في قلب العاصمة المغربية الرباط، وتحديدًا في القاعة المغطاة لمركب مولاي عبد الله، شهد اليوم الثاني من معرض Moroccan Game Industry Expo تظاهرة رقمية فريدة جمعت بين الإبداع المغربي والطموحات العالمية. الحدث، الذي يُعد من أبرز التظاهرات الإلكترونية في المنطقة، استقطب عددًا كبيرًا من الزوار من مختلف الأعمار، إلى جانب شخصيات بارزة في عالم video game development، وممثلي شركات تقنية رائدة، ومطوري ألعاب مستقلين، بالإضافة إلى حضور إعلامي دولي واسع.
تميّز اليوم الثاني ببرنامج حافل لم يخيب آمال الجمهور الذي توافد بكثافة. فقد توزعت الفعاليات بين ورشات تكوينية استهدفت نقل الخبرات التقنية والفنية في مجالات game design وinteractive storytelling وmonetization strategies، وبين ندوات ناقشت تحديات وآفاق الصناعة في القارة الإفريقية، مع تسليط الضوء على تجارب محلية ناجحة استطاعت الوصول إلى أسواق عالمية، مثل Kenz Studio وRym Games. وتوقف الحضور كثيرًا عند عروض pitching لشركات مغربية ناشئة، التي عرضت نماذج أولية لألعاب مبتكرة تراوحت بين الأنواع السردية والتجريبية، والعاب mobile الموجهة للأسواق الناشئة.
الحدث لم يكن مجرد مناسبة عرض أو استعراض، بل شكّل مساحة تواصل فعالة بين مختلف الفاعلين، من مطورين ومصممين، إلى مستثمرين وممثلين عن شركات مثل Unity Technologies وNVIDIA وEpic Games. هذه الشركات عبرت عن اهتمامها المتزايد بالسوق المغربية، التي أصبحت تمثل بوابة مهمة نحو أسواق إفريقيا جنوب الصحراء. وقد نوهت عدة تدخلات إلى أن المغرب، بفضل استقراره وبنيته التحتية الرقمية والتعليمية، قادر على لعب دور محوري في صناعة الألعاب، شريطة تطوير سياسات حكومية داعمة وخلق حاضنات أعمال أكثر تخصصًا.
المميز في هذا اليوم أيضًا كان الحضور القوي للعنصر النسوي، حيث برزت مشاركات لشابات مغربيات في فرق تطوير الألعاب، خصوصًا في مجالات game narrative وUX/UI design، مما يؤكد على تنامي ثقافة الشمول في هذا القطاع داخل المملكة. عدد من هؤلاء النسوة شاركن في ورشات تدريبية بتنظيم من مؤسسات مثل Women in Games وUNESCO Maroc، ما يعكس الانفتاح على ديناميات دولية تدفع نحو المساواة في المجال الرقمي.
ومن أبرز اللحظات التي شدت انتباه الحضور، العرض الحصري للعبة جديدة من تطوير استوديو مغربي شاب يعمل على جهاز Nintendo Switch، حيث تفاعل الجمهور بحرارة مع أسلوب اللعب الذي يمزج بين الثقافة الشعبية المغربية وعناصر RPG. كما شهدت ساحة المعرض مسابقات eSports بين محترفين محليين في ألعاب مثل Street Fighter 6 وValorant وFIFA 24، في جو طبعه التحدي والحماسة والروح الرياضية.
عدد من الزوار القادمين من مدن مثل فاس، طنجة، مراكش، وأكادير، عبروا عن سعادتهم بتنظيم حدث بهذا المستوى في المغرب، مؤكدين أن مثل هذه المعارض تخلق دينامية ثقافية رقمية وتلهم الشباب نحو الإبداع. وقال أحد المشاركين من تطوان، وهو مطور ألعاب مستقل: “حضوري لهذا المعرض منحني الفرصة لعرض مشروعي أمام جمهور نوعي، وتلقي ملاحظات قيمة من خبراء الصناعة. إنها تجربة غيرت الكثير من رؤيتي للمجال.”
ويُنتظر أن يستمر المعرض إلى غاية 6 يوليوز، مع مفاجآت منتظرة في اليومين القادمين، خصوصًا أن جدول الفعاليات يشمل مداخلات من أسماء بارزة في الصناعة مثل Rami Ismail وFawzi Mesmar، إضافة إلى لقاءات بين مطورين مغاربة ومستثمرين أجانب، ما قد يسفر عن شراكات حقيقية تنقل بعض المشاريع المغربية إلى مراحل إنتاج متقدمة.
بذلك، يبدو أن المعرض لا يقدم فقط فرصة للتفاعل مع أحدث ابتكارات الألعاب، بل يؤسس لرؤية مستقبلية لصناعة محلية قادرة على المنافسة. هو حدث يتجاوز اللحظة، نحو مشروع استراتيجي يجعل من المغرب منصة للألعاب الإفريقية، ويمنح مواهبه الرقمية منصة لإثبات الذات.