في خطوة مفاجئة لكنها متوقعة إلى حد بعيد داخل أوساط صناعة الألعاب، أعلن فريق Striking Distance Studios عن إلغاء مشروعه القادم، الذي كان يُعرف داخلياً بالاسم المؤقت Project Titan. القرار يأتي بعد سلسلة من الأحداث التي عصفت بالفريق عقب صدور لعبة The Callisto Protocol في دجنبر 2022، وهي اللعبة التي كانت تحمل على عاتقها آمالاً كبيرة لإحياء نوع رعب البقاء بلمسة سينمائية، لكنها لم تحقق التوقعات المرجوة سواء نقدياً أو تجارياً.
المشروع الجديد، الذي لم يُكشف عنه بشكل رسمي سوى باسمه المؤقت، كان يُعد الخطوة التالية من الفريق نحو إعادة بناء الثقة بعد خيبة The Callisto Protocol. ورغم التعتيم الإعلامي المحيط بتفاصيله، إلا أن مصادر متعددة من داخل الفريق أكدت أن Project Titan كان يهدف إلى مزج عناصر من الرعب النفسي بعناصر من الخيال العلمي، مع التركيز على تجربة خطية مكثفة تحمل طابعًا سينمائيًا يشبه ما قدمه الفريق سابقاً في مشاريع أخرى خلال فترة عمل بعض أفراده في Sledgehammer Games وVisceral Games.
لكن الصدمة الكبرى التي هزّت Striking Distance Studios جاءت مباشرة بعد إطلاق The Callisto Protocol، حين خرج مؤسس الاستوديو Glen Schofield من الفريق، بعد أن واجه المشروع انتقادات لاذعة على مستوى القصة، الأداء التقني، والتصميم العام للتجربة. ورغم الجودة الرسومية العالية والتوجه الفني المميز، فإن اللعبة لم ترتقِ إلى مستوى توقعات اللاعبين أو المعايير التي تم الترويج لها قبل الإصدار.
فقد كان من المفترض أن تكون The Callisto Protocol الوريث الروحي لسلسلة Dead Space، بالنظر إلى أن Schofield كان أحد العقول المدبرة وراءها. لكن الأداء التجاري المحدود للعبة وتقييماتها المتوسطة من النقاد تسببا في صدمة داخل Krafton، الشركة المالكة للاستوديو، التي كانت قد استثمرت ميزانية ضخمة في تطوير اللعبة وتسويقها عالمياً، مما أدى لاحقًا إلى تخفيضات كبيرة في الموارد، وإعادة هيكلة داخلية واسعة أثرت على قدرة الفريق على إطلاق مشاريع جديدة.
إلغاء Project Titan لا يعكس فقط تحديات المشروع الجديد، بل يسلط الضوء على صعوبات البقاء في صناعة الألعاب بالنسبة للاستوديوهات المستقلة حتى وإن كانت مدعومة من شركات كبرى مثل Krafton. فبعد أن فقد الفريق بعض أبرز أعضائه التقنيين والإبداعيين، أصبح من الصعب بناء مشروع جديد بنفس الطموح، في وقت يحتاج فيه الاستوديو إلى استعادة ثقة السوق والمستثمرين.
وتُظهر هذه التطورات أن مرحلة ما بعد إطلاق لعبة متعثرة قد تكون أكثر قسوة على الفرق من فشل اللعبة ذاته. فالضغوطات المالية، والإدارة المرتبكة، والخروج المتسلسل للكفاءات، كلها عوامل تؤدي إلى قرارات مثل إيقاف التطوير أو إعادة التوجيه الإبداعي. ومن غير الواضح حالياً ما إذا كان فريق Striking Distance Studios يخطط للعمل على مشروع بديل، أو ما إذا كانت الخطوة التالية ستكون إعادة التركيز على مشاريع أصغر حجماً وأكثر قابلية للتنفيذ في المدى القريب.
في غياب أي تعليق رسمي من الإدارة الحالية للفريق، يبقى مستقبل الاستوديو معلقاً. لكن الواضح أن الدروس المستخلصة من تجربة The Callisto Protocol ستظل حاضرة بقوة في كل خطوة مقبلة. وقد قال أحد المطورين السابقين في الفريق، في تصريح لموقع GamesIndustry.biz: “كنا نطمح لتقديم تجربة لا تُنسى، لكننا تعلمنا بالطريقة الصعبة أن الطموح وحده لا يكفي.”
وسط هذا الغموض، ينتظر عشاق ألعاب الرعب أي بوادر أمل من الفريق أو من الشركات الكبرى الأخرى التي قد تستثمر في دماء جديدة قادرة على إعادة إحياء الثقة في هذا النوع من الألعاب. وبينما تتجه الأنظار حالياً إلى مشاريع أخرى من نوع الرعب مثل Silent Hill 2 Remake وAlan Wake II، تبقى قصة Striking Distance Studios درساً كلاسيكياً في التحديات القاسية التي قد تواجه حتى أكثر الفرق موهبة في الصناعة.