جاء تصميم هذه الساعة الخاصة من توقيع المصمم الأسطوري Ikuto Yamashita، العقل المبدع الذي يقف وراء التصاميم الميكانيكية الأصلية في سلسلة EVANGELION. لم يكتف Yamashita بإعادة رسم الخطوط المألوفة، بل ابتكر رؤية جديدة تُحاكي روح العمل، حيث استلهم تفاصيلها من العالم الداخلي للوحدات القتالية “EVA” ومن الأسلوب البصري المكثّف للسلسلة. استخدمت Casio أحدث تقنيات التشطيب السطحي والنحت المجهري لتعيد إنتاج خطوط التصميم بأعلى دقة، فتبدو الساعة وكأنها قطعة خارجة من عالم الأنمي نفسه.
![]()
النسخة الجديدة تستند إلى الموديل الكلاسيكي GA-110، الذي سبق أن استُخدم في أول تعاون بين G-SHOCK و EVANGELION سنة 2010. لكن الفارق هنا هو في التفاصيل: هذه النسخة تمثل ولادة جديدة للساعة الأيقونية، حيث تمت إعادة تصميم كل عنصر لتجسيد EVA Unit-01، الوحدة الرئيسية في السلسلة، بأسلوبٍ فنيٍ متكامل. من النظرة الأولى، يلفت الانتباه غطاء الساعة الذي يحمل ملامح خوذة الرأس الشهيرة، بينما يمتد ذراع EVA الأيمن عبر الإطار السفلي ممسكًا بـ Spear of Longinus في وضعية الاستعداد للرمي — في مشهدٍ يعكس تمامًا التوتر الجمالي الذي يميز العمل الأصلي.
![]()
لكن روعة التصميم لا تتوقف عند هذا الحد. فعند النظر إلى وجه الساعة، يكتشف المراقب سلسلة من التفاصيل الدقيقة التي لا تُلاحظ إلا بعينٍ خبيرة: المؤشر الصغير عند موضع الساعة التاسعة مستوحى من الملاك الثالث Sachiel، أما الشكل المائل على الميناء فيحاكي نمط التحذير CAUTION الذي يظهر مرارًا في مشاهد القتال داخل الأنمي. أضف إلى ذلك نقش عبارة “NEON GENESIS” على حلقة الحزام، وشعار NERV المنقوش على طرفه، بالإضافة إلى ختم الذكرى الثلاثين المحفور على الغطاء الخلفي — كل هذا يجعل الساعة بمثابة شهادة زمنية تُوثق ثلاثة عقود من التاريخ الثقافي الياباني.
ولأن التصميم لا يكتمل إلا بالتغليف، فقد جاءت الساعة داخل علبة مخصصة بتصميم مستوحى من ألوان EVA Unit-01، تجمع بين البنفسجي الغامق والأخضر النيون، ما يمنحها مظهرًا مستقبليًا مذهلًا. حتى طريقة فتح العلبة تماثل تجربة فنية في حد ذاتها، وكأنها استدعاء مباشر لروح العمل الأصلي الذي جمع بين الميكانيكا، الدين، والدراما الوجودية في إطار واحد.
![]()
من الناحية التقنية، تحافظ الساعة على المواصفات المتفوقة التي جعلت من G-SHOCK رمزًا عالميًا في عالم الساعات المقاومة: مقاومة كاملة للصدمات، مقاومة للماء حتى عمق 200 متر، نظام توقيت دقيق، منبه متعدد الوظائف، عرض مزدوج رقمي وتناظري، وكل ذلك في هيكل صلب مقاوم للعوامل الخارجية. إنها ليست فقط ساعة للزينة، بل أداة وظيفية للارتداء اليومي تعكس روح الصلابة اليابانية التي لا تعرف المساومة.
الرمزية التي تحملها هذه الساعة تتجاوز حدود المظهر. فهي تمثل لقاءً بين مدرستين من العبقرية اليابانية: الأولى هي هندسة Casio الصارمة، والثانية هي عمق العالم الفلسفي الذي نسجه Hideaki Anno في EVANGELION. فالساعة هنا ليست مجرد منتج، بل قطعة فنية تعبّر عن العلاقة بين الإنسان والتقنية، بين الإيمان والآلة، بين الفناء والإرادة — وهي نفس الأسئلة التي طُرحت بعمق في السلسلة الأصلية.
![]()
وقد صرّح أحد ممثلي Casio في البيان الصحفي الرسمي قائلًا: “هذا التعاون مع EVANGELION يتجاوز فكرة الإصدار الخاص. إنه تكريم للثقافة اليابانية التي استطاعت الجمع بين الفن والهندسة، وبين المشاعر والتكنولوجيا في تناغمٍ نادر.” وهي عبارة تلخص تمامًا روح المشروع: أن تتحول ساعة يد إلى تجربة فلسفية تروي قصة ثلاثة عقود من الإبداع المتواصل.
الإقبال المتوقع على هذه النسخة محدود بطبيعة الحال، إذ من المنتظر أن تنفد القطع فور طرحها، كما حدث في التعاون الأول سنة 2010. فجامعو الساعات وهواة الأنمي حول العالم ينتظرون هذه اللحظة بشغف، ليس فقط لاقتناء منتج فريد، بل للاحتفاظ بقطعة من التاريخ الياباني الحديث، قطعة تختصر روح جيلٍ تربى على أصوات الروبوتات العملاقة وأسئلة الوجود.
وفي النهاية، يمكن القول إن ساعة G-SHOCK × EVANGELION ليست مجرد ساعة جديدة تُضاف إلى السوق، بل هي احتفال بالزمن نفسه، وبالرحلة التي جمعت التكنولوجيا بالخيال، والواقع بالأسطورة. إنها دليل على أن الفن الياباني لا يزال قادرًا على مفاجأتنا، ليس فقط عبر الشاشة، بل حتى عبر معصم اليد، حيث يمكن لقطعة معدنية صغيرة أن تختصر ثلاثين سنة من الإبداع، الحنين، والدهشة.