منذ اللحظة التي ظهرت فيها لعبة Intergalactic: The Heretic Prophet للمرة الأولى خلال حفل The Game Awards في العام الماضي، بدا واضحا أن المشروع يجذب الانتباه بسهولة، ليس فقط بسبب اسمه الطويل وغير المعتاد، بل لأن الجمهور يعرف تماما أن استوديو Naughty Dog عندما يقرر الكشف عن عنوان جديد، فهو عادة يقدمه بثقة كاملة وكأنه يقول للجمهور إن المشروع يستحق الانتظار. وعلى الرغم من أن العرض الأول لم يتجاوز بضع دقائق، إلا أنه كان كافيا لإثارة موجة كبيرة من الأسئلة والتوقعات، خصوصا أن الفريق لم يوضح وقتها ما إذا كانت اللعبة مبنية على تجربة أكشن مباشرة، أو إذا كانت تميل إلى رواية قصصية تعتمد على الأجواء السينمائية كما اعتدنا منه منذ سنوات. ومع اقتراب موسم الجوائز، كان الكثيرون يتوقعون عودة اللعبة إلى الواجهة هذا العام باستعراض موسع، وربما إعلان نافذة إصدار، قبل أن يفاجئنا الصحافي Jeff Grubb بتسريب يغيّر كل شيء بشكل غير متوقع.
فحسب ما ذكر Grubb عبر مصادره المقرّبة من الصناعة، فإن Intergalactic: The Heretic Prophet لن تكون ضمن الألعاب الحاضرة في حفل The Game Awards لهذه السنة، رغم أن ظهورها الأول كان في الحدث نفسه العام الماضي. الخبر أثار موجة من النقاش بين اللاعبين، فالبعض يرى أن غياب اللعبة قد يعني ببساطة أن Naughty Dog يريد المزيد من الوقت كي يظهر المشروع بالشكل الذي يليق بسمعته، في حين يرى آخرون أن سوني ربما تعد لحدث خاص بها خلال السنة القادمة، خصوصا أنها تميل في السنوات الأخيرة إلى تقليل ظهور عناوينها في فعاليات خارجية كبيرة إلا عندما تكون جاهزة بشكل شبه كامل. وفي كل الأحوال، كان التوقع العام يميل إلى أننا سنشاهد اللعبة مجددا خلال دجنبر، قبل أن يتأكد غيابها بشكل رسمي من خلال التسريبات المتطابقة.
ولأن الجمهور يعرف طبيعة Naughty Dog، فإن ردود الفعل لم تكن غاضبة بقدر ما كانت فضولية. هذا الاستوديو غالبا ما يعمل بصمت، كما أنه لا يكشف عن مشاريعه في مراحل غير مكتملة، والسبب بسيط: الفريق دائما ما يضع سقفا عاليا لجودة الإنتاج. لذلك فإن غياب اللعبة عن حفل الجوائز قد يعكس رغبة سوني في بناء لحظة خاصة بها، بعيدا عن زخم الإعلانات الأخرى، بحيث يكون الظهور القادم مرتبطا بمعلومات حقيقية وواضحة، سواء عن طريقة اللعب أو التوجه الفني أو قصة اللعبة. الكثيرون يعتقدون أيضا أن المشروع قد يكون أكبر مما يتوقعه البعض، خصوصا أن الفريق يعيش منذ سنوات مرحلة انتقالية بعد الانتهاء من The Last of Us Part II، الأمر الذي جعله يعيد التفكير في الأسلوب الذي سيقدم به لعبته التالية. إضافة إلى ذلك، كانت هناك إشاعات سابقة تشير إلى أن Intergalactic: The Heretic Prophet قد تكون تجربة مختلفة تماما عن أعمال الاستوديو السابقة، وربما تعتمد على عالم خيال علمي واسع، مع تركيز أكبر على القتال المباشر، وهو ما يجعل عملية التطوير أكثر تعقيدا من أي مشروع آخر لديهم.
[/embedpress]
وبينما ينتظر الجمهور التفاصيل، تظل الصورة ضبابية نوعا ما. صحيح أن مصدر التسريب موثوق، لكن عدم ظهور اللعبة في The Game Awards لا يعني بالضرورة أن التطوير يواجه مشاكل. في الواقع، غالبا ما تحرص سوني على توزيع إعلاناتها عبر السنة، بحيث لا تضع كل أوراقها في حدث واحد. وقد شاهدنا ذلك عندما كشفت عن ألعاب مثل Marvel’s Wolverine وGhost of Tsushima في توقيتات مفاجئة، بعيدا عن أي حدث كبير. ومن الممكن أن تكون Intergalactic: The Heretic Prophet تسير على النهج نفسه، وخصوصا أن العنوان يحمل طابعا ضخما ومختلفا عن أعمال الفريق المعتادة. ولعل غيابها عن الحفل يمنح اللاعبين إشارة مهمة: اللعبة تحتاج إلى لحظة خاصة للظهور، وربما إلى عرض طويل يمكنه تقديم فكرة واضحة عن التجربة بدلا من الاكتفاء بمقطع تشويقي سريع.
