أحدث تحديث وصل إلى Battlefield 6 حمل معه تغييرات جديدة على طور Breakthrough، وهو الطور الذي ظل لسنوات طويلة من أكثر الأطوار شعبية داخل السلسلة، لأنه يمثل روح المواجهات الشاملة التي جعلت اسم Battlefield مرتبطا بالخرائط الواسعة، والانفجارات الضخمة، وتداخل المشاة مع الدبابات والطائرات في لوحة فوضوية يحكمها منطق الحرب الحديثة. التحديث الأخير ركز بشكل واضح على تعزيز قدرات الفريق المهاجم عبر زيادة عدد المركبات المتاحة وتحسين مواقع ظهورها داخل الخريطة، في محاولة من فريق التطوير لجعل التقدم أقل صعوبة وأقل إحباطا، خصوصا بعد الشكاوى المتكررة من أن المهاجمين كانوا يعانون للوصول إلى نقاط السيطرة تحت ضغط الدفاعات المركزة. الفكرة على الورق تبدو منطقية، فزيادة الدبابات والمركبات الهجومية تعني قوة نارية أكبر وفرصا أوضح لاختراق الخطوط الأولى للدفاع. لكن ما إن أصبح التحديث متاحا حتى انفجرت موجة من ردود الفعل الغاضبة من طرف اللاعبين، ليس بسبب وجود المركبات في حد ذاتها، بل بسبب شعور عام بأن جوهر المشكلة لم يتم لمسه أصلا، وأن التغيير الحقيقي الذي كانوا ينتظرونه لم يحدث بعد.
المشكلة التي يتحدث عنها اللاعبون بصوت مرتفع تتعلق بتقليص عدد اللاعبين في مباريات Breakthrough من 64 إلى 48 لاعبا، وهو قرار سبق أن أثار الجدل منذ الإعلان عنه، لكنه مع مرور الوقت تحول إلى نقطة توتر دائمة بين مجتمع اللعبة وفريق التطوير. كثيرون يرون أن Battlefield 6 فقدت جزءا مهما من هويتها مع هذا التغيير، لأن المعارك لم تعد تحمل ذلك الإحساس الطاغي بالفوضى المنظمة الذي ميز الأجزاء السابقة. حين يكون لديك 64 لاعبا يتقاتلون على خريطة واحدة، فإن كل زاوية تصبح مهددة، وكل تقدم يصبح مغامرة، وكل انتصار صغير له طعم مختلف. أما مع 48 لاعبا فقط، فيشعر البعض أن المواجهات أصبحت أكثر هدوءا مما ينبغي، وكأنها تقترب شيئا فشيئا من روح أطوار أصغر لا تنتمي تماما إلى هوية Battlefield التقليدية. لذلك، حين جاء التحديث ليضيف مركبات أكثر بدلا من إعادة 64 لاعبا، شعر كثير من اللاعبين بأن المطورين يعالجون العرض ويتجاهلون المرض الحقيقي. أحدهم كتب بتعبير بسيط ولكنه معبر على مواقع التواصل: نحن لا نريد مزيدا من الدبابات، نحن نريد مزيدا من الجنود في الميدان.
إلى جانب ذلك، هناك جانب آخر من الغضب يتعلق بتأثير الدبابات والمركبات الثقيلة على توازن اللعب، خصوصا في خريطة Siege of Cairo التي أصبحت في نظر كثيرين مثالا واضحا على الاختلال الحالي. اللاعبون الذين يفضلون اللعب كمشاة عبر Assault أو Medic أو Support يشتكون من أنهم يتحولون إلى أهداف سهلة أمام سيل القذائف والانفجارات، وأن زيادة عدد الدبابات ستؤدي فقط إلى مزيد من السحق للمجموعات الضعيفة بدل أن تمنح فرصة حقيقية للتكتيك والتقدم الذكي. بعض اللاعبين ذهبوا أبعد من ذلك واعتبروا أن الخرائط نفسها لم تصمم منذ البداية لتحمل هذا الكم من المركبات الثقيلة، مما يجعل التجربة أقرب إلى سباق دبابات داخل ممرات ضيقة بدل ساحة حرب متكاملة. المفارقة هنا أن Battlefield لطالما اشتهرت بكونها واحدة من السلاسل التي أتقنت المزج بين المشاة والمركبات، بحيث يكون لكل عنصر دوره وحدوده. لكن في Battlefield 6، يشعر جزء من المجتمع أن الكفة مالت بشكل مقلق لصالح القوة الثقيلة على حساب الحركة، الذكاء، والتفاعل الفردي بين اللاعبين.
وعندما يستحضر اللاعبون تاريخ السلسلة، فإن المقارنات تأتي تلقائيا مع أجزاء مثل Battlefield 3 و Battlefield 4، حيث كان التوازن بين المشاة والمركبات أكثر نضجا في نظر الكثيرين. في تلك الألعاب، كانت الدبابة مرعبة نعم، لكنها لم تكن آلة لا تقهر، وكان اللاعب الماهر قادرا على تعطيلها بالتكتيك، بالتنسيق مع الفريق، أو باستخدام الأدوات المناسبة في اللحظة المناسبة. أما اليوم، فيرى بعض اللاعبين أن إضافة مركبات جديدة في Battlefield 6 لا تعالج جذور المشكلة، بل قد تزيدها تعقيدا. فبدل أن يتم تحسين تصميم الخرائط أو إعادة التفكير في توزيع الأدوار داخل الفريق، يتم اللجوء إلى زيادة عدد الدبابات وكأنها حل سحري لكل عوائق التقدم. أحد اللاعبين علل موقفه بطريقة ساخرة قائلا إنه شعر وكأن العلاج المقترح هو إضافة مزيد من الوقود إلى النار، لأن الفريق الذي يعاني أصلا من الضغط سيتحول إلى هدف أسهل حين تزداد القوة النارية في الجهة المقابلة.
ورغم كل هذا الغضب، لا يمكن إنكار أن هناك من يرى في التحديث خطوة في الاتجاه الصحيح، ولو بشكل جزئي. بعض اللاعبين الذين يفضلون أسلوب اللعب الهجومي يرون أن زيادة المركبات تمنحهم أخيرا فرصة لكسر الجمود الذي كان يفرضه الدفاع في بعض الجولات، خصوصا حين يتحول التقدم إلى عملية استنزاف نفسية أكثر مما هي مواجهة عسكرية ممتعة. هؤلاء يرون أن المشكلة ليست في عدد اللاعبين وحده، بل في كيفية توزيعهم داخل الخريطة وفي طبيعة الأهداف نفسها. لكن حتى هؤلاء يعترفون بأن عودة 64 لاعبا ستغير قواعد اللعبة بالكامل، لأنها ستعيد ذلك الإحساس بالزخم الذي يميز Battlefield عن باقي ألعاب التصويب الجماعية. في النهاية، يبدو واضحا أن Battlefield 6 تعيش مرحلة حساسة من علاقتها مع جمهورها، مرحلة تتطلب من فريق التطوير أن ينصت بعمق لا إلى الضجيج السطحي، بل إلى جوهر ما يجعل اللاعبين متعلقين بهذه السلسلة منذ سنوات طويلة. فبين من يريد دبابات أكثر، ومن يريد عدد لاعبين أكبر، ومن يطالب بإعادة التفكير في الخرائط والتوازن، تظل حقيقة واحدة ثابتة، وهي أن Battlefield لا تعيش بالمركبات وحدها، بل تعيش أولا وأخيرا بروح المعارك الضخمة التي يشعر فيها كل لاعب بأنه جزء صغير من حرب هائلة لا يمكن التنبؤ بمسارها.