Dan Houser يحذر من مستقبل الألعاب في ظل الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي

Dan Houser يحذر من مستقبل الألعاب في ظل الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي

لم يكن ظهور Dan Houser في مقابلته الأخيرة حدثا عابرا بالنسبة إلى المهتمين بصناعة ألعاب الفيديو. فالرجل الذي ارتبط اسمه تاريخيا بشركة Rockstar وبسلاسل تعد من الأشهر في العالم لم يتحدث هذه المرة عن مشاريع جديدة أو ذكريات الماضي، بل اتجه مباشرة نحو موضوع يثير نقاشا واسعا منذ السنوات الأخيرة. الموضوع هو الذكاء الاصطناعي التوليدي وكيف أصبح حاضرا بقوة في مجالات كثيرة، من كتابة السيناريو إلى بناء العوالم الافتراضية، وصولا إلى تصميم الشخصيات والحوار. وبما أن التقنية تتقدم بسرعة، فإن من الطبيعي أن يبدأ البعض في التساؤل حول ما إذا كان هذا التطور قد يغيّر شكل الصناعة ويقلل من قيمة الإبداع البشري أو حتى يستبدله بالكامل. وهنا تحديدا برز موقف Houser الذي جاء واضحا وصريحا ومختلفا عن موجة التفاؤل الكبيرة التي يروّج لها البعض.

في المقابلة، بدا Houser هادئا وهو يعرض وجهة نظره، لكنه في الوقت نفسه لم يتردد في التعبير عن قلقه. فقد أوضح أن الذكاء الاصطناعي قادر بالفعل على تنفيذ بعض المهام بشكل جيد، خصوصا تلك التي تعتمد على المعالجة السريعة للبيانات أو توليد نماذج متكررة. لكنه شدد في المقابل على أن التقنية، مهما وصلت إلى مستوى متقدم، لن تتمكن من محاكاة التجربة الإنسانية التي يعتمد عليها الإبداع الحقيقي في ألعاب الفيديو. فالعالم الافتراضي الذي ينجح في لمس اللاعبين لا يولد بمجرد جمع معلومات وإعادة ترتيبها، بل يحتاج إلى عين ترى التفاصيل وحسا يلتقط الأشياء الصغيرة التي تمنح القصة روحها. وهذه، في رأيه، أمور لا يمكن أن يتقنها أي برنامج مهما بلغ مستواه. ولعل أكثر جملة أثارت انتباه الجمهور هي قوله إن بعض الأصوات التي تدعو إلى الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي تبدو أقل إنسانية وأقل إبداعا، وكأنه يشير إلى أن التمسك الأعمى بالتقنية يعكس ابتعادا عن الجوهر الذي جعل ألعاب الفيديو فنا مؤثرا عبر العقود.

عندما يتحدث Houser عن الإبداع، فإنه لا يتحدث من فراغ. فهو من الأشخاص الذين عملوا في قلب الصناعة خلال مرحلة صعبة جرى فيها بناء أفكار ضخمة من لا شيء تقريبا. ومهما قيل حول أسلوبه أو قراراته الإدارية، يبقى الرجل مؤمنا بأن عملية صناعة لعبة فيديو ناجحة تشبه إلى حد بعيد حرفة دقيقة تحتاج إلى فريق يفهم الجمهور ويتعاطف معه. وأشار في حديثه إلى أن الكاتب لا يختار الكلمات كما تختارها الخوارزمية، والرسام لا يرسم بعقله المجرد بل بأحاسيسه أيضا، والمصمم لا يبني المهمة في اللعبة بترتيب منطقي فقط بل بتجربة يريد إيصالها إلى اللاعب. وفي رأيه فإن أي محاولة لإسناد هذه العناصر إلى ذكاء اصطناعي بالكامل ستؤدي إلى نتيجة باهتة. ويمكن اعتبار هذه النقطة امتدادا لنقاش أوسع داخل الصناعة، حيث بدأت شركات عديدة في تجريب أدوات الذكاء الاصطناعي لتقليل التكاليف أو تسريع عملية التطوير. واللافت أن ردود الفعل تتفاوت، فهناك من يراها ثورة جديدة وهناك من يعتبرها تهديدا مباشرا لوظائف ومهارات تم بناؤها عبر سنوات طويلة.

أمر آخر لفت الأنظار هو أن Houser لم يطرح فكرته بطريقة متشنجة، بل ركز على أن التقنية ليست العدو. بل قال إن الأدوات الذكية قد تساعد المبدعين إذا استُخدمت بحكمة وإنها قادرة على إسناد بعض المهام المملة التي لا تضيف قيمة حقيقية للفن. لكنه أكد أن ما يقلقه هو طريقة التفكير التي تنظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل كامل للبشر بدل أن يكون وسيلة داعمة. وضرب مثالا على ذلك حين تحدث عن كتابة السيناريو داخل عالم الألعاب. فالتقنية قادرة على كتابة نصوص طويلة ومتناسقة، لكن هذه النصوص لا تحمل التجارب التي عاشها الكاتب ولا تمتلك تلك الشرارة التي تأتي من ملاحظة عابرة أو شعور داخلي أو حتى صراع شخصي. وهذا ما جعل الكثير من القصص العظيمة تصمد في الذاكرة لعقود. وأشار أيضا إلى أن اللاعبين يلاحظون الفارق، حتى لو لم يتحدثوا عنه بشكل مباشر، فهناك شيء في النصوص التي تُكتب بواسطة البشر لا يمكن استنساخه بسهولة مهما تطورت الخوارزميات.

الفقرة الأخيرة في حديث Houser كانت الأكثر تأثيرا لأنها تجاوزت حدود ألعاب الفيديو وتطرقت إلى مستقبل الإبداع البشري بشكل عام. فقد أشار إلى أن البشرية قطعت شوطا طويلا بفضل أفكار المبدعين والكتاب والفنانين الذين تركوا بصماتهم على كل شيء من الموسيقى والسينما إلى الأدب والتقنية. ورأى أن موجة الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي تأتي أحيانا من أشخاص يريدون تجاوز هذه المسيرة بطريقة سريعة وغير مدروسة. واعتبر أن الإبداع ليس مجرد منتج نهائي، بل هو تجربة يعيشها صاحبه لحظة بلحظة. ولا يمكن، بحسب تصوره، فصل العمل الفني عن الإنسان الذي صنعه. ولذلك فإن الدعوة إلى استبدال البشر بشكل كامل تعكس، كما قال، رؤية مختصرة وخالية من العمق لجوهر الفن. ثم أنهى حديثه بتأكيد أن المستقبل المثالي لصناعة الألعاب هو ذلك الذي يجمع بين قوة الأدوات الذكية ومهارات البشر بطريقة متوازنة، بحيث تظل التقنية أداة في يد المبدع وليس العكس.

Related posts

احتمالات مثيرة حول تحديث جديد ل Cyberpunk 2077 مع اقتراب الذكرى الخامسة

عودة العميل 47 تلوح في الأفق بعد تصريح IO Interactive

تسريب جديد يكشف ملامح نظام التنقل في GTA 6