أجرى الحوار د. محمد سويلم
نستكمل معكم عبر سلسلة المقالات حوارًا للتاريخ مع د. عدنان القاسم، يحكي لنا الذكريات، ويفتح أبوابًا من عوالم كانت خفية لينقل لكم إجابات عن أسئلة مهمة لطالما شغلت بال الكثيرين من جيلنا جيل الطيبين.
هذا الجزء استكمال للجزء الأول من الحوار تجدوه عبر هذا الرابط.
12- كانت أسماء الشخصيات في تعريبكم لكابتن ماجد مسألة محل جدل في طفولتنا لأنها تختلف عن مسمياتها التي اعتدناها في المسلسل المدبلج.. ما هي فكرة الأسماء التي اخترتموها؟
أتفهم الجدل حول اختلاف أسماء شخصيات لعبة كابتن ماجد عن المسلسل المدبلج. ببساطة، كانت الفكرة شخصية جدًا: شغفي العميق بالمشروع هو من دفعني لاستخدام أسماء أولادي وأقاربي بدلًا من أسماء المسلسل، أردت أن أُضفي لمسة خاصة وعائلية على اللعبة، لربطها بشيء من عالمي الشخصي وإضفاء روح الألفة على الشخصيات في النسخة المعربة.
13- هل كانت أدوات الترجمة ومحررات الهيكس والرسوم مبرمجة خصيصًا لغرض التعريب أم جزء من حزمة برمجيات جاهزة؟ وما هو نظام التشغيل الذي كانت تعمل عليه؟
كما نعلم في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، كان MS-DOS هو نظام التشغيل السائد لأجهزة الكمبيوتر الشخصية (IBM PC compatibles)، لذا لم يكن هناك واجهات رسومية متطورة مثل ويندوز في بداياته، وكانت معظم هذه الأدوات تُشغل من سطر الأوامر (Command Line Interface).
غالبًا، كانت الأدوات التي استخدمناها في تلك الفترة مزيجًا من أدوات مبرمجة خصيصًا وأخرى كانت جزءًا من حزم برمجيات جاهزة، لكنها جميعًا كانت تتطلب معرفة عميقة لتطويعها. لم تكن هناك حلول جاهزة للتعريب.
دعني أوضح الفكرة:
• محررات الهيكس (Hex Editors): هذه البرامج كانت متوفرة بشكل عام (مثل Norton Utilities أو برامج شبيهة)؛ لم تكن مصممة لتعريب الألعاب تحديدًا، بل كانت أدوات عامة لتعديل الملفات على مستوى البايت. لكن دورنا كان حاسمًا في استخدامها للتعريب، حيث تطلب ذلك فهمًا عميقًا لكيفية عمل ملفات الـROM الخاصة بالألعاب وتحديد أماكن النصوص والرسوميات يدوياً.
• محررات الرسوميات (Graphics Editors): كانت بعض البرامج البدائية للرسوميات متاحة، لكنها لم تكن مُهيأة للتعامل مع “بلاطات” الألعاب أو الحروف العربية. لذا، كنا نلجأ إلى برمجة أدوات مساعدة بسيطة أو تعديل الأدوات الموجودة لجعلها قادرة على استخراج “البلاطات Tiles” الرسومية الخاصة بالحروف وإعادة رسمها لتناسب الخط العربي، أو حتى لتبسيط عملية إدخالها وتنسيقها.
• أدوات التعريب الخاصة (Text Injectors/Formatters): لم تكن هناك “حزم برمجيات جاهزة” للتعريب كما نعرفها اليوم ، حيث أنّ عملية تعريب لعبة كاملة كانت تتطلب فهمًا لآلية اللعبة في تخزين النصوص وعرضها،فذلك -غالبًا – ما دفعنا إلى برمجة أدوات صغيرة مخصصة)ربما بلغات مثل Assembly أو C في تلك الحقبة لتسهيل عملية إدخال النصوص العربية بعد ترجمتها، والتأكد من أنها تظهر بالشكل الصحيح (مع الأخذ في الاعتبار اتجاه النص، والذاكرة المحدودة).
14- رسوم أغلفة الأجهزة والملحقات عليها هل كانت من تصميمكم؟
نعم، كانت رسوم أغلفة الأجهزة والملحقات عليها من تصميمنا الخاص بالكامل، وبمعنى آخر، كان العمل غالبًا يدويًا وبدائيًا -إن صح التعبير- مع الاستفادة من مصادر صور مختلفة لابتكار التصميمات النهائية. كان ذلك في ظل بساطة أدوات التصميم المتاحة في تلك الحقبة وبدائية التقنيات الرسومية حينها. ورغم هذه التحديات، حرصنا على أن تعكس التصميمات هوية المنتجات وتكون جذابة للمستخدمين.
