ليس سرًا أن عالم صناعة ألعاب الفيديو يعيش لحظة توتر عالمي هذه الفترة، لكن ما حصل داخل شركة Amazon Games تحديدًا يبدو وكأنه زلزال حقيقي هزّ خططها المستقبلية. فبعد الإعلان الرسمي عن تسريحات شملت أكثر من 14 ألف موظف، أغلبهم من فرق التطوير والنشر داخل قسم الألعاب، بدأت الأسئلة تتصاعد: ماذا يعني ذلك للمشاريع التي كانت قيد التطوير؟ وهل انتهى حلم الشركة في منافسة كبرى شركات الألعاب على سوق الـMMO؟
المعلومة الرسمية الوحيدة التي نعرفها حتى الآن هي توقف عملية تطوير لعبة The Lord of the Rings تلك التجربة التي أرادت Amazon من خلالها أن تضع بصمتها في عالم ألعاب الأونلاين الضخمة. وبمجرد الإعلان عن ذلك، سرعان ما تحوّلت الأنظار مباشرة إلى المشروع الآخر المنتظر بشغف: لعبة MMO مبنية على عالم The Lord of the Rings. اللعبة التي كانت تُعدّ من أضخم رهانات Amazon Games، والتي روّجت لها الشركة سابقًا كجزء من رؤيتها بعيدة المدى لاقتحام السوق بقوة، أصبحت اليوم فجأة في مهب الريح.
وإذا كنت من عشاق Middle-earth، فغالبًا ستتساءل مثل غيرك: هل انتهى المشروع؟ الإجابة غير رسمية حتى اللحظة، لكن ما خرج من بوابة الإنترنت يوحي بأن الأمور ليست بخير إطلاقًا. فقد نشرت موظفة سابقة في فريق التطوير تحديثًا على حسابها عبر LinkedIn تحدثت فيه عن فترة عملها وعن التسريحات التي طالت الفريق. الأمر الذي لفت الأنظار هو تعليقها الذي ذكرت فيه أن اللاعبين “كانوا سيعشقون المشروع” في إشارة واضحة إلى أنه لم يعد قائمًا. وبصراحة، عندما تأتي إشارة كهذه من شخص عمل في المشروع، فذلك يترك قليلًا جدًا من مجال الشك.
وربما لا يبدو هذا القرار صادمًا بالكامل عند النظر إلى توجه Amazon الجديد. الشركة أعلنت أنها ستبتعد عن ألعاب MMO الضخمة في الوقت الحالي، وستركز بدلًا من ذلك على التجارب القصصية الفردية. يبدو أن العملاق الأمريكي أدرك أن صناعة MMO تحتاج سنوات طويلة من التطوير واستثمارات خيالية، وهذا النوع من المشاريع يحمل مخاطر تجارية كبرى لا ترغب الشركة بتحملها بعد موجة تقليص وأزمة داخلية بهذا الحجم. بمعنى آخر، قد يكون مشروع The Lord of the Rings قد سقط ضحية لتغيير استراتيجي أكثر منه فشلًا تطويريًا.
المثير في الموضوع أن عالم The Lord of the Rings يعتبر من أغنى العوالم الخيالية على الإطلاق وأكثرها قدرة على تجسيد تجربة MMO ناجحة. تخيّل فقط أن تتجول في Middle-earth، تنضم لفصائل، تقاتل في حروب ضخمة، وتبني مغامرتك الخاصة بين الجبال والوديان والمدن الأسطورية… كان يمكن أن تكون تجربة استثنائية بالفعل. لكن يبدو أن طموح Amazon في هذا المشروع كان أكبر مما يحتمله الظرف الحالي للشركة.
تلك اللحظة قد تُذكّر البعض بما قاله أحد المطورين سابقًا في مقابلة حول مشاريع الألعاب الضخمة: “في بعض الأحيان، لا يُلغى المشروع لأنه سيئ… بل لأنه جاء في الوقت الخطأ.” وهذه الجملة تلخص ما يحدث مع Amazon الآن بشكل مثالي. فالجانب التجاري أحيانًا يكون أقسى من الجانب الإبداعي، خصوصًا عندما تتشابك الأرقام مع السياسات الجديدة وتوجهات الإدارة العليا.
هل من الممكن أن يعود المشروع في المستقبل؟ الاحتمالات موجودة، لكنها ضعيفة جدًا في الوقت الحالي. خصوصًا أن الشركة نفسها صرّحت بأنها في مرحلة مراجعة استراتيجية عميقة، وتركز على إنتاج ألعاب قصصية أصغر وأكثر قدرة على تحقيق نتائج واضحة خلال وقت أقصر. وفي ظل الظروف العالمية في سوق الألعاب، قد يكون هذا توجهًا منطقيًا بالفعل، حتى إن كان محبطًا لعشاق الملحمة التولكينية الذين كانوا ينتظرون شيئًا ضخمًا ومختلفًا.
وبين كل ذلك، تظل الحقيقة المُرة أن صناعة الألعاب تمرّ بمرحلة لم نعهدها منذ فترة طويلة: استوديوهات كبرى تُغلق، مشاريع ضخمة تلغى، آلاف الموظفين يخسرون أعمالهم، والنتيجة النهائية هي شعور لدى اللاعبين بأن أحلامهم الرقمية في خطر. ومع ذلك، يظل الأمل قائمًا بأن موجة الركود هذه ستنتهي، وأن عالم Middle-earth سيعود في يوم ما إلى الساحة بتجربة ضخمة تليق باسمه. ففي النهاية، عالم Tolkien لا يموت بسهولة، والجمهور لا يتوقف عن الحلم.
وفي انتظار أيام أفضل، ستبقى هذه الأخبار جزءًا من مرحلة إعادة ترتيب المشهد بأكمله، سواء لدى Amazon أو غيرها. قد يبدو هذا التحول قاسيًا، ولكنه يأتي في لحظة تحتاج فيها الصناعة لإعادة التفكير في مسارها. فليس كل شيء في عالم الألعاب يتعلق بالخيال والسيوف… أحيانًا يكون الأمر معركة باردة بين الأرقام والقرارات الشجاعة.