في مشهد يؤكد طموح المغرب في التحول إلى منصة إقليمية ودولية لصناعة الألعاب الإلكترونية، شهد معرض Morocco Gaming Expo توقيع اتفاقية استراتيجية جمعت المملكة بشركة GXC الكورية الجنوبية، إحدى أبرز الأسماء في صناعة الألعاب وتقنيات الشبكات التفاعلية. المبادرة التي أشرف عليها وزير الشباب والثقافة والتواصل تهدف إلى فتح آفاق جديدة أمام الشباب المغربي في هذا القطاع الديناميكي، الذي يعرف نموًا متسارعًا على الصعيد العالمي، ويسعى المغرب إلى الاستفادة من زخمه الاستثماري والابتكاري.
وجاءت هذه الخطوة تتويجًا لسلسلة من اللقاءات التي عقدتها الوزارة مع عدد من الفاعلين الدوليين خلال المعرض، والذي يشكل أول حدث من نوعه في البلاد مخصص حصريًا لصناعة الألعاب الإلكترونية. حضور شركة GXC لم يكن مجرد مشاركة شكلية، بل عكس رغبة فعلية في التموقع داخل السوق المغربية، عبر نقل الخبرة التقنية الكورية وربط جسور التعاون مع المطورين المحليين ومراكز التكوين والمؤسسات الجامعية ذات الصلة.
الحدث لم يقتصر على الجانب الاستثماري فقط، بل شهد لحظة فارقة في تاريخ المنافسات الإلكترونية بالمغرب، حيث احتضن المعرض النهائيات الكبرى لمسابقة Street Fighter، اللعبة التي شكلت حجر أساس في مسار ألعاب القتال منذ التسعينيات، والتي كان وراء تطويرها المصمم الياباني الشهير Yoshiki Okamoto، الذي حل ضيف شرف على المعرض، وجلس إلى جانب المسؤولين لتكريم الفائزين وسط حضور جماهيري لافت.
وقد تم تتويج الأبطال الثلاثة الذين تألقوا في هذه البطولة بجوائز مالية معتبرة؛ حيث حصل الفائز بالمركز الأول على مبلغ 50.000 درهم، فيما حصل الفائز بالمركز الثاني على 30.000 درهم، والثالث على 20.000 درهم. ولم يكن التتويج لحظة احتفالية فقط، بل مثل رسالة واضحة أن المغرب يراهن على الكفاءات الشابة في تطوير هذا القطاع وقيادته إقليميًا.
ما يميز هذه الدورة من Morocco Gaming Expo هو التناغم بين الرؤية الحكومية لدعم الاقتصاد الرقمي، والطموح الشبابي المتنامي لصناعة مكانة عالمية في مجال تطوير الألعاب. إذ أن حضور شخصيات دولية من عيار Okamoto يؤكد أن المغرب لم يعد مجرد سوق استهلاكية، بل بات مرشحًا ليكون مركز إنتاج وابتكار بامتياز.
كما شهد المعرض سلسلة من الورشات والجلسات التفاعلية التي جمعت مطورين مستقلين، وناشرين دوليين، وشركات ناشئة مغربية، ما أتاح فرصًا نوعية للتبادل وتطوير المهارات. وقد تم الإعلان عن مبادرات مستقبلية تشمل برامج دعم وتمويل للمطورين المحليين، إلى جانب تحفيز الاستثمارات الأجنبية عبر تسهيلات ضريبية وتشريعية سيتم الكشف عنها لاحقًا.
هذه الدينامية المتصاعدة تأتي ضمن رؤية شاملة تتبناها المملكة لتعزيز اقتصادها الرقمي، وخلق فرص شغل جديدة، وتحفيز الإبداع، خصوصًا في صفوف الشباب الذين يمثلون شريحة واسعة من السكان. ولا شك أن الشراكة مع GXC ستفتح أبوابًا جديدة للتعاون مع آسيا، وستساهم في رفع مستوى الصناعة المغربية في هذا المجال الحيوي.
النسخة المقبلة من المعرض، والتي يُرتقب تنظيمها خلال صيف 2025، قد تشهد مشاركة أوسع من الشركات العالمية، وربما إطلاق أولى المبادرات الإنتاجية المشتركة بين المغرب وكوريا الجنوبية. وكل ذلك يجعل من Morocco Gaming Expo ليس مجرد حدث عابر، بل ركيزة لبناء مستقبل تكنولوجي متكامل.