في خطوة رائدة تعكس الانفتاح المتزايد للمغرب على الصناعات الرقمية، أطلقت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الشباب، بشراكة مع منظمة UNICEF، النسخة الثانية من البرنامج الوطني الموجه نحو تمكين الفتيات في مجال تطوير ألعاب الفيديو. هذه المبادرة التي حملت هذه السنة طابعًا أكثر مهنية من سابقاتها، انطلقت من خلال تنظيم دورة تكوينية خاصة بالمكونين، وهي خطوة محورية تهدف إلى نقل المعارف والمهارات إلى أطر مؤهلة ستقوم لاحقًا بتأطير الشابات المشاركات.
البرنامج يأتي في سياق عالمي يتّجه فيه الاستثمار في Game Development إلى التركيز على الشمولية وتمكين الفئات التي لطالما همّشها القطاع، وفي مقدمتها النساء والفتيات. وتشير المعطيات العالمية إلى ازدياد حضور النساء في قطاع الألعاب، سواء على مستوى التصميم أو البرمجة أو الإخراج الفني، ما يجعل مثل هذه المبادرات في المغرب ضرورة إستراتيجية وليست فقط محاولة عابرة.
تسعى هذه الدورة التكوينية إلى تعزيز قدرات المدربين في مجالات عدة تشمل Creative Design, وProgramming, وأساسيات صناعة الألعاب، بما يضمن خلق بيئة تعليمية تفاعلية وغنية للفتيات المقبلات على ولوج هذا المجال. وتولي الورشات أهمية خاصة للجوانب التطبيقية، مما يتيح للمشاركات تجريب مهاراتهن في بيئة تحاكي المشاريع الحقيقية التي تعتمدها شركات تطوير الألعاب الكبرى مثل Ubisoft, وSony Interactive Entertainment, وNintendo.
اللافت في هذه الدورة هو الطابع الاستباقي الذي اتخذته الجهات المنظمة، حيث لم تكتفِ فقط بخلق محتوى معرفي، بل وضعت تصوّراً لدمج هذا البرنامج في السياسات الوطنية المتعلقة بالتكوين المهني والتمكين الرقمي. ويُرتقب أن يتم توسيع هذا النموذج ليشمل جهات أخرى من المملكة في الأشهر القادمة، خاصة خلال فصل نونبر ودجنبر، في إطار تعميم التجربة وضمان استمراريتها.
ومن خلال هذا المسار، يُعزز المغرب موقعه كمركز إقليمي واعد في قطاع التكنولوجيا والتعليم الرقمي، مستفيدًا من طاقات شابة وإرادة سياسية واضحة تدفع في اتجاه تعميم الثقافة الرقمية لدى الفتيات. ويتوقع أن يشكّل البرنامج نواة لصقل مواهب نسائية قد تجد فرصًا مستقبلية في شركات تطوير ألعاب عالمية، أو حتى في إنشاء استوديوهات مغربية مستقلة تعمل على إنتاج محتوى محلي بإبداع عالمي.
هذا التوجه، وإن كان في بدايته، إلا أنه يؤسس لمرحلة جديدة من التحول الثقافي نحو مجتمع رقمي متوازن، ويبعث برسالة قوية مفادها أن مستقبل التقنية في المغرب لن يكون حكرًا على فئة دون أخرى، بل سيكون فضاءً مفتوحًا تتقاطع فيه الكفاءة مع الرغبة في التغيير.