شهد معرض Morocco Gaming Expo في دورته الثانية خلال شهر يوليوز دفعة جديدة نحو ترسيخ موقع المملكة المغربية كوجهة رقمية متقدمة في مجال صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث استقبل وزير الشباب والثقافة والتواصل المصمم الياباني الأسطوري Yoshiki Okamoto، أحد رواد الصناعة على المستوى العالمي، والذي ارتبط اسمه بتطوير عدد من أيقونات الألعاب في تاريخ شركة Capcom مثل Street Fighter II وResident Evil وFinal Fight.
زيارة Okamoto Yoshiki للمغرب حملت طابعًا رمزيًا ومهنيًا في الآن ذاته، إذ تعكس اهتمام الشخصيات العالمية بالتحولات التي تعرفها المملكة في مجال الإبداع الرقمي. ويُعد حضور مطور بهذا الحجم دعمًا معنوياً كبيرًا للجيل المغربي من المطورين الذين يتطلعون إلى إثبات أنفسهم في ساحة عالمية شديدة التنافس.
الوزير استغل هذه المناسبة لعقد مجموعة من اللقاءات الاستراتيجية مع وفود استثمارية تمثل حوالي 30 شركة فاعلة في مجال الألعاب الإلكترونية من دول مثل فرنسا، ألمانيا، كوريا الجنوبية، واليابان. وقد ركزت هذه الاجتماعات على بحث إمكانيات الشراكة والاستثمار في السوق المغربية، خاصة في ما يخص البنية التحتية، التكوين، وتطوير المحتوى الرقمي الموجه للأسواق المحلية والإفريقية.
ومن بين أبرز النتائج التي أسفرت عنها هذه اللقاءات، إعلان شركتين دوليتين هما TA Publishing وGamearly عن رغبتهما في دخول السوق المغربية واستقرار أنشطتهما بها من خلال إحداث مراكز إنتاج وتكوين محلية. هذا القرار يشكل خطوة نوعية في المسار الذي تسلكه المملكة لتعزيز مكانتها كمحور إقليمي في قطاع الاقتصاد الرقمي الإبداعي، وخاصة في صناعة الألعاب الإلكترونية التي أصبحت اليوم أحد أسرع القطاعات نموًا في العالم.
شركة TA Publishing، المعروفة بعملها مع عدد من المطورين المستقلين في أوروبا وآسيا، تنظر إلى المغرب كبيئة واعدة لاحتضان مشاريع ألعاب موجهة للمنطقة العربية والإفريقية، مستفيدة من المواهب المحلية والدعم المؤسساتي المتنامي. أما شركة Gamearly، المتخصصة في التسويق والدعم المجتمعي لألعاب الفيديو، فتطمح إلى تأسيس مركز عمليات إقليمي في المغرب يكون همزة وصل بينها وبين أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
إقبال هذه الشركات يعكس الثقة المتزايدة في البنية التحتية المغربية، وفي السياسة العامة التي تنتهجها الحكومة في دعم مجالات التكنولوجيا الرقمية والإبداعية. فالمغرب لم يعد فقط سوقاً للاستهلاك، بل أصبح يُنظر إليه تدريجياً كمصدر للإنتاج والتطوير، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام الشباب المغربي في مجالات مثل تصميم الألعاب، تطوير البرمجيات، الذكاء الاصطناعي، وتجارب اللعب السردي والموسيقي والمرئي.
التحول الذي يعرفه المشهد المغربي في هذا المجال ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكمات متواصلة، شملت مبادرات رسمية لدعم التكوين الجامعي في مجالات البرمجة والتصميم، بالإضافة إلى انتشار منصات الدعم والتمويل للمشاريع الناشئة. كما ساهمت الفعاليات الدولية والمحلية مثل Morocco Gaming Expo في خلق نوع م ن التفاعل الدينامي بين الفاعلين المحليين والدوليين، ما ساعد على تسريع وتيرة النضج في هذا القطاع.
ومع تزايد اهتمام شركات عالمية بالاستثمار في المغرب، تزداد فرص خلق منظومة متكاملة تشمل التكوين، الدعم التقني، الحاضنات، والمواكبة التسويقية، ما يمكن أن يشكل قاعدة صلبة لنمو صناعة ألعاب مغربية الأصل، قادرة على دخول المنافسة الدولية. فالخطوة القادمة تفرض العمل على تشجيع الإنتاج المحلي الذي يعكس الهوية الثقافية المغربية، ويعيد تقديم الموروث الشعبي والأسطوري والخيالي في قالب ترفيهي رقمي موجه للأسواق العالمية.