات، وهو أمر قد يضيف بعدا جديدا للتجربة ككل. ومع أن العرض اكتفى بمشاهد محدودة، إلا أنه نجح في إثارة الحماس وإحياء النقاش بين محبي ألعاب تقمص الأدوار، خصوصا أن السلسلة لم تحصل على جزء ثان منذ سنوات.