ومن جهة أخرى، فإن غياب اللعبة عن الحفل يحمل أثرا آخر غير مباشر، وهو تأثيره على جمهور The Game Awards نفسه. فبعد سنة كانت مليئة بالإصدارات القوية، ومع توقع الكثيرين لعرض ثقيل من Naughty Dog، قد يشعر البعض بخيبة أمل صغيرة. لكن في الوقت نفسه، يفتح هذا الغياب الباب أمام ألعاب أخرى لسرقة الأضواء، خصوصا تلك التي تستعد للكشف عن مشاريع ضخمة أو استعراضات مفصلة. ومع ذلك، لا يزال الكثيرون يرون أن Intergalactic: The Heretic Prophet ستكون إحدى أكبر مفاجآت السنة القادمة عندما تكشف عنها سوني بشكل كامل. وبما أن الفريق عادة ما يعمل على تفاصيل صغيرة جدا تهم اللاعب، فقد يكون عرض اللعبة المقبل مختلفا تماما عما اعتدناه، وربما يحمل تغييرات جذرية سواء في طريقة التقديم أو في نوعية التجربة.
من السهل أن نتفهم لماذا أثار العنوان الجديد اهتمام اللاعبين منذ لحظة الإعلان الأول. فاسم اللعبة نفسه يوحي بعالم واسع مع تركيبة فريدة تجمع بين الخيال العلمي والبعد القصصي المعقد، وهو ما جعل الكثيرين يحاولون تحليل العرض الأولي لاستخراج أي تلميح. فمثلا ظهرت شخصيات بملامح غامضة، وبيئة تحمل طابعا مستقبليا قاتما، مع لمسات تشير إلى وجود صراعات عقائدية أو ثقافية داخل القصة. بعض اللاعبين ذهبوا أبعد من ذلك، معتبرين أن اللعبة قد تعتمد على أسلوب يجعل اللاعب طرفا في صراع بين جماعات أو عقائد مختلفة داخل مجرة بعيدة. وكل هذه التخمينات ظهرت من مجرد عرض قصير، مما يعطي فكرة عن حجم الترقب الذي يحيط بالمشروع.
ولا يمكن تجاهل تأثير اسم Naughty Dog في هذه المعادلة. فالاستوديو معروف بكونه يقدم أعمالا صعبة التطوير لكنها تلقى دائما استقبالاً إيجابيا، مثل Uncharted وThe Last of Us. وحتى عندما يمر الفريق بتغييرات داخلية أو يواجه تحديات تقنية جديدة، يبقى الجمهور واثقا بأن النتيجة النهائية ستكون قوية. هذا الثقة هي ما يجعل أي خبر متعلق بمشاريع الاستوديو ينتشر بسرعة، حتى لو كان مجرد تسريب يشير إلى غياب اللعبة عن حدث معين. ورغم أن بعض المحللين توقعوا ظهور اللعبة في الحفل بشكل شبه مؤكد، فإن الوضع الآن أصبح أوضح نسبيا. وعلى الأرجح لن نرى المشروع قبل بداية العام القادم، وربما في لحظة إعلامية مستقلة تقدم فيها سوني رؤيتها الجديدة لعناوين الطرف الأول.
المثير أيضا هو أن غياب اللعبة جعل اللاعبين يتساءلون عن طبيعة المشروع نفسه. هل هو تجربة أكشن؟ أم لعبة ذات نمط مفتوح؟ أم عنوان يركز على السرد القصصي كما اعتاد الفريق؟ وليس هناك أي تأكيد رسمي حتى الآن، مما يضيف نوعا من الغموض المقصود. وربما يكون هذا الغموض جزءا من خطة التسويق، إذ إن بعض الشركات تعتمد على هذه الطريقة لبناء فضول حقيقي حول اللعبة قبل الكشف الكبير. ومن يدري، قد تكون هذه الاستراتيجية فعالة بالكامل عندما نرى العرض المقبل للعبة، خصوصا إذا كان طويلا ويقدم نظرة واضحة عن طريقة اللعب.
حتى الآن، التصريح الوحيد الذي يمكن اعتباره مهما في سياق المشروع يأتي من Jeff Grubb نفسه، حين قال إن “اللعبة ببساطة ليست جاهزة للعرض في هذا التوقيت”. هذه الجملة رغم بساطتها تحمل دلالة واضحة مفادها أن الفريق يعمل على تفاصيل يحتاج إليها الوقت. وهذا طبيعي جدا، خاصة عندما يكون عنوانك الجديد مختلفا جذريا عما قدمته سابقا. وربما يحتاج اللاعبون إلى بعض الصبر، لأن الألعاب التي تعتمد على أفكار مبتكرة تأخذ وقتا أطول للوصول إلى مرحلة العرض الكامل. ومع كل هذه المعطيات، يبدو أن العام القادم سيكون أكثر وضوحا بكثير بالنسبة لهذا المشروع.
وفي النهاية، يمكن القول إن غياب Intergalactic: The Heretic Prophet عن The Game Awards ليس خبرا سلبيا كما قد يراه البعض. على العكس، قد يكون دليلا على أن الاستوديو يسعى لتقديم اللعبة في أفضل صورة ممكنة، مع عرض قوي يتناسب مع حجم التوقعات. وحتى ذلك الحين، سيستمر اللاعبون في تحليل الإشاعات ومتابعة أي تلميح جديد، في انتظار اللحظة التي تقرر فيها سوني رفع الستار بالكامل عن أحد أكثر العناوين الغامضة المنتظرة.