15- هل فكرتم في الانتقال لأجهزة ١٦-بت و ٣٢-بت أو أجهزة الكمبيوتر الشخصية PC لتقديم أعمال أخرى في التسعينات؟
نعم، الفكرة كانت حاضرة وبقوة للانتقال إلى منصات أكثر تطورًا مثل أجهزة 16-بت و 32-بت أو حتى أجهزة الكمبيوتر الشخصية (PC) لتقديم أعمال جديدة في التسعينيات. لكن، وبسبب انهماكنا الشديد في تسويق منتجاتنا الحالية والحفاظ على حصتنا السوقية في ذلك الوقت، حالت هذه الظروف دون قدرتنا على المضي قدمًا في تلك الخطط. كان تركيزنا الكامل منصبًا على دعم وتوزيع ما لدينا بالفعل في السوق، مما استهلك معظم مواردنا ووقتنا.
16- ماذا كانت هي غاية ما كنتم تودون تقديمه خلال حقبة ٨-بت؟
خلال حقبة 8-بت، كانت غايتنا النهائية تقديم منتج تعليمي عربي متكامل ينافس المنتجات الأخرى، وبأسعار منافسة جدًا في متناول الجميع. ورغم أن منتجاتنا وبرامجنا كانت بدائية بالمقارنة مع كمبيوتر صخر التعليمي مثلاً، سعينا لإنشاء نظام يوفر تجربة تعليمية ممتعة وغنية للأطفال العرب، يجمع بين المناهج الأساسية والتفاعل الصوتي والمرئي. كان هدفنا الأساسي هو تقديم التعليم بالترفيه (Edutainment)، لكسر حواجز اللغة في المحتوى التقني وتقديم قيمة تعليمية حقيقية لمجتمعنا.
17- بمناسبة الحديث عن البت Bit، عبارة 12-بت على الجهاز الناطق اكتشفنا منذ عدة سنوات بتحليل دائرة الجهاز أن ذلك يعني عمق البت Bit Depth لبيانات الصوت Audio Samples التي تخرج من معالج مختص Decoder بفك تشفير نسق ADPCM، وهذا ما يميزه عن إصدار قديم من نفس المعالج كان ينتج الصوت النهائي بدقة أقل 10-بت..
ولكن ما لفت نظرنا أكثر كلمة “المعلم” على صدر العلبة الخضراء.. هل كنتم بصدد عمل برمجيات تعليمية مصحوبة بالصوت على غرار كمبيوتر الصقر؟
• نعم، وجود كلمة “المعلم” على الجهاز الناطق لم يكن مصادفة؛ كانت النية بالفعل تتجه نحو تطوير برمجيات تعليمية مصحوبة بالصوت على غرار ما قدمه كمبيوتر صخر التعليمي.
• ربما كانت لدينا فكرة مبدئية وغير متبلورة تمامًا في ذلك الوقت بأن يكون “المعلم” خاصًا بالبرامج الدينية بشكل أساسي. لهذا السبب، استفتحنا بالقرآن الكريم -جزء عم- بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله، كخطوة أولى في هذا الاتجاه.
• باختصار: كان سعينا لا يتجاوز كونه لبنة أولى في بناء صرح ضخم طالما حلمنا به لخدمة اللغة العربية من خلال التعليم بالترفيه (Edutainment) والتعليم التقني، إلا أن هذا الصرح لم يكتمل للأسف.
18- تحضرنا أيضًا تقنية القراءة الآلية OCR التي طو رها المهندس علاء العجماوي.. هل كنتم على اطلاع بها أو شاركتم في تطويرها؟
بسبب انشغالنا بمشاريعنا الخاصة في تعريب الألعاب والبرامج المدمجة في الأجهزة، والتي كانت تتطلب تركيزاً وجهداً كبيراً، لذا لم يكن لدينا أي اطلاع على تقنية القراءة الآلية (OCR) التي طورها المهندس العجماوي في تلك الفترة، فضلاً عن عدم مشاركتنا في تطويرها.
19- هل كان لكم أي تعاون وقتها مع مؤسسة باوارث وجهازه “المثالي التعليمي” بحكم تواجدها بجواركم وقتها في سوق جدة الجنوبي؟
لا، لم تكن لدينا أي علاقة عمل أو تعاون مباشر مع مؤسسة باوارث، المُنتِجة والمطوّرة لجهاز “المثالي التعليمي”. فعلى الرغم من أننا كنا نعمل في نفس المجال، إلا أن مساراتنا كانت مختلفة تمامًا، خصوصًا وأن “المثالي” كان يُعتبر المنافس الأبرز خلف لكمبيوتر “صخر التعليمي.”