في خطوة استراتيجية تعكس توجه المغرب نحو تسريع التحول الرقمي، أعلنت شركتا Maroc Telecom (IAM) وInwi (Wana Corporate) عن بدء العمل الرسمي لشركتين جديدتين تحت اسم Uni Fiber وUni Tower، وذلك بهدف تسريع نشر شبكات Fiber To The Home (FTTH) وشبكات 5G في جميع أنحاء المملكة.
الإعلان جاء ضمن بيان مشترك أصدرته الشركتان اليوم، وأكدتا فيه أن إطلاق هاتين الشركتين يأتي تتويجًا للاتفاقية الموقعة بين الطرفين بتاريخ 27 مارس 2025، والتي نالت المصادقة الرسمية من طرف Agence Nationale de Réglementation des Télécommunications (ANRT) يوم 18 يونيو 2025. المبادرة تندرج ضمن رؤية وطنية أشمل ترمي إلى توسيع البنية التحتية الرقمية وتحسين جودة الخدمات المقدّمة للمواطنين، مع ضمان منافسة عادلة بين مختلف الفاعلين في السوق.
Uni Fiber: مليون خط FTTH خلال سنتين
ستُوكل إلى شركة Uni Fiber مهمة بناء وتشغيل البنية التحتية الخاصة بشبكات الألياف البصرية الموجّهة نحو المنازل، وذلك في إطار خطة طموحة تهدف إلى الوصول إلى مليون خط FTTH خلال عامين، مع توسعة النطاق إلى ثلاثة ملايين خط في غضون خمس سنوات. وتعد هذه الأرقام طموحة بالنظر إلى التحديات الجغرافية والديمغرافية التي تواجهها عملية التغطية على مستوى التراب الوطني.
ويُتوقّع أن تساهم Uni Fiber في تسريع وتيرة إدماج الإنترنت عالي الصبيب داخل المنازل المغربية، لا سيما في المدن المتوسطة والصغيرة، حيث لا تزال تغطية FTTH ضعيفة نسبياً مقارنةً بالطلب المتزايد على الخدمات الرقمية، خصوصًا مع انتشار استخدام خدمات الفيديو، الألعاب السحابية، والعمل عن بُعد.
Uni Tower: 2000 برج جديد خلال 3 سنوات
أما شركة Uni Tower فستتولى مهمة تطوير البنية التحتية لشبكات الاتصال اللاسلكية، من خلال بناء 2000 برج اتصال جديد خلال ثلاث سنوات، مع خطة مستقبلية لتصل إلى 6000 برج في غضون 10 سنوات. ستُستخدم هذه الأبراج لتوسيع تغطية شبكات 4G و5G، ما سيُمكن المستخدمين من الاستفادة من سرعة أعلى واستقرار أفضل في الاتصالات، خصوصاً في المناطق الريفية وشبه الحضرية.
هذا التوجه يندرج ضمن استراتيجية المغرب للتحول الرقمي، خاصة مع تنامي الحاجة إلى خدمات ذات جودة عالية في مجالات مثل التعليم عن بعد، الخدمات السحابية، وإنترنت الأشياء (IoT)، وهي المجالات التي تعتمد بشكل مباشر على بنية تحتية قوية وفعّالة.
استثمار بقيمة 4.4 مليار درهم للمرحلة الأولى
ووفقًا للبيان المشترك، فقد تم تخصيص 4.4 مليار درهم كحجم استثماري للمرحلة الأولى من هذا المشروع، والتي ستمتد على مدى ثلاث سنوات. هذا الاستثمار يُعد مؤشراً قوياً على التزام الشركتين بتطوير البنية التحتية الرقمية في البلاد، كما يعكس مستوى الثقة في قدرة السوق المغربي على استيعاب وتحقيق عائد مستدام من هذا النوع من الاستثمارات الاستراتيجية.
إلى جانب الدعم المالي، يعكس المشروع أيضاً شراكة غير مسبوقة بين اثنين من أكبر الفاعلين في سوق الاتصالات المغربي، ما قد يُشكّل بداية حقبة جديدة من التعاون بين المنافسين في سبيل تطوير المصلحة العامة وتسريع الوصول إلى “المغرب الرقمي”.
شفافية وتكافؤ الفرص في استخدام البنية التحتية
من أبرز ما ورد في البيان هو التزام الشركتين بإتاحة البنية التحتية التي ستقوم بتطويرها بشكل مفتوح وشفاف أمام جميع مزوّدي خدمات الاتصالات المرخصين من قبل الدولة. هذا يعني أن الشركات الأخرى مثل Orange Maroc وغيرها ستكون قادرة على الاستفادة من نفس البنية التحتية دون تمييز، ما يُعزز مبدأ الحياد التكنولوجي ويضمن منافسة عادلة من شأنها أن تُحسن جودة الخدمة وتُخفض الأسعار للمستخدم النهائي.
كما أكدت الشركتان على احترام القوانين والتشريعات المعمول بها داخل المملكة، مع الالتزام بالتنسيق مع السلطات المختصة مثل ANRT لضمان الشفافية والامتثال للمعايير الدولية.
مستقبل الاتصال في المغرب: خطوة في الاتجاه الصحيح
مع تسارع وتيرة التحول الرقمي في المغرب، تأتي هذه المبادرة لتعزز من قدرة البلاد على تلبية الطلب المتزايد على الإنترنت عالي الصبيب وخدمات الجيل الخامس. ويبدو أن هذا المشروع سيكون له أثر مباشر على قطاعات مثل الألعاب الإلكترونية، الرياضات الإلكترونية (Esports)، خدمات البث التفاعلي، والحوسبة السحابية، وهي كلها مجالات تعتمد على اتصال إنترنت قوي ومستقر.
وفي ظل التنافسية العالمية المتزايدة، فإن المغرب بحاجة ماسة إلى بنية تحتية رقمية حديثة تمكنه من الارتقاء إلى مصاف الدول الرائدة في مجال الاقتصاد الرقمي، ويبدو أن Uni Fiber وUni Tower تمثلان اللبنة الأولى لتحقيق هذا الهدف الطموح.